مرت الرواية المصرية الحديثة، بعدة مراحل من الازدهار والخمول، خاصة خلال الفترة الأخيرة من عمرها، إذ ظهر عليها ظواهر جديدة؛ كان من بينها كثرة الإنتاج الروائي.
وهي روايات حققت نجاحًا كبيرًا على مستوى القراءة، حتى اصطلح على تسميتها بروايات «البيست سيلر» أو «الأكثر مبيعًا»، في الوقت الذي لم يصنفها كثر من النقاد على أنها أدب حقيقي؛ بل يعتبرونها روايات ستأخذ وقتها ثم تنتهي إلى لا شيء، ويبقي العمل الجيد شاهدا على صاحبه مخلدا لاسمه.
الناقد د. “شاكر عبدالحميد” علق على المشهد الروائي المصري قائلا: إنه يشهد حضورا مكثفا لظاهرة الكم وليس الكيف، فهناك غزارة شديدة في الإنتاج؛ ما يجعل هذا الكم الكبير خاليا من الإبداع وتقنيات السرد وفضلا عن فقر الخيال، في حين أن الأعمال الروائية الحقيقية قليلة، تكاد تختفي وسط الأعمال الرديئة- بحسب وصفه-.
ومن وجهة نظر الناقد الأدبي الدكتور شريف الجيار، فإن المشهد، يمثل الآن ملمحا بارزا وانعكاسا واضحا لواقعنا المعاش ولواقع الأجيال الجديدة في مصر والعالم العربي؛ إذ أن هناك العديد من الروايات التي تلامس متطلبات ومفاهيم الجيل الجديد، ومتفاعل مع آليات الواقع الجديد.
وأضاف الجيار: أسماء مثل أحمد مراد ومحمد صادق ومحمد الفخراني وأدهم العبودي وغيرهما؛ وما يعرف بكتابات الجيل الجديد، أصبحت تخيم على المشهد الأدبي، وتأخذ من الميديا والثورة المعلوماتية والسينمائية في الكتابة والبنية البصرية مقومات لبنية روائية، تأتي مناسبة للجيل الجديد، لافتا إلى أن هذه الأسماء وغيرها تأخذنا إلى ما يعرف بكتابة المهمشين، الذين لم يجدوا حظا في الحياة.
واستطرد:، نلحظ أن الكتابة أصبحت أكثر ملامسة لمشكلات جيل الشباب ما بعد ثورتي يناير ويونيو، بفضل كتابات ترصد وتحلم بمستقبل جديد، وأعتقد أن هذه الكتابات نسميها «كتابات متحدية»؛ للأمية والأصولية الرجعية وكل ما يعيق التفكير، والحلم لجيل ساهم بشكل واضح في تغيير كبير على الأرض، وأصبح النص متداخلا مع السيناريو والسينما والفنون البصرية والتشكيلية، يستعين بكل هذا حتى يقدم نصاً يحاول أن يستشرف معه الكاتب ما سيحدث في المستقبل القريب.
وأردف: لا يمكن أن نغل جيل الأساتذة الذين ما زالوا يغرقوننا بحالات رائعة من الإبداع الأدبي، حتى هذه اللحظة، مثل: إبراهيم عبدالمجيد وبهاء طاهر وغيرهما من الكتاب الذين أسسوا لخطاب روائي مصري عربي يناقش مشكلات الواقع ويطمح إلى تطويره، مشيرا إلى أنهم أسسوا لجيل جديد اختار لنفسه، طريقا يتفاعل مع التكنولوجيا والثورة المعلوماتية الجديدة التي تساعده بشكل كبير في الوصول إلى قطاع كبير من الشباب؛ وهو ما أدى إلى أن تحولت بعض هذه الكتابات إلى أفلام سينمائية أخذت حظا من الانتشار؛ سواء اتفقنا معها أو اختلفنا على المستوى النقدي.