الإثنين 25 نوفمبر 2024

مترو الأنفاق.. أكاذيب اقتصادية .. وعجز حكومى

  • 5-4-2017 | 10:52

طباعة

بقلم – محمد الشافعى

من نافلة القول - كما يقول علماء اللغة أن مترو الأنفاق يمثل وسيلة المواصلات الأسهل والأسرع.. وأن تطويره مسألة حيوية لصالح المواطن أولاً وأخيراً.. ولكن هذا التطوير غير مشروط بتحميل المواطن الغلبان أعباء جديدة من خلال مضاعفة سعر التذكرة.. حيث إن هناك العديد والعديد من الطرق الأيسر.. وذات العوائد الأكثر.. ورغم ذلك لجأت الحكومة إلى وضع يدها فى»جيب المواطن» .. حتى لو شعر ذلك المواطن بالاختناق وراح يشكو همه إلى الله ويدعو على الحكومة.. التى راحت تجلده بلا رحمة برفع أسعار السلع والخدمات.. ويدفعنا رفع سعر تذكرة المترو إلى الوقوف أمام الكثير من الأكاذيب الاقتصادية.. وملامح العجز الحكومى التى ظهرت واضحة جلية مع تلك الزيادة.. ومن أهمها ما يلى:-

أولاً: اشتكت الحكومة مراراً وتكراراً من خسائر المترو.. وكان عليها أن تعلن على الرأى ميزانية تشغيل هذا المرفق الحيوى.. ولائحة المرتبات التى يتقاضاها العاملون فى المرفق.. وكم تساوى من الميزانية الكلية.. لكى نستطيع الوقوف على أهم أسباب الخسائر.. وهل يرجع أغلبها إلى المغالاة فى الأجور والأرباح والمكافآت.. إلخ.

ثانياً: منذ فترة طويلة فوجئ مستخدمو المترو بتعطل «ماكينات التذاكر» .. وبعدها فوجئ الركاب بالآلاف من الشباب.. الذين تم توزيعهم على محطات المترو.. لكى يقوموا بتقطيع التذاكر ليمر الركاب عبر الماكينات المعطلة.. واتضح أن هؤلاء الشباب - والغريب أن من بينهم الكثير من العواجيز-.. يتبعون إحدى شركات الأمن الخاصة.. بما يعنى فشل الإدارة فى مرفق المترو.. وعدم وجود خطة لصيانة تلك الماكينات وإصلاحها وهؤلاء الشباب يتقاضون ملايين الجنيهات يتم تحميلها على كاهل المواطن الغلبان.. والذى عليه أن يتحمل أيضاً التعاقد مع إحدى شركات النظافة الخاصة.. فهل يمتلك مسؤلو وزارة النقل وهيئة الأنفاق الشجاعة.. لكى يعلنوا على الرأى العام كم تتقاضى شركتا الأمن والنطافة من الملايين التى يزعمون أن المترو يخسرها.

ثالثاً: فى تبريره لرفع سعر تذكرة المترو قال وزير النقل هشام عرفات العديد من المغالطات.. حيث أكد أن تكلفة مترو الأنفاق فى مصر حتى بعد الزيادة هى الأرخص في كل العالم.. كما ذكر أن الحد الأدنى للأجور فى أوربا ٨٠٠ يورو فقط.. والحقيقة أن هذا الكلام لا صلة له بأى واقع.. ولا يحمل أى معلومة صحيحة.

رابعاً: الحد الأدنى للأجور فى مصر ١٢٠٠ جنيه.. والمواطن الواحد فى مصر من مستخدمى المترو بفرض أنه سيستخدمه لمرة واحدة يومياً.. ذهاباً وعودة - يدفع ١٢٠ جنيهاً.. أى ١٠٪ من راتبه.. في حين أن المواطن الألمانى مثلا يدفع ٣.٣٪ من راتبه لاستخدام كل المواصلات العامة.. وليس المترو فقط.

خامساً: عندما زرت فرنسا منذ عدة سنوات كان الحد الأدنى للأجور ١١٠٠ يورو.. وسعر تذكرة المترو ١.١ يورو.. ينتقل بها الراكب بين ١٤ خط مترو.. ونفس التذكرة صالحة للاستخدام فى أتوبيسات النقل العام خلال ساعة من استخدامها فى المترو.. وبعد تصريحات وزير النقل بادرت بالاتصال بصديقى منير حامد وهو صحفى مصرى مقيم بشكل دائم في باريس لأسأله عن الحد الأدنى للأجور هل انخفض أم زاد؟ وعن تذكرة المترو هل انخفضت أم زادت؟ وعن الاشتراك الشهرى لاستخدام المترو؟

سادساً: جاءت إجابات الصحفى المصرى منير حامد - ونكرر أنه يعيش فى باريس منذ ما يقرب من عشرين عاماً- صادمة وقاسية حيث إن الحد الأدنى للأجور قد ارتفع فى فرنسا إلى ١٤٣٠ يورو.. وأن المواطن يحتاج لكى يعيش عيشة كريمة إلى ٧٠٠ يورو فقط..

وأن سعر تذكرة المترو قد ارتفع إلى ١.٨ يورو فقط.. وأن سعر الاشتراك الشهرى لتذكرة المترو ٧٥ يورو فقط صالحة للاستخدام فى كل خطوط المترو.. وأتوبيسات النقل العام.. أى أن تكلفة كل المواصلات وليس المترو فقط للمواطن الفرنسى.. تساوى ٥.٢٪ فقط من راتبه.

سابعاً: السؤال الأهم هو كيف لوزارة النقل وهيئة الأنفاق زيادة الموارد.. من دون تحميل المواطن الغلبان أية أعباء جديدة؟ والإجابة بسيطة وسهلة.. حيث كنت أول من فكر فى تسويق تذكرة المترو إعلانياً.. فلدينا ٣ ملايين راكب يومياً.. يستخدمون أكثر من ٢ مليون تذكرة.. تمثل هدفاً استراتيجياً لأى صاحب سلعة أو خدمة مما يجعله يسعى خلف هذا الكنز الجماهيرى ليعرض سلعته أو خدمته عليه.

ثامناً: محطات المترو الموجودة تحت الأرض فشلت إدارة الهيئة فى تسويقها إعلانياً من خلال شبكة تليفزيون جاذبة.. وهو الأمر الموجود في كل محطات المترو فى العالم.

تاسعاً: محطات المترو الموجودة فوق الأرض.. محاطة بشبكة عملاقة من الأسوار.. تمتد لمسافات طويلة.. ويتم الاعتداء عليها إعلانياً.. من المدرسين والمحامين وأصحاب المهن المختلفة.. ويمكن تأجير هذه «البواكى» بمبالغ زهيدة.. وليكن جنيها أو أقل في اليوم.. لتحصل الدولة على عوائد كبيرة جداً.. تجعلها تغل يدها التى اعتادت الاعتداء على المواطن الغلبان.. وأدمنت فعل «الجباية» الذى ألهب ظهور البسطاء والغلابة.

عاشراً: المترو المكيف الجديد والذى «يصدع» رؤوس الركاب بكلام مكرر وساذج.. هل يمكن استخدام هذا التسجيل فى إذاعة إعلانات قصيرة جداً وشديدة الجاذبية عن السلع والخدمات المختلفة تدر أرباحاً جبارة على الدولة.. بدلاً من تلك الأفكار العقيمة التى تتركز فى قهر المواطن.. واستنزاف موارده التى تكاد أن تكون معدومة.

وفي النهاية فإننى لن أطالب بحقوق الملكية الفكرية.. في تلك الأفكار التى طرحتها من خلال هذا المقال.. لتعظيم عوائد مترو الأنفاق.. ولكنى سأطالب فقط كل مسئول بأن يفكر كما يشاء فى رفع أسعار السلع والخدمات.. ولكن بشرط بسيط وساذج.. يؤكد على أن هذا الارتفاع يجب أن يكون مساوياً أو أقل من ارتفاع آخر في الدخول والمرتبات.. وعلى كل مسئول فى دولتنا السنية أن يحسب الزيادة الرهيبة التى أصابت كل شىء.. ويقارنها بالثبات المميت في المرتبات والدخول.. ليعرف حجم الألم والقهر الذى يعيشه المواطن الغلبان.. والأهم عليه أن يتذكر دائما أن المترو وبقية الخدمات يتم إنشاؤها من ضرائب وعمل المواطن.

 

    أخبار الساعة