تشهد تونس حراكا سياحيا ملحوظا لاسيما في العاصمة التونسية التي تشهد حضور ما بين 5 و6 آلاف ضيف من الوفود الرسمية وغير الرسمية للمشاركة في فعاليات القمة التي تنطلق في تونس غدا.
في ضوء هذه المشاركة الكبيرة، بلغت نسبة الإشغال في الفنادق بالعاصمة التونسية 100%، وبالأخص خلال الــ 10 أيام التي سبقت انطلاق القمة وتستمر لمدة أيام قليلة بعد انتهاء أعمالها.
ويمثل الوفد السعودي أكبر الوفود المشاركة، بالنظر إلى أن المملكة العربية السعودية هي الرئيس الحالي للقمة والتي ستقوم بتسليم الرئاسة إلى تونس، ويصل عدده إلى أكثر من ألف شخص، إلى جانب 20 وفدا رسميا يمثلون الدول العربية من ملوك وأمراء ورؤساء ووزراء، إضافة إلى الوفود الممثلة للمنظمات الدولية والإقليمية، مثل الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وحضور أكثر من ألف صحفي من مختلف وسائل الإعلام التونسية والعربية والأجنبية لتغطية هذا الحدث المهم.
في هذا السياق، أكد وزير السياحة والصناعات التقليدية التونسي روني الطرابلسي، في تصريحات له اليوم، في تونس، أن وزارته أولت اهتماما أوليا بكافة الاستعدادات الخاصة باستقبال الوفود المشاركة في القمة العربية، وحرصت على توفير الظروف الملائمة لإنجاح هذا الحدث الكبير، والتأكد من استعداد الوحدات الفندقية بشكل جيد لاستقبال الوفود وتوفير ظروف إقامة متميزة، والحرص على جودة الخدمات المقدمة.
وأشار إلى أن تونس حرصت على تنظيم استعدادات خاصة لاستقبال الوفود على مختلف تقاليدهم وعاداتهم، موضحا أن المطاعم السياحية أعدت الأكلات والوصفات المميزة لمختلف الدول المشاركة، إلى جانب الأكلات التونسية الشهيرة، ونفس الشئ بالنسبة للمقاهي خاصة بالمناطق السياحية، وقال إنه تم تنظيم زيارات سياحية لضيوف القمة إلى مختلف المعالم الأثرية والتاريخية والمناطق السياحية .
وأضاف الوزير إنه تم تنظيم معرض للصناعات التقليدية في الفترة من 22 حتى 31 مارس الجاري بالتزامن مع فعاليات القمة العربية، وتم إعداد برنامج خاص لضيوف القمة لزيارة هذا المعرض والتعرف على أنشطته ومنتجاته، كما شهد مطار تونس قرطاج الدولي تخصيص أماكن للإرشاد السياحي، وكذلك لعرض المنتجات التقليدية المميزة لتونس.
وحول خطة تونس لاستعادة مكانتها السياحية على الصعيدين العربي والدولي في عام 2019، أفاد الطرابلسي بأن وزارة السياحة بمختلف هياكلها تعمل باستمرار للترويج للوجهة السياحية التونسية من خلال المشاركة في المعارض والمؤتمرات والمهرجانات الدولية للسياحة مثل مهرجان باريس وبرلين وهوليوود وموسكو، فضلا عن مشاركة تونس في المعارض والمهرجانات التي تنظمها الدول العربية ومنطقة الخليج بهدف استقطاب أكبر عدد ممكن من السياح.
وأوضح أن استراتيجية وزارته تهدف إلى جعل الموسم السياحي يتجاوز الإطار الزمني الضيق المرتبط بفصل الصيف ليمتد طوال العام، لذلك تعمل الوزارة على تنويع المنتج السياحي والترويج للسياحة البديلة على غرار السياحة الثقافية والرياضية والجبلية والصحراوية، كما تعمل الوزارة على تطوير قطاع الصناعات التقليدية باعتباره عنصرا أساسيا في تطوير وتنويع المنتج السياحي، مشيرا إلى أن تونس تهدف لاستقطاب 9 ملايين سائح خلال عام 2019 وتحسين العائدات السياحية مقارنة بالعام الماضي.
ويبلغ عدد الفنادق بتونس العاصمة 208 فنادق وفقا للبيانات الرسمية من الجامعة التونسية للفنادق، وسجلت نسبة الإشغال بها على مدار العشرة أيام الماضية ارتفاعا ملحوظا وصلت نسبته إلى 100% في معظم فنادق العاصمة.
في هذا السياق، ذكر مدير أحد الفنادق الكبرى بوسط العاصمة تونس، والقريب من قصر المؤتمرات الذي تعقد به أعمال القمة العربية - في تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط - أن القمة ساهمت بشكل واضح في إشغال فنادق العاصمة التونسية، موضحا أن نسبة الإشغال لديه في الفندق بلغت 100% طوال الأسبوع الذي سبق القمة وتستمر بهذه النسبة حتى 2 أبريل المقبل، كما أن كل الفنادق الواقعة في وسط العاصمة نسبة الإشغال فيها كاملة.
وأشار إلى أن 100% من النزلاء لديه بالفندق من الوفود العربية، كذلك الحال بالنسبة للفنادق الأخرى في وسط العاصمة، أما الفنادق الواقعة في ضاحية "قمرت" بالمنطقة الشمالية بتونس فتتراوح بها نسبة النزلاء العرب بين 80 إلى 90%، إلى جانب مجموعة من الوفود الأجنبية.
ويتفق فريق واسع من المراقبين على أن القمة العربية أصبحت تشكل تحديا حقيقيا أمام تونس، ليس فقط على صعيد تحقيق نجاحات سياسية وتوافق في الرؤى بين الدول المشاركة، ولكن أيضا فيما يتعلق بقدرتها على تطوير سياحة المؤتمرات والاستفادة اقتصاديا منها، خاصة وأن قطاع السياحة يحظى بأهمية ملحوظة في تونس حيث يمثل هذا القطاع 8% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ويساهم في توظيف 400 ألف شخص.
ويبدو جليا أن السياحة التونسية تشهد حاليا فترة من التعافي عقب الأحداث الإرهابية التي تعرضت لها البلاد عامي 2015 و2016، والتي تسببت في تقليص نسبة السياح الوافدين إلى تونس بأكثر من 35%، وهو ما أدى بدوره إلى تراجع حاد في إيرادات هذا القطاع.
وأظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي التونسي في يناير الماضي، أن إيرادات السياحة قفزت إلى 1,36 مليار دولار عام 2018 بزيادة 45% على 2017، وذلك مع التنامي الملحوظ في أعداد السياح الوافدين إلى تونس ووصوله إلى 8,3 مليون زائر، وهو رقم قياسي بالنظر إلى أعداد السائحين خلال الأعوام الماضية، فضلا عن عودة مجموعة من كبرى الشركات السياحية الأوروبية للعمل في تونس بعد انقطاع لأكثر من 3 سنوات.
ويحتل الجزائريون المرتبة الأولى من حيث عدد السياح الوافدين إلى تونس إذ بلغ عددهم عام 2018 نحو 2,3 مليون شخص، بينما يُنتظر أن يبلغ عددهم خلال العام الجاري نحو 4 ملايين شخص.
كما يشكل السياح الأوروبيون والروس القسم الأكبر من السياح الوافدين إلى تونس وتصل نسبتهم إلى أكثر من 44,9%، في هذا السياق أوضح وزير السياحة التونسي، في تصريحات سابقة، أن عدد الفرنسيين الوافدين إلى بلاده خلال عام 2018، زاد بنسبة 37% مقارنة بعام 2017 ليصل إلى 800 ألف سائح، مشيرا إلى أن بلاده تستهدف الوصول إلى مليون فرنسي خلال 2019.
وتهدف تونس أيضا إلى استقبال 400 ألف سائح ألماني خلال العام الجاري، والعمل على بلوغ هدف مليون سائح ألماني خلال السنوات القليلة القادمة في ظل تحسن العديد من المؤشرات المتعلقة بقطاع السياحة، وعلى رأسها تأمين المناطق السياحية وتحسين جودة الخدمات.
وعلى الرغم من التحسن الملحوظ الذي تشهده السياحة التونسية، يواجه هذا القطاع تحديا مهما يتمثل في نقص الأيدي العاملة في السياحة، ويرجع ذلك إلى هجرة الأيدي العاملة المتخصصة إلى أوروبا إلى جانب الحاجة لبناء فنادق جديدة، وتقديم خدمات جديدة، في ضوء ذلك، نظمت وزارة السياحة التونسية عمل 8 مدارس خاصة، يدرس فيها حوالي 150 طالبا، سيكون لديهم إمكانية في ما بعد للحصول على شهادة جامعية في جامعة تخرج الطلاب المختصين بالسياحة.
ودعا وزير السياحة التونسي العاطلين عن العمل إلى التوجه للقطاع السياحي، مؤكدا توافر العديد من فرص العمل في هذا القطاع لا سيما في الفنادق والمطاعم السياحية، موضحا أن الوزارة تبحث إمكانية إنشاء موقع إلكتروني يتضمن عروض العمل التي تطلبها الفنادق، بما سيسهل على العاطلين الحصول على عمل.
إضافة لذلك طلبت تونس رسميا من المنظمة العالمية للسياحة الحصول على مقعد في مجلسها التنفيذي، وهو ما لاقى ترحيبا من قبل الأمين العام للمنظمة زوراب بولوليكاشفيلى، الذي زار تونس الشهر الجاري، وأبدى استعداد منظمته لمساعدة تونس على تطوير استراتيجيتها ومشاريعها في قطاع السياحة لاسيما في مجال التدريب، مشيرا إلى وجود خطة عمل لمدة 4 سنوات لتعزيز القطاع السياحي، والتوجه لإقامة مركز دولي للسياحة في تونس بهدف النهوض بالسياحة التونسية وتحسين جودتها.