يحسب لمصر الفضل والسبق في إنشاء أول إذاعة متخصصة للقرآن الكريم في المنطقة العربية، وكانت أول الدول التي توفد أيضاً علماء الأزهر ورجال الدين إلى الدول الأوربية وشرق آسيا ومنها ماليزيا وأندونيسيا لتعليم أصول الدين الإسلامي بسماحته مع إيفاد بعثات لكبار القراء لنشر التلاوات الصحيحة للقرآن، وفي أوائل عام 1964 تم الإتفاق على إنشاء إذاعة متخصصة، يبث منها القرآن الكريم، ولإنشائها أسباب نعرضها في السطور التالية.

قامت إحدى الجهات المضللة في أوائل الستينيات بطبع نسخ مذهبة من القرآن الكريم على ورق فاخر وغلاف أنيق، وحملت تلك النسخ تحريف مقصود لبعض الآيات، منها الآية 85 من سورة آل عمران حيث قال تعالى: "وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ" ، وتمت الطباعة مع حذف كلمة "غير" مما يعطي الآية عكس معناها، وكانت هناك عدة تحريفات أخرى خفية، وقد طرحت هذه الطبعة المحرفة رغم فخامتها بثمن رخيص وعلى شكل هدايا.

وعند اكتشاف تلك الفعلى الخبيثة التي تسعى لتغيير معاني القرآن وتحريف آياته هب رجال الأزهر ووزارة الأوقاف للرد على تلك الهجمة، واستقر الرأي على أن يتم تسجيل القرآن الكريم كاملاً على أسطوانة بصوت الشيخ محمود خليل الحصري وتوزع على كل المراكز الإسلامية والمسلمون في أنحاء العالم، ولكن تبين عدم جدواها في بعض البلدان التي لم تكن تساير التطور وتمتلك آلات تشغيل الأسطوانات ولعدم انتشار الكهرباء أيضاً في بعض البلدان.

طرح الدكتور عبد القادر حاتم وزير الثقافة والإرشاد على الرئيس جمال عبد الناصر فكرة إنشاء إذاعة للقرآن الكريم لتكون وسيلة أمنة لبث القرآن من مصر وتحافظ عليه من العبث والتحريف، وعلى الفور أمر الرئيس جمال بسرعة إنشائها، وفي صباح الأربعاء 25 مارس بدأ إرسال الإذاعة، وحرصت على بث القرآن كاملاً بتسلسل السور والآيات لمدة 14 ساعة يومياً، مع طرح الأحاديث وبعض من النبوية كفواصل بين فترات التلاوة.