السبت 23 نوفمبر 2024

تحقيقات

التربيع الأخير لقمر رمضان.. عد تنازلي.. ليلة القدر.. ميلاد هلال العيد

  • 26-5-2019 | 08:00

طباعة

في تمام الساعة السادسة مساء اليوم الأحد و34 ثانية بالتوقيت المحلي لمدينة القاهرة، سيصل هلال شهر رمضان المعظم للعام الهجري الحالي 1440 إلى طور التربيع الأخير في وجه القمر، ويشير ظهور قمر التربيع الأخير إلى بدء العد التنازلي لشهر رمضان، ويحظى بليلة القدر لتزامنه مع الفترة المتوقعة فيها، والتي يتحراها المسلمون في أوتار الليالي العشر الأواخر من رمضان، كما يشير إلى قرب ميلاد شهر شوال الذي يؤذن بأول أيام عيد الفطر المبارك، حيث أنه من المعروف فلكيا أن القمر يدور حول الأرض مرة كل 4 أسابيع، ونتيجة دورانه يمر بأطواره من المحاق والتربيع الأول مرورا بالبدر المكتمل ومن ثم التربيع الأخير ويعود إلى المحاق مرة كل 29.5 يوم.

وقال الدكتور جاد محمد القاضي رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، إنه في تلك الحالة فإن نصف القمر سيظهر مضيئا ونصفه الآخر مظلما، وأن القمر سيبقى في تربيعه الأخير في سماء القاهرة من منتصف الليل وحتى ظهر نهار يوم غد الإثنين، وسيكون في أوج مداره حول الأرض، وفي هذا التوقيت سيبعد كوكب نيبتون 4 درجات شمالا عن مركز القمر، وسيبدو منظر القمر بديعا ومن أجمل المناظر لرؤيته عاليا فى قبة السماء بالتزامن مع بداية شروق شمس اليوم الجديد مع خلفية السماء الزرقاء.

وأضاف أن فترة التربيع الأخير، هي الفترة التي يكون فيها القمر قد قطع ثلاثة أرباع مداره حول الأرض خلال هذا الشهر، وهذا الطور يمثل فرصة مثالية للتصوير، ووقتا مثاليا لرصد تضاريس سطح القمر باستخدام المنظار أو تلسكوب صغير، وذلك لأن جبال القمر وفوهاتها وغيرها تكون واضحة جدا خاصة على طول الخط الذى يفصل بين الجانب المضيء والجانب المظلم للقمر، نظرا لتداخل الضوء والظل مما يعطى منظرا ثلاثي الأبعاد . 

إذن فهي أيام قليلة ويرحل رمضان، بعد أن أكسب الصائمين قوي إضافية راقية وسامية، وزاد من مقاومتهم للجوع والعطش والتدخين، ووفر لهم الراحة النفسية بالتقرب إلى الله، وكسر رتابة الحياة والملل من أنماطها المتكررة طوال العام، ووحد المسلمين في سلوك جماعي جعلهم كأسرة واحدة، فالجميع يفطر ويتسحر حول ذات الوقت، لا فرق بين غنى وفقير أو جنس وعرق، وهو أيضا وسيلة لتفريغ الهموم والشحنات الضارة، الأمر الذي يؤدى إلى رفع وزيادة مناعة الجسم ضد الأمراض المختلفة .

والصوم والجوع يرتبطان بطول العمر والاحتفاظ بالذاكرة ونشاطها وارتفاع مستوى الذكاء، والصيام المنتظم والتغذية الجيدة وممارسة الحركة في صلاة التراويح والرياضة (وأبسطها المشى)، كلها عوامل هامة لتنشيط وتقوية عملية الالتهام الذاتي للخلايا، مما يزيد من كفاءتها ويحميها من الشيخوخة والتلف والفناء المبرمج، فهذه العملية البيولوجية التى تقوم بها خلايا الجسم تلقائيا هي سر شبابها الدائم، وطريقتها الوحيدة للتخلص من المكونات المسنة داخلها وإحلالها بمكونات جديدة شابة تساهم فى بقاء الكائن الحي على قيد الحياة .

لقد قدم صيام رمضان فرصة ثمينة لعمل صيانة دورية لأجهزة الجسم، فالصيام وسيلة لتخليص الجسم من السموم المختزنة، وله أثره الإيجابي في تنشيط الخلايا الأكولة "مايسترو المناعة والمسئولة عن حماية الجسم من الأخطار" التي تعيش في الدم لفترة قصيرة حتى يتم استدعاؤها لمناطق الالتهاب، فتستكمل نضجها ويزداد حجمها وتتحول إلى كيانات كاسحة ضد أي عدو يهدد الأنسجة، وتنقيها من البكتيريا والفيروسات والفطريات والخلايا السرطانية وحطام الخلايا المريضة وبقايا الالتهابات. 

والمسلمون عامة والمصريون خاصة يبتهجون بقدوم شهر رمضان، ويحزنون لفراقه، فهو زائر كريم كثير الهدايا سريع الارتحال، وفيه تتفجر ينابيع الخير والعطاء، وتحدث حالة من التكافل الاجتماعي غير المسبوق، بدءا من موائد الرحمن المنتشرة فى الشوارع إلى شنط رمضان ومكانته وصدقاته، وفيه تفتح أبواب الجنة وتغلق أبواب النار، وتصفد الشياطين، وفيه ليلة عظيمة القدر خير من ألف شهر، حيث تعتبر أكثر ليلة مقدسة فى العام، إلى جانب أن الصيام سنة كونية، تستهدف الحفاظ على صحة الكائنات الحية حيث يصوم جميعها، إما عند المرض أو التعرض للخطر أو في حالة البيات الشتوي، وذلك طبقا لما أكدته الأبحاث والدراسات العلمية، وفترة استغناء الكائنات الحية عن الطعام تختلف من نوع لآخر، والإنسان يمكنه العيش بلا طعام من 30 إلى 40 يوما.


مهلا رمضان فقد أوشك قمر شهرك على الغروب، فما أسرع خطاك أيها الشهر الفضيل، تأتى على شوق وبفرحة وتمضى أيامك على عجل، بالأمس القريب استقبلك المصريون بفرحة قفزت على كافة الصعاب والمشكلات والمتاعب التي سببها ارتفاع درجات الحرارة خلال أيامك، وانحراط الأبناء فى امتحانات نهاية العام بالمراحل الدراسية المختلفة، واليوم بدأ العد التنازلي لرحيلك، بعدما وصلت أيامك لثلثها الأخير، وشرع يستعد للرحيل، وبدأت روائح عيد الفطر تزاحم أجواء رمضان مع اقتراب رحيله بكل ماحملته أيامه من روحانيات وعمل صالح وطلب للعفو والمغفرة والثواب، وعلو سامى فوق المشاكل، فهذا الضيف العزيز على قلوب المسلمين عامة والمصريين خاصة لا يأتي سوى مرة واحدة في العام.


    الاكثر قراءة