كتبت : يارا حلمي
أم: أعباء الفتاة أصبحت لا تقل عن الرجل
إبراهيم: إزاي أجيب شقة وأنا ببدء حياتي؟
بات ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه سمة لكل السلع، ليس فقط فيما يتعلق بالأطعمة والملابس، لكنها امتدت لجميع السلع الاستهلاكية والمعمرة، الأمر الذي يمثل عبئا كبيرا على المواطن، وربما تزداد الضغوط بشدة في الأسرة التي بها فرد مقبل على الزواج، سواء عروسة أو عريس، فالاستعداد للزواج في الوقت الحالي يثقل كاهل الطرفين بأعباء تستلزم آلاف الجنيهات، ليتم تأسيس منزل يحتوي على الأساسيات فقط.
أعباء العروس
في الوقت الذي يتحمل العريس نفقات مهولة، بسبب وقوع العبء الأكبر في إعداد بيت الزوجية عليه، بداية بتوفير المسكن ثم تأثيثه، أصبحت نفقات مساهمات العروس تضاهيه، لا سيما إذا ابتعدت عن الأسواق الشعبية، واتجهت لشراء الأشياء الخاصة بالمنزل من مفروشات وأجهزة وخلافه من معارض كبيرة.
"تكاليف زواج العروسة باهظة الثمن، وما تتحمله يوازي ما يتحمله العريس"، هكذا أكدت مديحة سعد، التي زوجت ابنتها الكبرى، وتستعد حاليا لشراء مستلزمات زفاف الصغرى، وقالت لـ"الهلال اليوم": التزام العروسة يعني التزام أهلها، لأنهم سيدفعون التكاليف، فأهل العروس يشترون المفروشات وأدوات المطبخ والنظافة، وأبسط تقدير لتكلفته تلك الأشياء 50 ألف جنيه، وأحيانا يتم الاتفاق على تجهيز العروس لأثاث المطبخ، والأجهزة الكهربائية.
وأضافت سعد أن المفروشات كثيرة ومتفرعة، وتتكلف في المتوسط 30 ألف جنيه، فالأسِرَّة وحدها تتطلب أطقم ملاءات، ودفايات، ومفارش، وأغطية مثل اللحاف، وبطانيات، وكوفرتات، بخلاف أطقم المناشف الخاصة بالمطبخ والحمام والبشاكير، ومفارش المناضد.
وأشارت الأم إلى أن أدوات المطبخ كثيرة ومتنوعة، وقالت "إذا أردنا شراء أشياء عالية الجودة ستتكلف آلاف"، أطقم الأواني المعدنية "ستانليس ستيل، وألومنيوم، وصاج، والتيفال"، وبعض الأنواع الحديثة مثل السيراميك والجرانيت تتكلف على الأقل 10 آلاف جنيه، بخلاف الأوعية البلاستيكية متعددة الأغراض، ومتوسطها 1000 جنيه.
ونبهت سعد إلى أن العروسة تقتني أطقما للاستخدام وأخرى للنيش،موضحة أنه يتم شراء أطقم كوبايات وفناجين وكاسات، زجاجية وكريستال وصينية، بخلاف طقم الصيني الكامل، وطقم البايركس "زجاج حراري"، وطقم الأركوبال،والجديد أيضا طقم الأركوبايركس، وتابعت "بعض الأسر تكتفي بشراء طقمين فقط من كل ما سبق، وعموما الزيادة تبقى في منزل العروس للاستخدام".
إعجاز التمليك
في المقابل، تأتي التزامات العريس ثقيلة، فالشقة وحدها تتكلف عشرات وربما مئات الآلاف، ما بين الإيجارات المرتفعة والمقدمات الباهظة، أو التمليك الذي يُعتبر إعجازا في الوقت الحالي.
يقول محمد إبراهيم، 30 عاما، إن الزواج قرار صعب بسبب تكاليفه، فالشاب يحتاج ما لا يقل عن ربع مليون جنيه ليستطيع ملاحقة متطلبات الزواج، والأهالي لا يراعون الظروف المادية الصعبة التي يعيشها الشباب، خصوصا في ظل الازدياد الجنوني للأسعار، بخلاف عدم وجود دخل ثابت، نظرا لركود سوق العمل، وهناك مغالاة واضحة في الطلبات في أغلب الأسر المصرية، تتسبب في عدول الكثير من الشباب عن اتخاذ قرار الزواج.
ويضيف إبراهيم، يعمل بخدمة العملاء في إحدى شركات الاتصالات، أن العريس يُطلب منه بالأساس توفير مسكن الزوجية، وأن بعض الأسر تفضِّل وجود شقة تمليك، لضمان وجودها بشكل ثابت، وعدم التعرض لأزمة الانتقال من مكان لآخر، أو زيادة الإيجار المطردة، موضحا أن هذا الأمر عبء ثقيل على الشاب، وتابع "إزاي أجيب شقة تمليك وأنا ببدء حياتي؟".
وأشار إبراهيم إلى أن الشبكة أصبحت أمرا مزعجا، تعتمد هي الأخرى على تقدير أهل العروس، ويحكمهم في هذا الأمر إما تقاليد مجتمعية أو عائلية، وتابع "سعر الذهب يرتفع بشكل يومي، وأحيانا يقفز بزيادة جنونية، فالمبلغ الذي كان يضمن وجود شبكة قيمة أصبح الآن ثمنا يكفي بالكاد لشراء دبلة وخاتم".
ولفت إبراهيم إلى أن الأثاث هو المرحلة الأصعب في الأمر، "الغرفة المتوسطة من الغرف الرئيسية التي يشتريها العريس لن تتكلف أقل من 20 ألف جنيه، ما يعني أن العريس لن يدفع في الأثاث أقل من خمسين ألفا، بخلاف باقي التجهيزات مثل النجف والسجاد والستائر، التي لن تقل في متوسطها عن 10 آلاف جنيه".
واختتم إبراهيم حديثه قائلا "الأزمة ليست في الظروف الاقتصادية فقط، ولا في منظومة الزواج، لكنها ببساطة في المجتمع الذي يربط كل الأمور بالمادة، ويُقيِّم الحياة طبقا للأرقام وحسابات البنوك".