الأربعاء 29 مايو 2024

السبّاحة المصرية العالمية.. نجوى غراب صاحبة الـ٧٤ عامًا: البطولة فلسفة حياتى

5-4-2017 | 10:37

حوار: نيرمين جمال

عدسة: محمد فتحى

يمكن القول إنها امرأة ضد الزمن.. لا تعترف إلا بما ترغب ويُشبع طموحها، النجاح دائما حاضر فى حياتها.. بدأت ممارسة رياضة السباحة منذ كانت فى الرابعة من عمرها.. واليوم وهى فى سن الـ ٧٤، لا تزال تمارس الرياضة ذاتها، ليس هذا فحسب، لكنها أكملت أيضا مسيرة حصد البطولات واصبحت اسما لا يستهان به فى البطولات والفاعليات العالمية وحصلت على ميداليات فى بطولات العالم للسباحة خلال الفترة من عام ٢٠١٠ حتى ٢٠١٥.

السباحة العالمية نجوى غراب، التى التقتها «المصور»، تحدثت عن الدور الذى لعبه والدها فى إتقانها للرياضة السباحة، كما ألقت الضوء على مسيرتها فى عالم البطولات، والأسباب التى دفعتها للعمل بشكل فردى فيما يتعلق بالمشاركة فى البطولات وعدم اللجوء إلى اتحاد السباحة المصرى، وعن هذا الأمر وتفاصيل آخرى كان الحوارالتالى:

فى البداية.. حدثينا عن نشأتك؟

أنا من مواليد ١ يناير ١٩٤٣ لأسرة ثرية تعليميًا واجتماعيا وثقافيًا، وليس ماديًا، فوالدتى كانت طبيبة ووالدى كان ضابط بوليس، لأن فى هذا الوقت لم تكن هناك «شرطة»، كانوا يقولون بوليس، وكنا ثلاث شقيقات من سكان مصر الجديدة، فى الأربعينيات كان فى مصر كل الجنسيات تقريبًا، وأذكر أن عائلتى كانت الأسرة المصرية الوحيدة بالعقار ، وبقية السكان كانوا من هولندا وإيطاليا ولبنان وغيرها من الجنسيات، ووالدى كان عاشقًا للرياضة وكان بطلًا أوليمبيا فى الفروسية فى هذا الوقت، وكان الملك فاروق يقدره جدًا لأنه كان عاشقا للخيل وكان يقدر المواهب وينفق عليهم كثيرًا ويرسلهم لبعثات فى الخارج فى جميع المجالات ليدرسوا ويتعلموا ويأتوا بالخبرات إلى مصر.

متى كانت بداية ممارستك رياضة السباحة؟.

والدى كان يقدر جدًا أهمية الرياضة، ويفهم معناها وتأثيرها جيدًا، لذلك اهتم بضرورة أن نمارس أنا وشقيقاتى الرياضة، وفى الأربعينيات كان نادى هليوبوليس للجاليات الأجنبية فقط، ووالدى لم يقبل إلا أن نمارس الرياضة، فبدأت ممارسة السباحة منذ سن ٤ سنوات فى نادى «اللجنة الأهلية» الذى أصبح فيما بعد نادى «القاهرة» الموجود بجوار دار الأوبرا المصرية، وكانت وسيلة المواصلات الوحيدة الترام وكان أبى يرسلنا مع «المُراسلة» وهم عساكر مساعدون للضابط، إلى أن سمح للمصريين بالانضمام لنادى هليوبوليس، وكنت فى سن ٧ سنوات وحتى الآن أتدرب فيه على رياضة السباحة.

كيف حافظتى على استمرارك فى ممارسة رياضة السباحة حتى الآن وأنت فى سن ٧٤ عامًا؟

حصلت على أول بطولة جمهورية فى السباحة عندما كان عمرى ١٤ عاما وأجروا معى وقتها أول مقابلة صحفية عنى عام ١٩٥٧ بمجلة «الجيل»، وكنت أربح البطولة كل عام حتى سن ١٨ عاما، ثم توقفت عن السباحة العادية لسببين الأول أنه فى هذا الوقت كان آخر سن مسموحًا فيها للسباح خوض المسابقات ١٨ عامًا والذى وصل الآن لـ ٢٥ عاما.

الثانى أنه فى هذا الوقت لم يكن مسموحا للمرأة تمثيل مصر فى البطولات العالمية فاتجهت لممارسة السباحة التوقيعية «الباليه المائى»، وكان لا يشترك فيها إلا السباحين لمدة عامين إلى أن وصلت لـ ٢٠ عامًا لأننى تزوجت وتوقفت عن ممارسة الرياضة، حتى وصلت إلى سن المعاش عام ٢٠٠٣ إلى أن تشكلت فى مصر لأول مرة عام ٢٠٠٥ فرق الأستاذة أو «الرواد» السباحون ما بعد ٢٥ عامًا فى أى سن فاشتركت فورًا لأن البطلة بداخلى منتظرة اللحظة التى تنطلق فيها.

ماذا عن نظام التدريب الذى تتبعينه الآن؟.

أتمرن خمسة أيام فى الأسبوع لمدة ساعتين متواصلتين فى اليوم على مساحة ٢.٥ كيلو، ويتولى تدريبى أستاذ دكتور فى رياضة السباحة بكلية التربية الرياضية عمره ٦٠ عاما وفره لى نادى هليوبوليس الذى يقدم له كل التحية والتقدير على اهتمامه وتحمسه لى، وفى التمرين أحسب مدة قطع المسافة بالثوانى لأنه فى إحدى البطولات حصلت على المركز الثالث لأنى المتسابقة التى حصدت المركز الثانى وصلت قبلى بثانية واحدة.

وماذا عن بطولاتك بعد عودتك للسباحة عام ٢٠٠٥؟

خضت ٤ بطولات عالم.. الأولى فى السويد ٢٠١٠ والثانية إيطاليا ٢٠١٢ الثالثة فى كندا ٢٠١٤ وحصدت فيها بطولتين والأخيرة فى روسيا ٢٠١٥ وحصدت خلالها على خمس ميداليات، وفى كل بطولة يكون معى ما لا يقل عن ٣٥ سباحة من كل الجنسيات فى الفئة العمرية من ٧٠ إلى ٧٤ عاما وأكون دائمًا فى المركز الثانى أو الثالث على كل دول العالم ويليها بطولات القارات وكنت أود الاشتراك فى أوربا، لكنهم رفضوا لأنها خاصة بأصحاب الجنسية الأوربية فقط ولكن فى مسابقة القارات بأمريكا وافقوا فورًا وحصلت فيها على الميدالية الفضية المركز الثانى ولكن كان شرطهم إذا حصلت على المركز الأول لن أكون بطلة قارة «أمريكا» وسألقب «بالمنتصر» وإلى جانب الميدالية الفضية حصدت ميداليتين أخرتين فيها.

وهناك نوع من البطولات يسمى «ناشيونال» أى بطولة الدولة وخضتها ٤ مرات فى فرنسا، ورابعًا بطولات «انترناشيونال» وخضتها ٤ مرات فى ألمانيا ومرة فى النمسا وثلاث مرات فى فرنسا.

ترشيحك.. هل يأتى عن طريق النادى أم اتحاد السباحة؟

أنا مقيدة باتحاد السباحة ومعى كارنيه العضوية الخاص بى، لكننى أرفض البيروقراطية ومع احترامى إذا اتبعت خطوات اتحاد السباحة سأصاب بالإحباط بعد أسبوع، لذلك أتواصل مع المنظمين وأقوم بالتسجيل على الموقع الخاص بالبطولة، وأسدد الاشتراك من مالى الخاص وقبل كل بطولة أقوم بتوفير ثمن التذكرة والمصروفات من معاشى ومصروفاتى الشخصية وأرفض أخذ أى أموال من مصر فى هذا الوقت أريد فقط الاشتراك لأرفع علم بلدى وأغير صورة المرأة المصرية فى الخارج.

فى رأيك .. هل المرأة المصرية حقها مهدر فى الرياضة أم أنها هى التى أهدرت حقها؟

هى التى أهدرت حقها بسماع الآراء المحبطة من الآخرين ليعودوا بها للخلف، وحقيقة أشعر بسعادة وفخر لما عملت على تحسينه فيما يتعلق بصورة المرأة المصرية وأثبته حول قدرتها سواء فى مصر أو فى الخارج، وأصبح هناك استجابة وحركة من المصريين لتغيير أفكارهم عن المرأة، كما أننى ألاقى استحسان كبير من كل من يقابلنى من كل الفئات والأعمار.

لماذا لم تفكرى بطريقة المسنين فى مصر هذا وقت الراحة والصلاة والحج فقط؟

أنا قمت بعمل ٥ عمرات وحج وأصلى الوقت بوقته وأعتقد أن إيمانى بالله هو ما يعطينى ثقة بنفسى لاستكمال ممارستى للرياضة التى أعطانى الله الموهبة فيها وسبب آخر أن أحوال المرأة الآن تحزننى لأنها متراجعة دائمًا ونظرة العالم سيئة جدًا عن المرأة المصرية فى مجال الرياضة فأردت أن أثبت العكس عمليا.

ما أثر الرياضة على الروح والنفس والجسد؟

الرياضة «مش تشكيل عضلات» الرياضة فلسفة ومبادئ ففيها الإصرار والعزيمة والحب وتقبل الغير وأنك لن تفوز إلا إذا كنت الأكثر عملًا والأكثر تدريبًا وخاصة السباحة فهى أكثر رياضة تظهر مدى ثقافة البلد وتعلم الإنسان أن الوقت له ثمن.

حدثينا عن كيفية الحصول على حياة صحية سليمة؟

أولًا: التغذية المتزنة.. لا يصح أن أظل طوال الوقت أتناول كل ما أمامى لابد أن يكون للطعام نظام.

ثانيًا :شرب المياه الكافية يوميًا لابد أن نشرب على الأقل ٨ أكواب من المياه لأن ذلك يمنع الجلطات وينشط الدورة الدموية.

ثالثًا: التعرض للهواء النقى والشمس حتى الساعة ١١ صباحًا.

رابعًا: المجهود الجسمانى فإذا كان الإنسان لا يمارس رياضة لابد أن يمشى يوميًا على الأقل نصف ساعة ولو فى منزله.

خامسًا :الراحة لابد أن يكون النوم كافيا لا يقل عن ٦ ساعات يوميًا.

هل هناك نظام غذائى تتبعينه يساعدك على ممارسة السباحة؟

لابد أن أبدأ التمرين بمعدة خفيفة فقبل التمرين أشرب فنجان «نسكافيه» وأكل موزة وتفاحة وبعد التمرين أتناول سندوتش واحد فول، والغداء ربع فرخة مشوية أو سمك مشوى و ٤ معالق أرز مسلوق وخضار أو سلطة خضراء وبعد ساعتين أتناول بسكويت بالكريمة ليكون سكره خفيفًا فأنا منزلى خالى من السكر منذ ٢٥ عامًا أشرب أو آكل كل شىء بدون سكر نهائى لا أشرب مشروبات غازية نهائيًا وأتناول يوم واحد فى الأسبوع قطعة جاتوه فى النادى والعشاء سندوتش واحد جبنة وخيار أو بيض مسلوق وزبادى ولا أتناول «تيك أواى» نهائيًا.

ألم يمثل لك السن عائق؟

أبدًا.. السن مجرد رقم المشكلة فى نظام الحياة فأنا أقابل طالباتى فى النادى واللاتى أصبحن جدات الآن طوال الوقت أترجاهن أن يقمن من أماكنهن لا يردن سوى الجلوس فى النادى وتناول الطعام.

تحدثنا عن الرياضة والأسرة.. هل يمكن أن نتحدث عن رحلتك التعليمية؟

درست فى مدرسة راهبات فرنسية وكانت كل العاملات والمدرسات فيها راهبات من فرنسا، وتعلمت على أيديهن النظام والصبر والثقافة والاحترام والأمانة، وبعد المدرسة إلى جانب السباحة كان عندى موهبة أخرى وهى الرسم فطلبت من والدى دخول كلية «ليوناردو دافينشى» والتى أصبحت «القنصلية الإيطالية» لتعلم الرسم وبعد قضاء السنة الأولى فيها زميلاتى طلبوا منى التحويل إلى كلية الآداب قسم اللغة الفرنسية لنكون معًا فقمت بالتحويل وعملت كمدرسة للغة الفرنسية بمدرسة كلية السلام منذ ١٩٧٠ حتى ٢٠٠٣ ومن تلامذتى الوزيرة سحر نصر، والوزيرة هالة حلمى السعيد.

هل حياتك مكرسة للسباحة فقط؟.

لا، فأنا أعشق القراءة وسماع الموسيقى فى دار الأوبرا وكنت أعشق ركوب الخيل ولكن توقفت بعد وفاة والدى حزنًا عليه وبالرغم من أننى تركت كلية «ليوناردو دافينشى» بعد عام واحد إلا أننى مازلت أرسم وفى منزلى ٣٦ لوحة من رسوماتى وكان دائمًا والدى يقول: أتحدى أن يظهر أحد خطأ فى لوحة واحدة من لوحات ابنتى ورسمت كل أنواع الخيول العربية تكريمًا لذكراه.