يعد المسحراتى هو الشخص الذي يأخذ على عاتقه إيقاظ المسلمين في ليالي شهر رمضان المبارك لتناول وجبة السحور، وذلك من خلال حمله للطبل أو المزمار ودقها أو العزف عليها بهدف إيقاظ الناس قبل صلاة الفجر.. وعادة ما يكون النداء مصحوبا ببعض التهليلات أو الأناشيد الدينية، ومع تقدم الزمن وتطور المجتمع والتكنولوجيا، بدأت هذه المهنة في الانقراض، واختفى المسحراتى من معظم الحارات والأحياء بعدما كانت المهنة مشهورة ويتم مزاولتها بقوة في معظم الدول العربية.
وقد كان بلال بن رباح أول مؤذّن في الإسلام وابن أم مكتوم يقومان بمهمة إيقاظ المسلمين للسحور، فالأول يؤذّن فيتناول النّاس السّحور، والثّاني يمتنع معه النّاس عن تناول الطّعام.
وأول من نادى بـ"تسحير" الناس في مصر عنبسة ابن إسحاق سنة 228 هـ، وكان يذهب ماشيا من مدينة العسكر في الفسطاط إلى جامع عمرو بن العاص، وينادي الناس بالسحور.. وفي العصر الفاطمي، أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي الناس بأن يناموا مبكرين بعد صلاة التراويح وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقّون أبوابها ليوقظوا الشعب للسحور، قبل أن يتم تعيين مسحراتي لكل منطقة بعدها، حيث كان يدق أبواب المنازل بعصا يحملها، وذلك قبل أن يظهر المسحراتي في شكله الحالي ممسكا بـ"طبلة" في عصر المماليك.
وكان أول من أيقظ النّاس على الطّبلة هم أهل مصر أيضا، أما أهل بعض البلاد العربية كاليمن والمغرب فقد كانوا يدقون الأبواب بـ"النبابيت"، وأهل الشّام كانوا يطوفون على البيوت ويعزفون على العيدان والطّنابير وينشدون أناشيد خاصة برمضان.
وكان "المسحراتية" في مصر يطوفون في شوارع المدينة أو القرية يرددون الأناشيد الدينية وينادون الناس ليستيقظوا طالبين منهم أن يوحدوا الله، ويضربون على طار ضربات متوالية حتى يسمعهم النائمون فيهبوا من نومهم لتناول السحور.
والمسحّراتي من المظاهر التي ترتبط ارتباطا وثيقا بالشهر المبارك وبتقاليدنا الشعبية الرمضانية، فقبل الإمساك بساعتين يبدأ المسحراتي جولته الليلية في الأحياء الشعبية موقظاً أهاليها للقيام على ضرب طبلته وصوته الجميل يصدع بأجمل الكلمات، مما يضفي سحرا خاصا على المكان.. ومن العبارات المشهورة للمسحراتية: "اصحي يا نايم وحد الدايم.. يا غافي وحد الله.. يا نايم وحد مولاك للي خلقك ما ينساك.. قوموا إلى سحوركم جاء رمضان يزوركم".. ويقوم المسحراتى بتلحين تلك العبارات بواسطة ضربات فنّية يوجهها إلى طبلته.
وقديما كان المسحراتى لا يأخذ أجره، وكان ينتظر حتى أول أيام العيد فيمر بالمنازل ومعه طبلته المعهودة، فيوالي الضرب عليها نهار العيد لعهده بالأمس في ليالي رمضان، فيهب له الناس بالمال والهدايا والحلويات ويتبادلون معه عبارات التهنئة بالعيد السعيد.
كما اتخذت مهنة المسحراتى بعدا فنيا على يد الشاعر فؤاد حداد والموسيقار الراحل سيد مكاوي، حيث انطلق مسحراتي الإذاعة.. وفي العام 1964 ومع انتشار التلفزيون أبدع "مكاوي" في مزج هتافات المسحراتى مع الوعظ والإنشاد.