الثلاثاء 21 مايو 2024

"الدستورية" ترفض الطعن على قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة

4-5-2019 | 12:52

قضت المحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار دكتور حنفي علي جبالي،  برفض الدعوى رقم 105 لسنة 35 قضائية " دستورية " المحالة من محكمة القضاء الإداري بالمنوفية بحكمها الصادر بجلسة 24/2/2013، والتي أقيمت طعنًا على نص المـادة (69) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 فيما أغفله من تنظيم الحـق فى الاحتفـاظ بترتيب الأقدمية والحـق فى الترقية بالأقدمية المطلقة أو بالرسوب الوظيفي للعامل الذى يشغل وظيفة تكرارية، ومُرخص له بإجازة بدون مرتب زادت على أربع سنوات، ومُصرح له بالعمل - خلال إجازته - فى أعمال من ذات طبيعة أعمال وظيفته".

 

وأقامت المحكمة حكمها على سند من أن­ الأصل أن يكون لكل وظيفة حقوقها وواجباتها، فلا تقابل مزاياها بغير مسئولياتها، ولا يكون وصفها وترتيبها منفصلاً عن متطلباتها التى تكفل للمرافق التى يديرها موظفوها حيويتها واطراد تقدمها، وقابلية تنظيماتها للتعديل وفق أسس علمية قوامها التخطيط المرن وحرية التقدير، فلا تتعثر أعمالها أو تفقد اتصالها ببعض أو تدرجها فيما بينها، وشرط ذلك إعداد موظفيها علميًّا وفنيًّا، فلا يلي شئونها غير القادرين حقًّا على تصريفهـا، سواء أكـان عملهم ذهنيًّا أم مهنيًّا أم يدويًّا .

 

وحيث إن ما تقدم مؤداه، أن لكل وظيفة تبعاتها، فلا يشغلها إلا من يستحقها على ضوء طبيعة الأعمال التى تدخل فيها، وغاياتها، والمهارة المطلوبة فيها، والخبرة اللازمة لها، ولا يجوز بالتالي أن يكون التعيين فى وظيفة بذاتها أو الترقية منها إلى ما يعلوها، عملاً آليًّا يفتقر إلى الأسس الموضوعية، أو منفصلاً عن عوامل الخبرة والجدارة التى يتم على ضوئها اختيار من يتولاها، ولا مجرد تطبيق جامد لمقاييس صماء لا تأخذ فى اعتبارها خصائص كل وظيفة ومكانتها، والحد الأدنى للتأهيل لها والتدريب على أداء واجباتها ومسئولياتها، وغير ذلك من مقوماتها الموضوعية المحددة تحديدًا دقيقًا، وعلى تقدير أن تقييم شاغل الوظيفة إنما يرتبط بأهميتها الحقيقية.

 

 وحيث إن الأصل في الأقدمية الوظيفية أن تكـون معبرة عن مدة خدمة فعلية قضاها الموظف قائمًا بأعباء وظيفته، وهى بذلك لا تُفترض، ولا يجوز حسابها على غير حقيقتها سواء بزيادتها أو إنقاصها، كما أن شروط الترقية إلى الوظائف، وبخاصة الوظائف الإشرافية أو القيادية يجب أن تعبر عن الانحياز إلى الأصلح والأكثر خبرة وعطاء، وهو ما يتطلب أن تكون المدة البينية أو الكلية اللازمة لشغل تلك الوظائف - بحسب الأصل - مدة فعلية وليست حكمية، حتى لا يُعهد بأعمال هذه الوظائف لغير من يؤدونها بحقها، فـلا يكونون عبئًا عليهـا يُقيدها أو يُضعفها، بل يثرونها من خلال خبرة سابقة وجهد خلاق يتفاعل مع مسئولياتها.

 

   وحيث إنه يتبين من الاطلاع على المذكرة الإيضاحية لقانون نظام العاملين المدنيين بالدولة أن أحكام هذا القانون تقوم على أسس موضوعية، وذلك عن طريق الاعتداد أولاً "بالوظيفة"، باعتبارها مجموعة من الواجبات والمسئوليات، يلزم للقيام بها توافر اشتراطات معينة فى شاغلها، تتفق مع نوعها وأهميتها، وتسمح بتحقيق الهدف من إيجادها، وأن هذا الاعتداد الموضوعى لا يتعارض مع الجانب الآخر للوظيفة، المتمثل فى "الموظف" الذي يقـوم بأعبائها وما يتطلبه هـذا الجانب "البشـرى" لا الشخصي من الاعتداد بالخبرة النظرية أو المكتسبة اللازمة للقيام بأعباء الوظيفة، ومراعاة ذلك فى الأجـر الذى يحصـل عليه بوصفـه مقابلاً موضوعيًّا لا شخصيًّا، لما يناط به من مسئوليات .

 

وحيث إنه متى كان ما تقدم وكان المشرع بإقراره النص المحال قد انحاز إلى إعمال الأسس الموضوعية للوظيفة وذلك بالاعتداد بالوظيفة ومراعاة واجباتها ومسئولياتها، والتي يلزم للقيام بها توافر الاشتراطات اللازمة لشغلها ومن بينها مدة الخبـرة الفعلية التى قضاهـا الموظف فى وظيفتـه السابقـة قائمًا بأعبائهـا، وذلك ضمانًا لجدارته وكفاءته بتوليها، فينهض بها من خلال خبرته السابقة وجهده الخـلاق الذى دأب عليه خـلال الفترات المنقضية، وهو ما يتفق مع الأهـداف التى رنا المشرع إلى تحقيقها بالنص المحال، الذى ترتكن أحكامه إلى أسس موضوعية تبررها، دون مصادمة فى ذلك لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص التى حرص الدستور على كفالتهما فى المواد (4، 9، 53) منه.