تقرير : محمود أيوب
«أنا وكافل اليتيم كهاتين فى الجنّة، وأشار بالسبابة والوسطى «، بهذا التوجيه النبوى اتخذ الطفل اليتيم مكانته، ليس فقط بين أصحاب القلوب الرحيمة، وباسطى يد الخير، وإنما امتدت حبال الرعاية إلى الجمعيات الخيرية ومنظمات المجتمع المدنى المعنية بشئون الطفل، خاصة مع اقتراب الموعد السنوى للاحتفال بيوم اليتيم، الموافق بعد غد، الجمعة.
ورغم أن جانبًا كبيرا من طقس اليوم، يذهب فيه الجميع للاحتفاء بالأيتام والتقاط الصور معهم، إلا أن «المصور» رأت من جانبها أن تدق جرس إنذار على معاناة الأيتام فى مصر، وتكشف بالأرقام عن نتائج تقييم دور الأيتام، وترصد، آسفة، حالات التعذيب التى وقعت فى بعض دور الأيتام خلال الشهور الماضية.
وقبل الحديث عن نتائج تقييم دور الأيتام، كان لهيئة الرقابة الإدارية دور فى كشف الفساد داخل هذه المؤسسات، بعدما شنت الهيئة فى أواخر الشهر الماضى حملات موسعة على ٥٥ داراً للأيتام بمحافظتى القاهرة والإسكندرية، باعتبارهما أكثر محافظتين تقع بهما دور أيتام، ورصدت مخالفات هائلة وصلت إلى إقامة حفلات تعذيب للأطفال فى دور أيتام «إشراقة» بمحافظة ٦ أكتوبر، بالإضافة إلى ما رصدته الحملة من سوء تخزين المواد الغذائية، ونقص الأدوية ووجود لحوم فاسدة، وهو ما يؤكد أن دور الأيتام فى مصر بحاجة إلى وقفة جادة من قبل وزارة التضامن، كونها المنوط بها الإشراف الكامل على هذه المؤسسات لتجنب تكرار ما يحدث من مآس.
وشهدت دور الأيتام عام ٢٠١٦ ومطلع العام الحالي، عدداً من حالات التعدى على الأطفال، منها دار أيتام «الصفا» بطلخا، التابعة لمحافظة الدقهلية، بالإضافة إلى دور أيتام «بنت مصر»، و»النصيري» ، و»جنة الخير» ، و»الأورمان»، و»عين شمس»، حيث تنوعت الحالات ما بين الضرب والتعذيب بسلك كهرباء والحرق، والاستيلاء على شقق تابعة لبعض الأطفال وطردهم وإجبارهم على تنظيف الحمامات وإجبار الفتيات على الجلوس فوق الـ» سخان» وإصابتهن فى أمكان حساسة بأجسادهن، بالإضافة إلى صب الماء البارد على الأطفال فى الشتاء كنوع من العقاب.
وكشفت نتائج تقييم مؤسسات رعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية (الأيتام)، والتى أعدتها وزارة التضامن الاجتماعي، عن مدى الإهمال الجسيم داخل مؤسسات دور الأيتام، وأوضحت النتائج أن هناك ١٥٠ دارا حصلت على تقدير ضعيف، و ٢٦٥ داراً حصلت على تقديرات متوسطة، و٥٠ داراً حصلت على تقدير جيد، و٨ حصلت على جيد جداً.
التوزيع الجغرافى لمؤسسات رعاية الاطفال المحرومين من الرعاية الأسرية كشف عن مدى معاناة أيتام الأقاليم نتيجة لنقص دور الأيتام فيها، حيث أوضحت النتائج أن عدد دور الأيتام فى محافظة القاهرة ٢٢٣ دارا، والجيزة ٦٢ دارا، والإسكندرية ٣٦ دارا، وينخفض العدد بعد ذلك فى الغربية إلى ٢٥دارا، والقليوبية ١٣دارا، والدقهلية ١٣دارا، والشرقية ١٢دارا، والبحيرة ١١دارا، والمنيا ١١ دارا، وبنى سويف ١١دارا، والأقصر ٨ دور، وقنا ٧، أسيوط ٦، وبورسعيد ٦، والمنوفية ٥، والفيوم ٤، سوهاج ٤، والإسماعيلية ٤، وأسوان ٣، والسويس ٢، ودمياط ٢، وكفر الشيخ ٢، بينما هناك دار واحدة فى كل من مرسى مطروح وجنوب سيناء والوادى الجديد والبحر الأحمر، وجنوب سيناء خالية من دور الأيتام.
هذه نتائج تؤكد أن عدالة التوزيع تكشف معاناة أيتام الأقاليم، حيث تركزت دور الأيتام فى ثلاث محافظات وهم القاهرة والجيزة والإسكندرية بنسبة ٦٧ ٪ و٣٣٪ من دور الأيتام فى ٢٤ محافظة.
وقالت مصادر مسئولة بوزارة التضامن الاجتماعى إن آليات التدخلات التى اتخذتها بالمؤسسات بعد هذه النتائج عملت على رفع مستوى بناء قدرات العاملين فى مؤسسات الأيتام عن طريق تدريب ٢٨٠ أخصائيا على كيفية تطبيق استمارات التقييم على مستوى الجمهورية، وتنفيذ عدد»٢» ورشة لإعداد المدربين لعدد ٣٩ أخصائيا، وتدريب مكثف للعاملين بدور الأيتام بالقاهرة الكبرى على كيفية حماية الأطفال من العنف والاستغلال والإساءة الجنسية بكل صورها، وعلى المستوى الإداري، تم تكوين فرق تدخل سريع لدعم ومراقبة الجودة ومنع الانتهاكات داخل دور الأيتام.
وتابعت المصادر أنه تم استحداث وحدة دعم الجودة لمؤسسات الرعاية الاجتماعية، وعلى مستوى الأنشطة والبرامج تم تطوير واستحداث ورش تدريبية لبناء القدرات الحرفية لأبناء المؤسسات وفق متطلبات السوق وميولهم المهنية.
وأوضحت المصادر فى تصريحات لـ» المصور» أن الوزارة تشابكت مع الجهات المختلفة لتقديم الدعم لهذه المؤسسات، حيث تم تخيصص مبلغ ٧٥ ألف دولار لتقييم وتطوير الحضانات من خلال جامعة الدول العربية، بالإضافة إلى التعاون مع إحدى الشركات لتطوير دور الأيتام، والتعاون مع فريق إرادة لتفعيل الدور المجتمعى التطوعى بدور الرعاية الاجتماعية، لتدريب عدد ٣٠ متطوعة على أساسيات التطوع بدور الرعاية الاجتماعية، بالتعاون مع جمعيات وطنية، كما جرى توقيع بروتوكول تعاون مع مستشفى جمال ماضى أبو العزايم، ومستشفى الطب النفسى ومكافحة الإدمان بجامعة القاهرة، ومركز الطب النفسى وعلاج الإدمان، بجامعة عين شمس لعلاج الحالات النفسية والسلوكية، وتفعيل مركز الإرشاد والتوجيه النفسى ببنى سويف وتشبيكه مع مديريات الوجه القبلى لتحويل الحالات النفسية من أطفال المؤسسات.
من جانبها، قالت غادة والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، فى تصريحات خاصة لـ»المصور»: إن الوزارة عملت على تقييم لمؤسسات الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية فى دور الأيتام، حيث تم تقييم عدد ٤٦٨ مؤسسة للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية، بالإضافة إلى رصد المشكلات والصعوبات التى تعوق أداء مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية وذلك من الجوانب التالية، البيئة، والبنية، والتجهيزات، والإدارة والتوثيق، والرعاية المتكاملة، وسياسة الحماية، والبرامج والأنشطة، وكفاءة العاملين.
وتابعت: «واجهت الوزارة المشكلات باستحداث آليات ومبادرات جديدة وسريعة لمواجهة المشكلات والصعوبات التى تعوق أداء مؤسسات رعاية الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية، كالتنسيق مع المديريات فى متابعة نتائج التقييم والعمل على مواجهة وعلاج المشكلات الموجودة، ماليا، وفنيا، وإداريا، بالإضافة إلى تعديل النظام الإدارى وإعادة الهيكلة بالوزارة وتفعيل الخدمات، حيث تم إنشاء قاعدة بيانات مؤسسات الأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية.
وأشارت الوزيرة إلى التدخلات التى أجرتها الوزارة فى قطاع الرعاية الاجتماعية قائلة: تم إنشاء فريق التدخل السريع وهو فريق لإجراء التدخلات العاجلة بالمؤسسات التى يظهر بها مشكلات، كما تم تشكيل فرق للتدخل السريع المحلى بجميع المحافظات، حيث تم إجراء تدخلات عاجلة لعدد ٤٠٢ حالة من أيتام، ومسنين, وتأهيل, ودفاع, وحالات فردية، بالإضافة إلى إجراء تدخلات فى عدد ٩٠ شكوى من الخط الساخن للوزارة ١٦٤٣٩، وغلق عدد ١٨ دار أيتام بعدد ٥ محافظات لوجود مخالفات، وحل ٦ مجالس إدارات لجمعيات أهلية تشرف على دور رعاية اجتماعية، سحب مشروعات لـ ٤ جمعيات أهلية، وإسناده لجمعيات أخرى.
وأوضحت الوزيرة أن الوزارة عملت على إطلاق أكثر من مبادرة للأطفال المحرومين من الرعاية منها «مبادرة بينا»، وهى مبادرة لتفعيل مبادئ الحوكمة من خلال مشاركة فعالة من كافة الأطراف وأصحاب المصلحة، والتجاوب مع الاحتياجات الفعلية للفئات المستهدفة، وإدارة الموارد الاجتماعية بشكل فعال، وتدعيم مفهوم المساءلة الاجتماعية بطريقة تتمتع بالنزاهة والشفافية ونجحت الوزارة فى إقامة ٢٨حملة ترويجية وفاعلية للمبادرة على مستوى ثمانى محافظات، وتسكين ٣٦٠ متطوعا بدور الرعاية الاجتماعية على مستوى ٨ محافظات، وتدريب عدد ٧٥٤ شخصا على كيفية تعامل الأبناء داخل دور الرعاية الاجتماعية، بمشاركة عدد ١٧٢ متطوعا فى البرامج التى تقدمها المبادرة، مثل «حماية»، و»أنا كبرت، و»فنون»، و»توب الرياضي».
وقالت الوزيرة إنه جرى عقد ٩ ورش تدريبية لرفع قدرة المتطوعين للعمل بمؤسسات الرعاية الاجتماعية و٣ ورش فى عدد ٣ محافظات لرفع كفاءة مقدمى الرعاية فى الدور وتنفيذ ٥ برامج فى مجالات التربية والفنون والصحة النفسية والرياضة بحضور ١٢٥ متطوعا، وتوزيع ٥ آلاف كتاب على مؤسسات دور الرعاية الاجتماعية بعدد ٧ محافظات ضمن فعاليات حملة «من حقك أن تقرأ»، بالإضافة إلى تنفيذ حملة «بسمتي» للكشف على أسنان الأبناء بمؤسسات الرعاية الاجتماعية ، وزيارة ٤٢٩ طفلا يتيما لمدينة كيدزانيا الترفيهية واشتراك ٢٠ متطوعا من المبادرة فى فعاليات يوم التطوع العالمى بمدينة شرم الشيخ.
وأكدت الوزيرة أنها تهدف لتـــطـــوير مؤسسات الرعاية الاجتماعية، وذلك بتمويل قدره ٢٣ مليون جنيه من خلال محور دعم وبناء قدرات العاملين عن طريق رفع كفاءة العاملين لعدد ٣٥٠ مؤسسة للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية فى ٥ محافظات، ورفع كفاءة العاملين لـ ١٦٨ دار مسنين فى ٢٢ محافظة، بالإضافة إلى رفع كفاءة ٣٥ مؤسسة للأطفال المحرومين من الرعاية الأسرية فى ٧ محافظات، ورفع كفاءة ٥٠ مؤسسة لرعاية المسنين فى ١٩ محافظة، وتصميم وتنفيذ بعض الأنشطة الاجتماعية، والترفيهية، والتثقيفية، التى من شأنها أن تعزز المشاركة المدنية والتسويق المجتمعي.
وحول الرؤية المستقبلية لخطة الوزارة لدور الأيتام أوضحت الوزيرة: «تم وضع شروط فنية وإدارية ومالية جديدة مع الجمعيات الشريكة لتفعيل دورها وأدائها، بالإضافة إلى تفعيل دور أعضاء فريق التدخل السريع سواء المركزي، أو المحلي، لمتابعة مؤسسات الرعاية بالمحافظة فى ظل خطة عمل المديريات فى منظومة المتابعة والرقابة، ووضع برنامج رعاية لاحقة للأبناء الأكبر من ١٨سنة، بتخصيص ٣ مراكز للرعاية اللاحقة، كما تم وضع حملة إعلامية لتعبئة الموارد والتسويق المجتمعى لفكرة دعم مؤسسات الرعاية وخطة للترويج لموضوع الأسر البديلة، وأهميته فى علاج مشكلات دور الأيتام والأطفال بل مأوي.
وقالت الوزيرة إن الوزارة قدمت نظام الأسر البديلة لخدمة الأطفال اليتامى، والذى يهدف إلى توفير أوجه الرعاية المتكاملة الاجتماعية والنفسية والصحية والمهنية للأطفال الذين جاوز سنهم سنتين وحالت ظروفهم دون أن ينشأوا فى أسرهم الطبيعية وعلى الأخص مجهولو النسب والمعثور عليهم والمتخلى عنهم، وذلك من خلال تهيئة البيئة البديلة لاستقبال الأطفال وتزويدها بالخبرات اللازمة لمعاونتها على كفالة حياة طبيعية ملائمة للأطفال، والترفيه عنهم فى المناسبات المختلفة بوسائل وأساليب متعددة كالقيام برحلات وإعداد معسكرات ملائمة مصاحبة لأسرهم.
وأضافت والى فى تصريحاتها لـ»المصور»: «تم وضع وتنفيذ برامج تثقيفية لتوعية الأسر البديلة وخاصة فى المجالات الصحية والنفسية للطفل، بالإضافة إلى تنفيذ البرامج الخاصة بتدريب العاملين بنظام الأسر البديلة وعقد الندوات واللقاءات الخاصة بدراسة المشكلات والصعوبات التى قد تعترضهم فى العمل، ودعم دور الضيافة والإيواء التى تقدم الرعاية للأطفال فى حالة تعذر توفير الأسر البديلة لهم. مشيرةً إلى أن المنتفع من نظام الأسر البديلة اللقطاء والأطفال الضالون الذين لا يمكنهم الإرشاد عن ذويهم، وتعجز السلطات المختصة عن الاستدلال عن محل إقامتهم، والأطفال الذين يثبت من البحث الاجتماعى استحالة رعايتهم فى أسرهم الأصلية، مثل أولاد المسجونين وأولاد نزلاء مستشفيات الأمراض العقلية، والأطفال الذين لا يوجد من يرعاهم من ذوى أقاربهم.»