الأحد 7 يوليو 2024

«ثورة 1919» نقطة مضيئة في التاريخ الوطني.. خبراء: تركت أثارا عميقة في مصر والعالم.. أصبحت رمزا للوحدة الوطنية في وجه أي عدوان.. وانتصارا شعبيا ضد الظلم والانتهاك

تحقيقات9-3-2019 | 16:30

تظل ثورة 1919 التي تحل ذكراها اليوم نقطة بيضاء في تاريخ مصر الحديث لمواجهة الظلم والاستعباد والحصول على الاستقلال التام وجلاء قوات الاحتلال الإنجليزي عن مصر، وفقا لرؤية أساتذة التاريخ، الذين أكدوا أن تلك الثورة وحدت جميع أطياف الشعب المصري، وبات المنبر وجهة القساوسة، والكنيسة قبلة المشايخ بما قطع الطريق على مخططات الاحتلال الإنجليزي.

وتحل اليوم ذكرى اندلاع ثورة 1919، وهي ثورة شعبية وسياسية جرت أحداثها فى عهد الملك فؤاد الأول كان هدفها الأساسي المطالبة باستقلال مصر عن بريطانيا، شارك فيها كل الطبقات والطوائف في مصر من فلاحين وموظفين وحرفيين وطلبة وحتى النساء.


الوحدة الوطنية

أكد الدكتور عاصم الدسوقي، أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان، أن ثورة 1919 التي تتوافق ذكراها اليوم 9 مارس، هي ثورة شعبية خالصة، توافق واتحد فيها جميع أطياف الشعب المصري ضد الاحتلال الإنجليزي بهدف الاستقلال التام وجلاء الإنجليز إلا أن المطلب لم يتحقق بالكامل نتيجة الانقسامات داخل الوفد.

وقال أستاذ التاريخ الحديث بجامعة حلوان لـ«الهلال اليوم» إن نفي سعد زغلول لمالطة كان شرارة الثورة الأولى التي انطلقت من مدارس الحقوق المحيطة لمنزل سعد زغلول، بعد أن رفض الاحتلال البريطاني سفر سعد زغلول إلى باريس للمشاركة في مؤتمر فرساي للمطالبة بتطبيق حق تقرير المصير للشعوب المغلوب على أمرها.

وأوضح أن اعتقال سعد زغلول في 8 مارس ونفيه إلى جزيرة مالطا في صباح اليوم التالي، والتي كانت مستعمرة بريطانية، أغضب المصريين وزاد من الاحتقان في الشارع المصري، مشيرا إلى أن طلاب مدرسة الحقوق المجاورة لمنزل سعد زغلول انتفضوا وخرجوا يوم 9 مارس في تظاهرات غاضبة رافضين اعتقال سعد زغلول، وهتفوا ضد الإنجليز.

وأكد أن موجة الغضب لم تقتصر على طلاب المدارس بل انتقلت بين الأقطار المصرية والقرى في القاهرة الكبرى التي زادت فيها الاحتجاجات بشكل كبير وارتفع سقف المطالب فيها إلى رحيل الإنجليز عن مصر.

وأشار إلى أن المصريين استطاعوا قهر الإنجليز بالوحدة الوطنية بعد أن أفشلوا محاولات إثارة الفتنة بين الأقباط والمسلمين، فصعد القساوسة المنبر وألقوا أحاديثهم في المساجد، بينما ألقى المشايخ خبطهم في الكنائس، مؤكدا أن المصريين كانوا أقوى من كل محاولاتهم وظهرت روح الوحدة الوطنية.

الآثار الإيجابية

ووجه خالد محمد عبد المنعم قنديل، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد ورئيس اللجنة الاقتصادية بالحزب، التهنئة للشعب المصري بمناسبة حلول الذكرى المئوية لثورة 1919، مؤكدا أنها  تعتبر من أهم الثورات في تاريخ مصر الحديث، ولا تزال ملهمة للشعب المصري والشعوب العربية والإفريقية.

وأوضح قنديل، أن ثورة 1919 تأتي أهميتها من كونها أكدت على فكرتين في غاية الأهمية، أولا اكتمال بناء الدولة الوطنية المصرية الحديثة، وثانيا أن الحركة الوطنية المصرية استمدت ثوابتها من هذه الثورة وهي سيادة الأمة فى مواجهة الخارج وأن تكون مستقلا يعني نهاية الاحتلال لأن المحتل لا يمكن أن يكون سيدا، والوجه الآخر الداخلي للثورة أن يكون لها دستور حتى يكون الشعب هو الحاكم وليس شخص السلطان أو الملك، كما رسخت الثورة لمبدأ الوحدة الوطنية بمعنى أن تكون المواطنة هي أساس الحقوق والواجبات العامة بصرف النظر عن الدين أو الجنس أو العرق.

وأضاف أن ثورة 1919 حققت لمصر المطالب التي كانت تنادي بها وهي إلغاء الحماية والاستقلال والدستور، كما أدت لظهور القومية المصرية والانسلاخ تماماً عن الإمبراطورية العثمانية والابتعاد عن القومية الإسلامية بحيث أصبح المصريون ينتمون إلى وطن واحد هو من أعرق أوطان العالم.

ولفت إلى أن الثورة عملت على تحرير المرأة بالتعليم والعمل والمساهمة المجتمعية، وتحققت فكرة الدولة المدنية التى يحكمها الدستور وليس الدين.

ترسيخ الديمقراطية

وأشار إلى أن الثورة وراء ترسيخ مبادئ الديمقراطية وتكوين الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات الأهلية، كما كانت سببا مباشرا لصدور الدستور المصري المتميز عام 1923 والذي يرجع الفضل فيه إلى نضال ثورة 1919.

وأوضح عضو الهيئة العليا للوفد أن هذه الذكرى من حق الشعب المصري كله أن يحتفل بها، باعتبار أنها تمثل أيضا نقطة تحول في التاريخ الحديث للشعب المصرى، حيث إنه فى يوم 9 مارس عام 1919 أصبح الشعب المصري لاعبا أساسيا فى الحياة السياسية المصرية كما أن ثورة 1919 تركت تغيرات عميقة في القانون والمجتمع ليس على مستوى مصر ولكن على الوطن العربي أيضًا.

وأشار إلى أنها أحدثت أثارًا عظيمة في العالم العربي ويجب الاحتفال بها على مستوى العواصم العربية والإفريقية وليس في مصر فقط.

وبين خالد قنديل إلى أنه عقب ثورة 1919، اندلعت الثورة العراقية عام 1920 ضد الاستعمار البريطاني باعتبار أن ثورة 1919 كانت محرك للثورة العراقية وذلك اعترف به المؤرخون العراقيون.

وأكد أنها أثرت في ثورة 1924 بالسودان وكانت سببًا في اندلاعها، وأيضا كانت الثورة المصرية سببا في نجاح ثورة 1925 في سوريا ضد الاستعمار الفرنسي، كما أحدثت زخمًا في الانتفاضات الفلسطينية.

واختتم خالد قنديل، تصريحاته، بتوجيه التحية لكل شهداء الوطن، بداية من شهداء ثورة 1919 مرورا بشهداء ثورتي 25 يناير و30 يونيو، وصولا لأبطال مصر من شهداء القوات المسلحة والشرطة المصرية الذي يبذلون أرواحهم فداء الوطن.