الأحد 12 مايو 2024

د. حسين خالد عضو المجلس العالمى لمكافحة الأورام: العلاج المناعى ثورة فى علاج للسرطان

6-4-2017 | 11:55

د. حسين خالد هو الاسم الكبير الآن فى عالم مكافحة الأورام فى مصر، يحمل على كتفيه ويروى لنا تاريخ معهد الأورام كاملًا حيث عمل عميدًا له لسنوات طويلة ويعتبر من الجيل الثالث مباشرة الذين عملوا فى المعهد بعد الجيل المؤسس، وجيل د. محمود شريف وشريف عمر حيث تم تعيينه فى عام ١٩٧٧ بالمعهد ورغم عمله كوزير للتعليم العالى لفترة إلا أن ذلك لم يجعله يمتهن العمل السياسى بل على العكس سرعان ما ترك المنصب الذى تولاه فى فترة مهمة من تاريخ مصر بعد ثورة يناير ٢٠١١ وهو صاحب المدرسة العلمية الآن التى أسست لإنشاء فرع المعهد الجديد بـ ٦ أكتوبر وترأس اللجنة العليا لمكافحة الأورام سابقاً، واختير مؤخراً عضو في المجلس العالمي لمكافحة السرطان.

لذلك فالحديث معه ليس متعة فقط فى التاريخ وإنما أيضا سباحة فى الجديد فى علم الأورام ذلك أن شغله الشاغل بالليل والنهار وهو كيف نواجه المرض وما هو الجديد فيه؟

في البداية نريد أن نعرف منك نبذة عن جهود مكافحة الأورام في مصر ؟

لابد أن نعرف أن مرض السرطان كان موجودًا منذ أيام الفراعنة وقد اكتشفوا بعض الموميات التى كانت مصابة بسرطان الثدى وأطراف المثانة ونستطيع أن نقول إن مرض السرطان قديم ولذلك هو مرض عالمى أى مشكلة عالمية بجانب كونه مشكلة قومية ويعد أحد ثانى أسباب الوفيات عالميًا بعد أمراض القلب، لذلك مصر لديها تاريخ طويل ومشرف فى مواجهة مرض السرطان حتى نستطيع أن نقول إنها كانت من أوائل الدول التى نفذت الإرشادات الدولية فى مجال مكافحة الأورام وعلى رأسها إنشاء مراكز متخصصة لعلاج ومكافحة السرطان ومن هنا جاءت فكرة إنشاء معهد لعلاج السرطان.

مذا عن قصة انشاء معهد الأورام؟

الفكرة كانت موجودة فى النصف الأول من القرن الماضى ومع الزخم الثورى فى أعقاب ثورة يوليو ١٩٥٢ تمت الموافقة عام ١٩٥٤ من قبل المجلس القومى للخدمات على فكرة إنشاء معهد للسرطان وأن يتبع كلية طب القصر العينى ولذلك تم تخصيص جزء من حديقة فم الخليج بمنطقة مجرى العيون القريبة جدًا من قصر العينى لإنشاء المعهد الجديد وفى عام ١٩٥٩ أى بعد خمس سنوات من القرار تم وضع حجر الأساس وبدأ التشغيل التجريبى فى عام ١٩٦٧ ولكن افتتح بكامل طاقته للعمل عام ١٩٦٩ وبدأ المعهد بالمستشفى الذى نطلق عليه القديم أو المستشفى الشمالى وهو بارتفاع سبعة طوابق وكان يستوعب ٢٧٠ سريرًا فى ذلك الوقت وأربع غرف للعمليات وأقسامًا متواضعة للأشعة العلاجية والتشخيصية والمعامل وغيرها من الخدمات.

هل كانت هناك مشاكل في بدايات تأسيس المعهد؟

نعم كانت هناك مشاكل فى البدايات والمؤسسين الحقيقيين للمعهد هو د. أحمد لطفى أبوالنصر وهو للحقيقة الذى سعى وكرس وقته ومجهوده لخروج بالمبنى إلى النور أى الاهتمام بالفكرة وتحويلها إلى التطبيق والاهتمام بالبنية التحتية والإنشاءات أى أنه صاحب اليد الأولى فى قضية الإنشاءات وكان معه د. طه السباعى وهو المدير الثانى للمعهد بعد د.أحمد لطفى أبوالنصر وكان يهتم بالبشر أو بالتنمية البشرية وكان بعيد النظر وعمل على الحصول على بعثات لطلاب الطب وتخصصهم فى الأورام وأرسلهم إلى فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية وعادوا للعمل مع الافتتاح التجريبى عام ١٩٦٧وبعد هذا التاريخ بفترة بسيطة انفصل المعهد عن قصر العينى وإن ظل يتبع جامعة القاهرة حتى الآن وأطلق عليه المعهد القومى للأورام.

وماذا حدث بعد ذلك ؟

نتيجة الضغط الكبير على المعهد حيث إنه الوحيد فى مصر كلها بل والمنطقة العربية حيث سبقنا تونس فى إنشائه تقرر فى السبعينيات إنشاء المستشفى الثانى أو ما نطلق عليه المستشفى الجنوبى وهو الذى يتم ترميمه منذ فترة وهو مستشفى ضخم بارتفاع ١٣ طابقًا ضعف المستشفى الأول وبدأ العمل فيه عام ١٩٧٩ وتكلفته وصلت إلى ٨٣ مليون جنيه ساهمت الدولة فى تمويله بنصف المبلغ وتبرعات المواطنين بربع التكلفة وكذلك المنح الخارجية وتم افتتاحه بعد هذا التاريخ بعشر سنوات وافتتحته سوزان مبارك.

لكن هذا المبني يعاني من مشكلات إنشائية ؟

نعم هذا صحيح فالمبنى يعانى المشاكل فى الإنشاءات منذ افتتاحه وحدثت أزمة كبيرة فيه عام ٢٠١٠ أدت إلى إغلاقه نهائيًا وحتى الآن حيث يتم الترميم أخيرًا وتم تخصيص مستشفى كان تابعًا لوزارة الصحة فى التجمع الأول بالقاهرة الجديدة كبديل للمستشفى وتم تخصيصه لسرطان الثدى وكذلك تم الاتفاق مع وزارة الصحة على نقل تبعية مستشفى الهرمل بدار السلام للمعهد لتخصص الأطراف وأورام الدم، ولكن حينما افتتح المستشفى الجديد الجنوبى عام ١٩٨٩ تم اتخاذ قرار بالتجديد الشامل للمبنى القديم الشمالى وللأقسام به حتى أصبح على ما هو عليه الآن ويقام الآن المستشفى الجديد بالشيخ زايد.

من هم أبرز الرموز التي عملت معها في المعهد؟

نحن لدينا رموز فى الأورام ورغم أننى من الجيل الثالث بالمعهد حيث إننى خريج دفعة ١٩٧٥ بقصر العينى وتم تعيينى بالمعهد عام ١٩٧٧ وكنت أول طبيب أورام يحصل على الدكتوراه فى العلاج الدوائى للأورام حتى توليت العمادة فى ٢٠٠٢ .

إلا أننا مدرسة تحترم الكبار فى التخصص لاسيما د. لطفى أبوالنصر وإليه يرجع الفضل فى إنشاء المعهد ولكن أستاذى كان د.السباعى النسخة الثانية من د. أبوالنصر ويبدو أن القدر وضع الاثنين ليكمل كل منهما ما ينقص الآخر فإذا كان د. أبوالنصر يملك الهمة والعزم للإنشاء فإن د.السباعى كان يهتم بالتخصص الدقيق فى جراحة الأورام ورغم ما كنا نسمعه عنهما إلا أنهما كان كلاهما يكمل الآخر ود. السباعى كان يطلق عليه الديكتاتور فى عمله رغم طيبة قلبه ولكن الجميع كان يخشى منه حتى إننى أذكر واقعة تدل على قوة شخصيته فقد كان د. السباعى يمنع التدخين نهائيًا ليس داخل المعهد بالتأكيد وإنما حتى الأبواب وفى مرة كنا مجموعة من النواب نقف خارج المبنى ورأينا د. السباعى يأتى نحونا وكان أحد الزملاء يدخن سيجارة فما كان منه إلا أن أطفأ السيجارة فى يديه ثم وضعها فى جيبه لأن لم يكن هناك مهرب آخر غير ذلك كذلك لا يمكن أن ننكر دور د. محفوظ فى علاج الأورام فهو أحد رموز العلاج الإشعاعى فى مصر.

هل هناك زيادة في أعداد مرضى السرطان في مصر ؟

نعم هناك زيادة فى أعداد مرضى السرطان فى مصر وهذا يعود إلى زيادة ظاهرية بمعنى أن المريض فى الماضى كان يعيش ويموت بالمرض دون أن يعرف به ولكن مع زيادة الوعى والتقدم العلمى زادت حالات التشخيص للمرض ثم هناك الزيادة الحقيقية فى الأعداد نتيجة لزيادة أعداد السكان فى مصر وارتفاع أعمار المصريين لأن مرض السرطان يطلق عليه مرض السن المتقدم لأن النسبة الأكبر من المرض تأتى فى السن المتقدم، يضاف إلى ذلك زيادة الأسباب التى تؤدى إلى مرض السرطان مثل التدخين بكل أنواعه والتلوث وغيرها من الأسباب.

ما هي أكثر أنواع الأورام المنتشرة في مصر ؟

زمان كان هناك أنواع محددة من السرطان منتشرة فى مصر أشهرها والأكثر عددًا كان سرطان المثانة نتيجة مرض البلهارسيا ومضاعفاته وبالتالى حينما تم علاج مرض البلهارسيا وقلت نسبته الآن إلى أقل من ٢٪ فى مصر تم انخفاض أعداد سرطان المثانة والجهاز البولى كذلك حينما بدأنا فى حملة مواجهة سرطان الثدى والتوعية حوله والكشف المبكر بدأت ترتفع نسبة الشفاء منه وهو كان ثانى أعلى نسب إصابة فى مصر ولكن الآن ظهرت أنواع أخرى من السرطان هى الأكثر عددًا مثل سرطان الرئة والمخ والرقبة وهذا يعود إلى التلوث والتدخين وليس السيجارة فقط وإنما الشيشة الأكثر خطرًا، فحجر الشيشة الواحد يساوى ٥٠ سيجارة أيضا لدينا ارتفاع فى نسبة سرطان الكبد وهذا له علاقة وطيدة بمرض فيروس سى وحتى العام الماضى لم يكن هناك حل جذرى له ولكن مع انتشار علاج فيروس سى وإنتاجه فى مصر ستقل بعد ١٠ سنوات نسبة حدوث سرطان الكبد مثلما حدث مع السرطان الناتج عن البلهارسيا.

كذلك يوجد ارتفاع فى نسبة سرطان القولون أى أمراض الجهاز الهضمى نتيجة تغير نظام الحياة والعادات الغذائية كذلك ارتفاع فى نسبة أمراض البروستاتا عند الرجال نتيجة التلوث وعدم النظافة.

وماذا عن الجديد في علاج الأورام؟

الطب فى علاج الأورام تطور جدًا واختلف عما كان عند بداية افتتاح المعهد فقد كان لدينا إنتاج محلى من الأدوية يعالج المرضى ورغم محدودية الأسماء، إلا أنها كانت علاجًا فعالًا جدًا فى ذلك الوقت ولم نكن نشكو من ارتفاع أسعار الدواء لأنه كان منتجًا محليًا ولكن الآن مع التطور العلمى حدث تطور فى العلاج نفسه فنحن لدينا الآن العلاج الجينى والهدف منه أن نصلح الخلل الذى أصاب الخلية السرطانية، لأن السرطان عبارة عن خلل يحدث فى الجينات داخل الخلية والعلاج الآن بالأدوية وغيرها هو أن نصلح هذا الخلل.

وهناك العلاج الأحدث عالميًا وهو العلاج المناعى بمعنى أن السرطان عبارة عن حرب بين الخلية المصابة وبين الجهاز المناعى فى الجسم فإذا كان الجهاز المناعى قويا فسوف ينتصر على السرطان، ولكن إذا كان ضعيفًا فسيظهر مرض السرطان والسرطان لكى ينتصر يفرز مواد فى جسم الإنسان «تثبط» أو تضعف من الجهاز المناعى وبالتالى تم التوصل إلى علاج دوائى جديد يواجه الإفرازات التى تنتجها الخلية المصابة بالسرطان وبالتالى يستطيع العلاج أن يغلق الباب أمام عملها ونموها أمام الجهاز المناعى ويطلق للجهاز المناعى بالجسم العنان أو القوة لمحاربة الخلايا الضعيفة المصابة.

لماذا تستحوذ مستشفي ٥٧٣٥٧ على الإهتمام الكبير والتبرعات أكثر من معهد الأورام؟

لأسباب كثيرة استحوذ ٥٧٣٥٧ على الاهتمام الكبير بل وحتى التبرعات الكثيرة أولًا لأنه أصبح عنصر جذب نظرًا لأن الأطفال أحباب الله ومن الصعب أن نرى أطفالًا يعانون هذا المرض مع ملاحظة أن معهد الأورام نفسه به قسم كبير لعلاج الأطفال.

وثانيًا أن المسئولين فى ذلك الوقت وعلى رأسهم سوزان مبارك كانت مهتمة للغاية بالمشروع وفى بلادنا عندما تهتم القيادة السياسية بمشروع ما فإن الجهود والأنظار تتجه إليه يضاف إلى ذلك إلى أن أصحاب الفكرة نفسها من ذوى النشاط الكبير والتصميم استطاعوا أن يقوموا بحملات كبيرة للمشروع ورغم أن مستشفى ٥٧٣٥٧ هو فرع من فروع معهد الأورام إلا أن الثمار من الدعم والتبرعات لا تذهب إلى الأصل ثم يعاد توزيعها طبقًا للاحتياجات والعدد.

ما أهم توصياتك لمكافحة انتشار السرطان في مصر؟

•• مكافحة السرطان فى مصر أصبحت قضية ملحة وحيوية وأهم نقطة فيها هى وضع الاستراتيجية الواضحة لمواجهة ومكافحة الأورام وهذا بدأ بالفعل وعملنا خطة قوية لعلاج الأورام للأورام لمعرفة حجم المشكلة لدينا ثم ثانيا وضع الخطط والإرشادات العلاجية حتى لا نهدر الموازنات الضعيفة لدينا أى الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة.

 

    Dr.Radwa
    Egypt Air