الخميس 1 اغسطس 2024

مفتي الجمهورية : الوسطية والرحمة هما ميزان الحق وطوق النجاة للعالم

أخبار28-3-2019 | 14:19

 أكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، إن المجتمع الدولي في حاجة ماسة إلى قيم الرحمة والسلام التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف لا كشعارات رنانة ولا كدعاوى فضفاضة، بل كأخلاق حميدة وسلوك قويم ومعاملة راقية وتعايش سلمي.

وقال المفتي - في كلمته ، أمام مؤتمر "الإسلام رسالة الرحمة والسلام" الذي تنظمه الإدارة الدينية لمسلمي جمهورية الشيشان، بالتعاون مع رابطة العالم الإسلامي، وصندوق دعم الثقافة والعلوم والتربية الإسلامية التابع لمكتب رئيس روسيا، ويقام في العاصمة الروسية "موسكو" اليوم الخميس، بحضور الدكتور محمد عبد الكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي - إن الظروف العصيبة التي يعيشها المجتمع الدولي الذي يعاني من موجات إرهاب متتالية عاتية، عنيفة لا ترحم، وعمياء لا تفرق – كان من المناسب معها أن نحيي في أنفسنا معاني "الرحمة والسلام والتسامح والتعايش والإخاء".

وأضاف قائلًا: تلك المعاني الراقية السامية يلخصها عنوان المؤتمر، وتقدم حقيقة ديننا وكل الأديان السماوية وتعكس أخلاق نبينا محمد صل الله عليه وسلم وكذلك أخلاق إخوانه من الأنبياء عليهم السلام، فالرسول صل الله عليه وسلم رحمة مهداة إلى الكون كله، قال الله عنه في كتابه الكريم: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107]، فالرحمة والسلام هما جوهر الإسلام وحقيقة الإيمان وثمرة الإحسان، وإنما كان ذلك عرفًا سائدًا وقاعدة ثابتة، حتى تكون الرحمةُ أساسًا لرسالة العالم ومبدأً يحيا عليه ونبراسًا يهتدي به.

وتابع "نقول هذا على الرغم مما يلقاه الإسلام اليوم من ظلم وعنت وتشويه من بعض وسائل الإعلام الغربية، التي تتعمد أن تلصق بديننا الحنيف تهمًا باطلة ما أنزل الله بها من سلطان، فإن ما نراه اليوم من عنف وعنف مضاد، وإرهاب وإرهاب مضاد أمر يَدمى له القلب، ويفتت الكبد، ويَندى له الجبين، حيث تتحول مبادئ الأديان الراقية السامية إلى دعوات للقتل والعداون، لا يرضى عنها محمد ولا موسى ولا المسيح عليهم جميعًا أفضل الصلاة وأتم التسليم".

ولفت مفتي الجمهورية النظر إلى أن حملات تشويه الإسلام قد رسخت ما عرف بالإسلاموفوبيا، ما تسبب في حالة الكراهية والعدوان لدى بعض من لم يقرأ حرفًا واحدًا من مصدر موثوق صحيح عن الإسلام ولا عن رسول الإسلام صل الله عليه وسلم، الذي كان رحمة وسلامًا للعالمين حتى أحبه كل من عرفه آمن به أو لم يؤمن به، مشيرًا إلى أن الحجة الواهية التي تستند إليها حملات تشويه الإسلام، هي الإرهاب الذي تقوم به شرذمة لا خلاق لهم ممن ينتسبون إلى الإسلام زورًا وبهتانًا، والإسلام بريء منهم حقيقة وفعلًا.

وأوضح أنه على الرغم من براءة القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وجميع المسلمين في أقطار الأرض شعوبًا وحكوماتٍ ومؤسساتٍ دينية وعلى رأسها الأزهر الشريف ودار الإفتاء المصرية من العمليات الإرهابية الفردية، وعلى الرغم ما تبذله تلك المؤسسات من جهود جبارة في مكافحة الإرهاب وتفكيك أفكار الجماعات الإرهابية، لكن -وللأسف الشديد- تصر بعض وسائل الإعلام على حملات التشويه تلك وإلصاق التهم الباطلة بالإسلام ما يبعث على الريبة والشك في أهداف ومرامي تلك المؤسسات.

وناشد مفتي الجمهورية حضور المؤتمر من العلماء ، قائلًا: إنه من الواجب علينا إزاء هذه الظروف والأحداث أن نتمسك بهدي رسول الله صل الله عليه وسلم، الذي لم يكن يَزيده جهلُ الجاهلين عليه إلا حِلمًا، ولم تَزده حملات الإساءة إليه التي وصلت إلى حد الحصار والتجويع والتهجير والتعذيب إلا شفقة على القوم وإحسانًا إليهم ورحمة بهم ورغبة ملحَّة في العمل على إنقاذ أرواحهم ونجاة نفوسهم"، مشددًا على التمسك بهدي رسول الله صل الله عليه وسلم، والعمل بكل ما أوتينا من قوة وطاقة، على إيصال الصورة الحقيقية عن الإسلام للناس أجمعين، ونشر أخلاق وتعاليم وشمائل الرسول السامية الراقية بين العالمين.

وأردف المفتي، مؤكدًا أن الإسلام شأنه شأن جميع الأديان السماوية التي مصدرها الوحي الشريف كاليهودية والمسيحية، وغير السماوية كالبوذية، كلها أديان راقية تدعو في جوهرها وحقيقتها إلى الرحمة والسلام والتعايش والتعارف بين بني البشر جميعًا على اختلاف أديانهم وألسنتهم وألوانهم وأعراقهم، مرددًا قول الله تعالى :{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}، ومن ثم فإننا إذ نلصق تهمة الإرهاب بأي دين نتيجة قيام بعض أفراده المنتسبين إليه بعمل إجرامي نكون قد ابتعدنا كثيرًا عن جادة الحق وطريق الصواب، فالأديان لم تنزل من السماء إلا رحمة لأهل الأرض، والأنبياءُ والرسلُ لم يبعثهم الله إلا رحمة للناس، والكتبُ السماوية تتفقُ جميعها في الحثِّ على الرحمة والسلام والتعايش والدعوة إليها ونشرها خلقًا وسلوكًا بين العالمين.

وأشار إلى أنه إذا تأملنا أحوال العالم من حولنا على كافة الأطر والمستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية سنرى أنَّ أكبر مشكلة تواجه عالمنا الآن هي غياب قيمة الرحمة، فمع غياب الرحمة يتولد العنف والإرهاب، ويتوارى السلام ويختفي الأمن، ومع افتقاد الرحمة يتمكن الفقر وتفشو الأمراض الاجتماعية والصحية، مشددًا على أن نشر قيمة الرحمة والسلام هو أمل العالم في التخلص من كل هذه المشكلات. 

وتساءل مفتي الجمهورية في ختام كلمته قائلا: "كيف يتهم دين بهذا السمو وبهذا الرقي بأنه دين يدعو إلى الإرهاب؟ كيف يتهم دين أساسه الرحمة والتسامح بأنه دين يدعو إلى العنف؟".. لافتًا النظر إلى أن العالم اليوم وهو ينعطف هذا المنعطف الخطير نحو العنف والعنف المضاد، والإرهاب والإرهاب المضاد، فإنه بحاجة ماسة إلى التعريف بأخلاق رسول الله صل الله عليه وسلم ونشرها بين العالمين لا للدفاع عن الإسلام وتحسين صورته فقط بل لتعميم هذه الأخلاق بين العالمين، فالإسلام دين محبة ودين إخاء ودين تعايش ودين إحسان ودين رحمة، معربًا عن آماله في تفعيل توصيات المؤتمر في صورة برامج وأهداف على أرض الواقع، خاصة أن العالم في مَسيس الحاجة إلى نتائج العقول والأبحاث والجهود، واصفًا العلماء الوسطيين بأنهم "ميزان الحق، ومشعل النور، وأطواق النجاة".