الجمعة 17 مايو 2024

فيديو وصور.. مكالمة هاتفية لمركز صيانة محمول تقود المباحث لقتلة الطفل محمود.. والده لـ"الهلال اليوم": شائعة عثوري على قطع أثرية وراء الجريمة.. وجدته: قتلوا حفيدي بدم بارد

تحقيقات11-4-2019 | 15:43

كانت الحياة تسير بطريقة طبيعية داخل قرية أم دينار، التابعة لمركز منشأة القناطر بالجيزة، حتى تناثرت شائعة مفادها عثور محمد حافظ - مزارع - على قطع أثرية، ورغم أن الشائعة لا أساس لها من الصحة، إلا أنها انتشرت فى القرية الصغيرة انتشار النيران فى الهشيم، وبالرغم من بساطة حال المواطن، إلا أن جاره فى المنزل الملاصق له، لم يصدق أن هذا الأمر مجرد شائعة.

 

ورصدت عدسة "الهلال اليوم" تفاصيل العثور على جثة الطفل محمود محمد حافظ البالغ من العمر 10 سنوات - في نهر النيل بمنطقة كوم حمادة بمحافظة البحيرة، حيث التقت "الهلال اليوم"، أسرة الطفل وجيرانه وهم أيضا جيران المتهم الأول  محمود .ع 18 سنة - مبيض محارة - يرتبط بعلاقة جيرة بالطفل، ويعلم هويته، وهو ما دفعه لاتخاذ قرارًا بقتل الطفل بأبشع الطرق بمساعدة  اثنين آخرين وهما: مصطفى.م" 25 سنة مبلط سيراميك، و"رجب.م" 27 سنة عاما.

 

البداية، عندما قرر المتهم الأول وشريكيه تنفيذ مخططهم باستقطاب الطفل محمود المجني عليه من أمام منزله لمساومة والده على القطع الأثرية التي أشيع في القرية امتلاكه لها، فانتظر شريكا المتهم الأول داخل سيارة أحدهما، وطلب المتهم الأول من الطفل الركوب، ثم اقتاداه إلى محل مهجور بمنطقة أبو غالب للتحفظ عليه ومساومة والده لتنتهى القصة بقتل الطفل.

 

مكالمة هاتفية تقود المباحاث للجناة

 

قال والد المجني عليه محمد حافظ، أنه فوجيء مساء يوم الخميس، 21 مارس الماضي، بتغيب نجله، ليقوم هو وأسرته وجيرانه وأصدقائه بالبحث عنه في كل مكان دون جدوى، فأسرع بإبلاغ ضباط مركز شرطة منشأة القناطر، وبدأ رجال المباحث العامة البحث عن الطفل، في الوقت الذي كان فيه المتهمين قد استكملوا مخططهم الذي انتهى بقتل الطفل حتى لا يرشد عن هويتهم، خاصة أنه يعرف المتهم الرئيسى باعتباره جاره بالقرية، إلا أنه قبل التخلص منه، سجلوا له مقطع فيديو يستغيث خلاله بوالده، ويطلب منه ضرورة الموافقة على المطالب الخاصة بالمتهمين، حتى لا يتم قتله بسلاح نارى بحوزتهم.

 

واستطرد والد الطفل: ساعات صعبة وقاسية مرت علينا بدون محمود.. ابني الوحيد على ثلاث بنات، كان روح والدته وأشقائه، بمثابة مصدر السعادة والبهجة التى غادرت منزلنا البسيط فجأة، لم أشك لحظة واحدة أن يد الغدر تأتي من جاري الذي بينا وبينه "عِشرة" حيث كان وقت تغيب محمود  يبحث معنا، تارة يبكى وأخرى يسوق لنا اقتراحات للعثور عليه فلم نشك لحظة أنه المتهم، حتى توصلت الشرطة إلى هوية المتهمين وضبطوهم وكانت المفاجأة أنه المتهم الرئيسي فى خطف وقتل نجلي وفلذة كبدي.

 

وتابع: "دا منظر بيت واحد بيتاجر فى الآثار"، "إحنا ناس على باب الله والناس بتتصدق علينا.. منه لله اللي روج للكلام دا"، وأضاف أن نشر شائعة عثوري على آثار كانت منذ عامين تقريبا.. وقتها كنت مريضًا بالكبد ووقف معي الكثير من رجال الخير وساعدوني في اجتياز مرضي، فلم يكون لدي القدرة حتى أرد علي شائعة انتشرت وقتها ولم أعط لها بالاً ولم أكن أدري أن نجلي الوحيد سيدفع ثمنها حياته".

 

استطرد: عشنا أيامًا صعبة ونحن نبحث عن نجلي، حتى جاء لي اتصال تليفوني في اليوم التالي من تغيب نجلي يبلغني بأنه لديه، ويهددني بقتله إن لم أعطه قطعًا أثرية أشيع إنني عثرت عليها، فحاولت تكرارا أن أبلغ المتصل أن هذا الكلام غير صحيح. فلم يصدقني وأرسل لي فيديو يحوي مقاطع استغاثة نجلي بي".

 

وأشار والد الطفل إلى أنه أثناء حديث المتهمين معه قال أحدهم إن والدة الطفل كريمة من المؤكد أنها معذبة الآن لحثي على الاستجابة لطلباتهم.. هذه العبارة جعلتني أتاكد أن المتهم بخطف نجلي من القرية لأنه يعرف اسم زوجتي كريمة فأسرعت لرجال الشرطة وقدمت لهم تسجيلًا صوتيًا من المكالمة التي سجلتها عبر هاتف زوج ابنتي، ومقطع الفيديو الذي أرسلوه لي، وبعد 24 ساعة من ذلك فوجئت برجال الشرطة يلقون القبض علي جاري واثنين آخرين من قرية كفر حجازي المجاورة لقريتنا، وأدركت منهم أنهم المتهمين بخطف نجلي واعترفوا بقتلهم لنجلي الذي عثرنا عليه جثة طافية على سطح النيل بمنطقة كوم حمادة في محافظة البحيرة ثم استلمنا الجثة من مستشفي دمنهور وقمنا بدفنه.

 

 وانتقلت عدسة "الهلال اليوم" إلى عم المجني عليه، والذي أشاد بأخلاق الطفل محمود الذي رغم صغر سنه إلا أن عقله كان كبيرا، وكان يحلم أن يصبح شيخًا أزهريًا لتفوقه في حفظ القران، مضيفًا أن المتهمين كانوا يتصلون بوالد الطفل من خلال رقم غير مثبت به أي بيانات إلا أن القدر ساقهم لأيدي المباحث حيث قام أحد اشقاء المتهمين وهو رجب بالاتصال من الرقم الذي تواصلوا به مع أخي أبو محمود على أحد السنترالات المحلية ليسأله عن صيانة تليفونه ومن هنا تمكن رجال المباحث بالتحري حول الخط للوصول لصاحب السنترال الذي أرشد عن المكالمة التي تلقاها من شقيق أحد المتهمين حتى تم الوصول إليه وكان هذا أول الخيط الذي قاد رجال الشرطة للمتهمين.. مطالبا بالقصاص من المتهمين.


والدة الضحية تروي تفاصيل فترة الاختفاء


أم الطفل محمود تروي لـ"الهلال اليوم" تفاصيل اختفائه، قائلة: كان معي في السوق لشراء بعض مستلزمات المنزل وقام باختيار كاوتش قمت بشرائه له لحضور زفاف نجلة خالته، وكان في منتهى السعادة في آخر لحظات رؤيتي له حيث قال لي أنه سيقوم باللعب مع أولاد جيراننا وكان من المعتاد أن يلهو ثم يعود للمنزل مرة أخرى، لكن أثارني الشك عندما حل المساء وشعرت في قلبي بأن محمود تم اختطافه حتى تأكدت بالفعل من اختطافه بعد اتصال المتهمين بنا وأبلغونا بأنهم اختطفوه وبدأوا يساومون والده في الحصول على قطع أثار وهمية أشيع أن زوجي عثر عليها منذ عامين ذلك الأمر الذي لم نعطه اهتماما حتى دفع ابننا حياته ثمنا لهذه الشائعة.

 

وتابعت: تلاعب المتهمون بمشاعرنا  تارة نسمع صوته فى التليفون، وهو يستغيث، وأخرى نسمع صوت الجناة وهم يهددونا بقتله، فقد كنا فى «فيلم رعب»، ولم ندرِ أنهم تخلصوا منه منذ البداية ويساومننا وهو فى ذمة الله.

 

أما جدة الطفل محمود ، فقالت: الإعدام  هو الشيء الوحيد الذي يبرد نار قلبي، مضيفة: سأعيش العمر كله حزينة على حفيدي، ولكن أملى في الله أن يقتص من الجناة، الذين روعوا حفيدي وقتلوه بدماء بارد، وحرموني منه، فقد كان يكبر أمام عيني يوماً بعد الآخر، وكنت أعده ليكون سنداً لوالده، لكنهم حرموني منه بسبب طمعهم.

 

وأكد جيران الطفل أنهم حتى الآن أنهم لا يصدقون ما حدث وأنهم يعيشون في فزع ورعب على أولادهم خاصة أن الجاني أحد جيرانهم الذي لم يشكوا فيه لحظة واحدة مؤكدين على حسن سلوك أسرة الطفل محمود وأنهم بسطاء وأن ما أشيع حول عثور والده على قطع أثرية كان منذ عامين، ولم يصدق أحد خاصة إن والد محمود وجدته مرضى بالكبد، وكان وقتها والده يعاني من المرض وكان أهل الخير يساعدونه في الحصول على العلاج فضلا عن قيام أحد بناته بالعمل من أجل مساعدة والدها طالبين بالقصاص من القتلة.

 

الجانى يعترف بجريمته

 

وأمام رجال المباحث، انهار المتهم الأول محمود جار المجني عليه معترفاً بجريمته كاملة، مؤكداً تداول شائعة باستخراج والد الطفل قطعتين أثريتين فاتفق مع شخصين على اختطاف ابنه وقتله، لخشيته من اعترافه عليه، وإيهام والده أنه على قيد الحياة ومساومته على إعادته مقابل تسليم القطع الأثرية.

 

وأضاف المتهم، أنه نجح فى استدراج الطفل بزعم شراء حلوى واصطحبوه داخل سيارة ميكروباص ملك وقيادة أحدهم، واحتجزوه بمحل مهجور بمنطقة أبو غالب، ثم صوروه فيديو يطلب فيه من والده الاستجابة لطلباتهم خشية قتله بسلاح نارى بحوزتهم، ثم خنقه أحدهم واعتقدوا وفاته فألقوه بمياه الرياح البحيرى، إلا أنهم فوجئوا أنه على قيد الحياة، فنزل أحدهم للمياه وأغرقه حتى تأكد من وفاته، ثم اتصلوا بوالده وساوموه على إعطائهم القطع الأثرية، وخلال المكالمة شغلوا الفيديو السابق تسجيله للمجنى عليه، لإيهامه بأنه مازال برفقتهم ويستغيث به.

 

 وأرشد المتهمون عن السيارة وطبنجة الصوت المستخدمتين فى الواقعة، وشريحة المحمول المستخدمة فى مساومة والد المجنى عليه.

 

 

وتلقى مركز شرطة منشأة القناطر بمديرية أمن الجيزة، بلاغاً من أحد المواطنين مقيم قرية أم دينار بخروج ابنه، 10 سنوات، للهو أمام منزله، وعدم عودته، وتلقيه اتصالا هاتفيا من مجهول طلب منه مبلغ مالى كفدية لإطلاق سراحه.

 

وتم تشكيل فريق بحث بمشاركة قطاع الأمن العام بإشراف اللواء علاء الدين سليم مساعد وزير الداخلية، واللواء دكتور مصطفى شحاتة مدير أمن الجيزة، حيث توصلت جهود رجال المباحث بإشراف اللواء عاصم أبو الخير إلى أن مرتكبى الواقعة ثلاثة أشخاص من بينهم جار المبلغ، وعقب تقنين الإجراءات تم ضبطهم، وبمواجهتهم اعترفوا بارتكاب الواقعة.