كتبت: إيمان البصيلي
في قلب القاهرة وتحديدًا خلف ضريح الزعيم الراحل سعد زغلول، وفور خروجك من محطة المترو المسماه باسمه، تجد في استقبالك سوق الموظفين أو سوق سعد زغلول سابقًا، لحظات وتجد عينك مشتته فى كل اتجاه فالسوق الذي يمر بشارع واحد تقريبًا لا تجده يخلو من شيء ، فاكهة وخضروات، لحوم وطيور وأسماك، أجبان وألبان، ملابس وأحذية، أدوات مطبخ وأطقم زجاج، سجاد ومفارش، كل شيء يباع في سوق الموظفين.
وعلى رأس السوق كانت تجلس بجلبابها الأسود، تنادى" الفطير، الفطير الطازة"، وجوارها وضعت أنائين ملائتهما بالجبن والمش، أم محمد سيدة في الخمسين من عمرها، أتت من مركز أشمون بمحافظة المنوفية بحثًا عن رزقها في سوق الموظفين، "أنا باجى هنا يوم السبت والأحد بس، وباقي الإسبوع ببقي شغالة في البيت، وبجهز الجبنة والفطير بتوع الإسبوع اللى بعده، أعمل ايه مهو أكل العيش مر" هكذا بدأت حديثها لـ " بوابة الهلال اليوم "،مضيفه أنها تستقل أربع وسائل نقل كى تصل إلى السوق، بعد عناء ثلاثة أو أربعة ساعات في الطريق، ونقود كثيرة تنفقها، ولكنها مضطرة، لأنها لا تعرف سوق أفضل من هذا، خاصة أن حركة البيع والشراء فيه كبيرة، تغطى نفقة سفرها، وثمن بضاعتها، ويتبقي لها هامش ربح.
على مقربة من أم محمد، يقف وائل علي، الشاب العشرينى، بجوار منضدة خشبية، وضع عليها الكثير من الجوارب المختلفة الأحجام والأشكال، قائلًا" السوق دا بالأساس اسمه سوق سعد زغلول؛ عشان جنب ضريحه، ولكن الناس كلها بتقول عليه سوق الموظفين؛ عشان كل الوزارات حولينا، وأكتر زباينا من موظفي الوزارات دى"، ويضيف وائل أن حركة البيع تكون رائجة فترة الظهيرة، أثناء خروج الموظفين من عملهم، فيمروا بالسوق لابتياع احتياجاتهم منه قبل العودة للمنزل.
يتابع وائل قائلًا" أهم ما يميز السوق أن به كل شيء يحتاجه الموظفين، حتى الأكل الجاهز في ناس بتعمله وبتبيعه، لأن الستات الموظفات ساعات مبيكنش عندهم وقت يعملوا أكل، فبيشتروه جاهز يدوب ع التسوية".
منضدة صغيرة، عليها عدة أطباق ورقية تراصت فيها أصابع المحشي بمختلف أنواعه، اضافه إلى أكياس من الخضار المجهز للطهى مباشرة وأصابع الممبار، وعلى مقربة من المنضدة جلست سميرة وابنتها يتناولت طعام الغداء، "أى طبق بـ20 جنية، الطبق وزنه كيلو" بهذة الجملة بدأت سميرة حديثها عند سؤالنا عن بضاعتها، مضيفة أنها من حي السيدة، وتعمل هى وابنتها الشابه في "حشى ولف" أصابع المحشي ليلًا، والمجئ لبيعها في هذا السوق في الصباح، خاصة وأن معظم رواده من موظفي الوزارات القريبة كوزارة العدل، والتربية والتعليم، والتموين،والصحة، والتعليم العالى، والمصالح الحكومية المنتشرة في المنطقة، وأغلبهن يجدن صعوبة في تجهيز المحشي "لأنه غلبه، وبياخد وقت طويل، خصوصًا مع ظروف شغلهم، وعشان كده قررنا نعمله احنا ونبيعهولهم، وهما ياكلوا واحنا نسترزق".
"عسل يا فرولة, معسلة يا جوافة" بهذه الكلمات وقف محمد حسن ينادى رواد السوق للإقبال على بضاعته، فيقول إنه يآتى للسوق يوميًا لبيع الفاكهة، والتى يجد الإقبال عليها كثير في هذا السوق، خاصة أن الكثير من الرجال لا يعرفون كثيرًا عن شراء الخضروات أو الملابس، ولكن أغلبهم يحرص على العودة لأسرته محملًا بالفاكهة، ولذلك فهو يحظى بالكثير من الزبائن من الجنسين.
خالد لطفي، شاب فى بداية الأربعينيات من عمره، وقف يتحدث مع بعض السيدات والفتيات عن بضاعته ويعرضها عليهن، بعدما وضع منضدة صغيرة رص عليها الكثير من أدوات الزينة و"الميك أب"، ويقول خالد إن موقع السوق مميز بالنسبه له، فبين موظفات الوزارات القريبة وبنات المدارس المجاورة تتنوع زبائنه، خاصة وأن معظمهن من أصحاب الدخل المتوسط، أو اللاتى يدخرن من مصروفهن اليومى لشراء قلم كحل أو قلم روج، مضيفًا أن بضاعته تلاقي رواجًا كبيرًا بينهن لأنها ليست من الماركات باهظة الثمن، والتى لا يمكن أن تتحملها المترددات على السوق.
"السوق هنا ميزته إنه قريب من شغلنا ومن المترو،وبمجرد ما نخلص نيجى نشترى اللى عايزينه ونركب المترو ونروح لعيالنا" هكذا قالت إحسان محمد، الموظفة بوزارة التربية والتعليم، مضيفة إنها تسكن بمنطقة طره، وتحرص دائمًا على شراء كل مستلزماتها من السوق يوميًا؛ كى لا تضيع وقتها في التجول بين المحلات المتفرقه فى منطقتها.
أما إيمان عبدالعظيم، فهى ربة منزل تسكن في حى السيدة زينب، وتقول "بنتى في حضانة جنب السوق، فكل يوم باجى أخدها، وأشترى لوازم الغدا وأروح أنا وهى"، وعلى مقربة منها وقف عبدالله أحمد، موظف باحدى المصالح الحكومية المجاورة، ينتقي بعض حبات الجوافة لشرائها، قائلًا" السوق هنا أسعارة حلوة، وأرخص من المحلات، وكمان بضاعتهم نضيفه" مضيفًا أنه يبتاع كل لوازم أسرته من السوق، خاصة الفاكهة.