الخميس 9 مايو 2024

في ذكرى رحيله.. شاهد الصورة التي استاء منها عبد الوهاب وكواليس "يوم سعيد"

4-5-2019 | 13:41

في حياته الشخصية ومسيرته الفنية أسرار كثيرة، فالموسيقار محمد عبد الوهاب تربع عقود طويلة على عرش الغناء والموسيقي بما قام به من تجديد استكمالاً لمسيرة أستاذه سيد درويش، وبما قدمه من أعمال مزج فيها الطابعين الشرقي والغربي حتى وصلت موسيقاه إلى العالمية، وفي ذكرى رحيله تنشر "الهلال اليوم" صورة له تظهر لأول مرة على الشبكة العنكبوتية .. صورة لها قصة من فيلم "يوم سعيد" الذي نسرد اليوم العديد من كواليسه. 

 

يعد فيلم "يوم سعيد" هو رابع أفلام الموسيقار محمد عبد الوهاب، وقد بدأ الإعداد لإنتاجه في الثلث الأخير من عام 1939، وهو من الأفلام الغنائية، حيث يحتوي على ثمان أغانٍ، طلبها عبد الوهاب من أحمد رامي وبشارة الخوري وبيرم التونسي وعزت الهجين وحسين السيد، أما أوبريت "مجنون ليلى" فقد انتقاه عبد الوهاب من أشعار أحمد شوقي، ومن الطبيعي أن ينفرد عبد الوهاب بوضع الألحان والغناء مع أسمهان وعفيفة اللتين لم تظهرا في الفيلم.

 

صورته لم تعجبه

رأى عبد الوهاب أن يلحن ويغني جزءا من مسرحية مجنون ليلى لأمير الشعراء أحمد شوقي ليدمجها ضمن أغاني الفيلم كأوبريت غنائي، ولأنه بطل الفيلم فقد ارتدى عبد الوهاب الملابس المناسبة للأوبريت مع وضع لحية وشارب ومكياج شخصية قيس، وقامت بدور ليلى الفنانة أمينة شريف، وبدأت الكاميرات تدور لتصوير الأوبريت وغناه عبد الوهاب كاملاً ومثله مع أمينة، وبعد المونتاج الذي قام به حلمي رفلة بدأ عبد الوهاب وفريق العمل في مشاهدة الأوبريت في عرض خاص، ومن اللحظات الأولى استاء عبد الوهاب من صورته على الشاشة بهذا الشكل ولم تعجبه، فعدل عن تمثيل شخصية قيس، واتفق مع المخرج محمد كريم على إسناد دور قيس لممثل آخر، وبالفعل قام الفنان أحمد علام بالدور ومثلت الفنانة فردوس محمد شخصية ليلى.

 

معركة فنية مع الأخطل الصغير

كتب الشاعر الكبير بشارة الخوري "الأخطل الصغير" للموسيقار عبد الوهاب أغنيتان للفيلم، إحداهما قصيدة، وهي "الصبا والجمال"، وقد كانت كل أعمال الخوري الشعرية باللغة الفصحي، أما الأغنية الثانية فقد طلبها عبد الوهاب من الخوري بالعامية، فغضب الغوري وأخبر عبد الوهاب بأنه قد تجاوز حدوده، فكيف يطلب منه أن ينظم بالعامية وهو الشاعر الذي يسعد بنتاجه المثقفون ومتذوقي الشعر، وقد عرف عن عبد الوهاب ذكائه الشديد ودبلوماسيته، فأخبر الخوري بأن أشعاره كلها استمتع بها المثقفون وطبقات محدودة من جمهور القراء، لكنه يريد أن يكون لكل فئات الشعب نصيب من أشعاره، ولماذا لا يستمتع بها أيضاً أبناء البلد والصناع والفلاحون، فانتشى الخوري من كلمات عبد الوهاب التي أثلجت صدره فنظم له الأغنية الثانية وهي "يا ورد مين يشتريك" وقد دمج بها الخوري العامية مع الفصحى بمهارة شديدة.

 

ممثل يصبح شاعراً

شهد فيلم يوم سعيد أيضاً إنطلاقة الشاعر حسين السيد وبداياته، حيث أعلن عن طلب وجوه جديدة للمشاركة في الفيلم، ونظراً للسمات الجمالية التي يتمتع بها الشاب الصغير حسين السيد، فقد تقدم للتمثيل، وأثناء تواجده مع فريق العمل سمع حديثاً يدور بين محمد كريم مخرج الفيلم وبين عبد الوهاب وعبد الوارث عسر عن احتياجهم لشاعر ينظم كلمات تتفق مع أحد مشاهد الفيلم، وهنا اقترب حسين السيد وأعلن عن نفسه كشاعر وليس ممثلاً، وطلب منهم وصف الموقف ليقوم بنظم الأغنية، فأومأ عبد الوارث عسر لعبد الوهاب أن يمنحه الفرصة، فقال له عبد الوهاب أن المشهد يصف رغبة البطل في الوصول إلى محبوبته وسط الريف وهو يركب عربة يجرها حصان ، فتعهد حسين السيد بكتابتها وإحضارها في الصباح، وبالفعل صاغها كأروع ما يكون وهي أغنية "اجري .. اجري" وأعجب عبد الوهاب بها وتم دمجها في الفيلم، وكانت تلك الأغنية بداية الصداقة بينهما حتى انفرد حسين السيد بتأليف كل أغاني شركة عبد الوهاب فيما بعد، بل وأكثر شاعر غنى له عبد الوهاب.

 

سهرة رأس السنة في الغارات

بقي أن نضيف أن تصوير الفيلم بدأ مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقد أوقف التصوير عدة مرات بسبب الغارات وصفارات الإنذار، وصورت المشاهد الأخيرة في أول شهر يناير 1940 وشاركت فاتن حمامة في الفيلم وعمرها سبع سنوات، وروت فاتن حمامة ذكرياتها عن التصوير، حيث ذكرت أن العاملين في الفيلم أصيبوا بالذعر من صوت القنابل والغارات، فأوقف عبد الوهاب التصوير وأقام حفل رأس السنة في الأستوديو ليذهب عنهم الخوف ، ويشجعهم على تصوير المشاهد الباقية، وعرض الفيلم لأول مرة بسينما رويال في 15 يناير 1940. 

    Dr.Radwa
    Egypt Air