يحتفل المصريون بـ"شم النسيم" بطريقة
مختلفة ومتفردة لا توجد في أي دولة في العالم باعتباره عادة فرعونية خالصة، ولم
تقتصر على التنزه والاستمتاع بالاحتفال باليوم لكنه يتناولون فيه الأطعمة المختلفة
نسبيا، منها الرنجة والفسيخ، فضلا عن
البيض الملون بجانب البصل الأخضر.
ورغم تحذيرات وزارة الصحة، إلا أن المصريين يقبلون
بشراسة على المأكولات المملحة مثل السمك المملح بمختلف أنواعه بجانب البيض والبصل
والطعمية وأيضا بعض الحلويات.
في التقرير التالي ترصد أسباب احتفال المصريين بـ"شم
النسيم":-
- "شم النسيم"
كلمة قبطية "شوم إنسم" وهو مناسبة يتم الاحتفال بها في مصر بفصل الربيع ويكون
عطلة رسمية.
- احتفال شم النسيم
يكون في اليوم التالي لرأس السنة القبطية وعيد القيامة المجيد
- من أعياد قدماء
المصريين في عهود الفراعنة، ويحتفل به جميع المصريين بدخول الربيع بزيارة المنتزهات
وتلوين البيض وأكل الفسيخ.
- بداية الاحتفال به إلى ما يقرب من خمسة آلاف عام،
وبالتحديد إلى أواخر الأسرة الثالثة الفرعونية نحو عام (2700 ق.م).
- بعض المؤرخين يرون أن بداية الاحتفال به ترجع إلى
عصر ما قبل الأسرات، ويعتقدون أن الاحتفال بهذا العيد كان معروفًا في مدينة هليوبوليس
"أون".
- ترجع تسمية
"شم النسيم" بهذا الاسم إلى الكلمة الفرعونية "شمو"، وهى كلمة
مصرية قديمة لها صورتان وهو عيد يرمز – عند قدماء المصريين – إلى بعث الحياة.
- كان المصريون القدماء يعتقدون أن ذلك اليوم هو أول
الزمان، أو بدأ خلق العالم كما كانوا يتصورون.
- الاسم تعرض للتحريف على مرِّ العصور، وأضيفت إليه
كلمة "النسيم" لارتباط هذا الفصل باعتدال الجو، وطيب النسيم، وما يصاحب الاحتفال
بذلك العيد من الخروج إلى الحدائق والمتنزهات والاستمتاع بجمال الطبيعة.
- كان قدماء المصريين
يحتفلون بذلك اليوم في احتفال رسمي كبير فيما يعرف بالانقلاب الربيعى، وهو اليوم الذي
يتساوى فيه الليل والنهار، وقت حلول الشمس في برج الحمل، فكانوا يجتمعون أمام الواجهة
الشمالية للهرم قبل الغروب، ليشهدوا غروب الشمس، فيظهر قرص الشمس وهو يميل نحو الغروب
مقتربًا تدريجيًّا من قمة الهرم، حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم، وفى
تلك اللحظة يحدث شيء عجيب، حيث تخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام
أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين.
١٠_ ما زالت هذه
الظاهرة العجيبة تحدث مع مقدم الربيع في الحادي والعشرين من مارس كل عام، فى الدقائق
الأخيرة من الساعة السادسة مساءً، نتيجة سقوط أشعة الشمس بزاوية معينة على الواجهة
الجنوبية للهرم، فتكشف أشعتها الخافتة الخط الفاصل بين مثلثى الواجهة الذين يتبادلان
الضوء والظلال فتبدو وكأنها شطران.
- البيض يرمز إلى
خلق الحياة من الجماد، وقد صوَّرت بعض برديات منف الإله "بتاح" إله الخلق عند الفراعنة وهو يجلس على الأرض على شكل
البيضة التي شكلها من الجماد.
- تناول البيض في
هذه المناسبة يبدو وكأنه إحدى الشعائر المقدسة عند قدماء المصريين.
- كان قدماء المصريين
ينقشون على البيض دعواتهم وأمنياتهم للعام الجديد في هذه المناسبة، ويضعون البيض في
سلال من سعف النخيل يعلقونها في شرفات المنازل أو في أغصان الأشجار؛ لتحظى ببركات نور
الإله عند شروقه فيحقق أمنياتهم.
- تطورت هذه النقوش
فيما بعد، لتصبح لونًا من الزخرفة الجميلة والتلوين البديع للبيض.
احتفالات العالم تنبثق من مصر
ومن جانبه، أكد الدكتور وسيم السيسي، الباحث في علم
المصريات، أن الحضارة المصرية القديمة قامت على الفرح والعلوم، مشيرًا إلى أن أحد العلماء
يقول إن أعياد العالم جميعًا انبثقت من مصر.
وأوضح "السيسي" في حواره لبرنامج "صباح
الورد" على فضائية "TEN" اليوم الأحد، أن كل الطقوس التي كان يمارسها المصريين القدماء
في شم النسيم ما زالت تمارس حتى الآن، قائلا إن فصول السنة في مصر القديمة كانت 3 فصول
وهم "آخت" وهو الفيضان، و"بّرت" وهو الشتاء، و"شّمو"
وهو يعني الصيف الجميل والمستمد منه اسم شم النسيم.
ولفت إلى أن الأعياد عند المصريين القدماء كانت كثيرة
جدًا، عيد كل أسبوع تقريبًا، ورغم هذا لم تكن تؤخر أو تعطل عمل المصريين لأنها حضارة
المصريين القدماء قامت على العمل والعلم، مؤكدًا أن عيد شم النسيم كان يأتي بعد عيد
طهارة القلوب، وكان المصريون القدماء في هذا اليوم يسارعون ويصالحون الأسر المتخاصمة
ويقدموا لهم فطيرة مزينة بالزهور والفواكه والألوان لتخفيف التوتر المجتمعي بالصلح
والمحبة.
الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية لا تخالف الشرع
قالت دار الإفتاء المصرية، إن شم النسيم عادة مصرية
ومناسبة اجتماعية ليس فيها شيء من الطقوس المخالفة للشرع.
وأضافت عبر صفحتها الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي
"فيس بوك"، إن تلك العادة لا ترتبط بأي معتقدٍ ينافي الثوابت الإسلامية.
كما أكدت الدار، عبر حسابها الرسمي بموقع "تويتر"،
أن الصحابي الجليل عمرو بن العاص عندما كان واليًا على مصر كان يحض المصريين على الخروج
للربيع، وكان المصريون يحتفلون بالربيع بعد انتهاء صوم المسيحيين، وذلك ترسيخًا لروح
الجماعة الوطنية، مشيرة إلى أن ذلك لا يتناقض مع الشرع.
وكتبت دار الإفتاء تغريدة على تويتر قالت فيها:
"كان الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه - والي مصر من قِبل أمير المؤمنين
عمر بن الخطاب رضي الله عنه- يخطب المصريين في كل عام، ويحضّهم على الخروج للربيع؛
وذلك في نهاية فصل الشتاء وأول فصل الربيع؛ كما أخرجه ابن عبد الحكم في "فتوح
مصر والمغرب"، وابن زولاق في "فضائل مصر وأخبارها".
بما ترمز مأكولات شم النسيم؟
أما الدكتور أحمد سلامة، أستاذ التاريخ، قال إن "شم
النسيم" عيد مصري قديم، احتفل به المصريون القدماء قبل 2700 من ميلاد السيد المسيح
أي قبل نحو 5 آلاف سنة.
ولفت، في تصريحات صحفية سابقة، أن كلمة "شم النسيم"،
جاءت من كلمة "شمو" الهيروغليفية، وترمز إلى عودة الحياة من جديد، فالمصريون
القدماء اعتبروا أن الربيع هو الحصاد، أي بداية جديدة للحياة، التي تصل إلى نهايتها
في الشتاء ثم تتجدد.
وأوضح أن المصريين القدماء احتفلوا بـ"شم النسيم"
بنفس الطريقة الحالية، فكانوا يأكلون البيض بعد تلوينه، والفسيخ والسردين والبصل والخس،
ولم يكن اختيارهم لهذه الأطعمة في هذا اليوم عبثيا، فكل نوع يرمز إلى أمر محدد يتعلق
بمعتقداتهم في الموت والحياة والبعث.
ويوضح أن "البيض الملون هو رمز بدء الحياة، فهو
يحمل في داخله الفرخ الصغير، الذي يخرج من الجماد، والفسيخ والأسماك بشكل عام ترمز
للنيل، الذي كان المعشوق الأول للشعب المصري، وسر الحياة بالنسبة لهم، كما أن البصل
كان من أدوات إبطال السحر والحسد، أما الخس فكان من النباتات المقدسة، التي يستخدمها
الكهنة في استخراج الأمصال والأدوية.
الحصاد
وقال أحمد حسنين نصيف، خبير المصريات، إن المصري القديم
على الجسد للأبد، لأنه يعتقد في تجدد الحياة والاستمرارية بعد الموت، كما أن المصري
القديم كان يقسم السنة إلى 3 فصول، وهي: "أخت" وهو فصل الفيضان، و"برت"
وهو فصل "الإنبات"، و"شمو" وهو فصل "الحصاد"، ومن هذه
التسمية أخذت كلمة شم، وهى تعنى فصل شمو أي الحصاد، وتجدد الحياة واستمرار الوجود،
وأضيفت لها في لغتنا العربية كلمة النسيم.
وأضاف، في تصريحات صحفية، أن سر احتفال اليهود بهذا
اليوم، يرجع إلى أنهم أخذوها عن الفراعنة الاحتفال بشم النسيم، لأن وقت خروجهم من مصر
مع النبي "موسى"، تزامن مع الاحتفال بشم النسيم، وحسب الروايات التاريخية،
جاء اختيار اليهود للخروج في هذا اليوم بسبب انشغال المصريين بالاحتفال، حتى لا يشعروا
بهم أثناء هروبهم، لذلك جعلوا هذا اليوم رأسا للسنة العبرية، وأطلقوا عليه اسم
"عيد الفصح"، أي يوم الخروج.
وتابع: "عندما دخلت المسيحية مصر جاء "عيد
القيامة" متزامنا مع احتفال المصريين بشم النسيم، فكان احتفال المسحيين بعيدهم
في يوم الأحد، ويليه مباشرة "شم النسيم" يوم الإثنين.