انتظر المصريون في الثالث من
يوليو عام 2013، بيان القوات المسلحة الذي كان يمثل لهم طوق النجاة من طغاة جماعة
الإخوان الإرهابية، وسط احتشاد الملايين في الشوارع التي تطالب بإسقاط حكم الإخوان،
رافعين شعار"يسقط يسقط حكم المرشد".
وكان مرسي قد وجه خطابا في مساء 2 يوليو للمصريين رفض
فيه مطالب الشعب بإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بل وذكر كلمة الشرعية وتمسكه بها عشرات
المرات، حيث جاء خطابه مخيبا لآمال المصريين.
وبدأ الاجتماع الذي دعت له
القوات المسلحة لحل الأزمة، والذى رفض قيادات الإخوان حضورة أكثر من مرة، حيث رفض محمد
سعد الكتاتنى، رئيس حزب الحرية والعدالة حضور الاجتماع، بينما حضر باقى القوى السياسية
من بينهم الدكتور محمد البرادعى، رئيس حزب الدستور آنذاك، ومحمود بدر، مؤسس حركة تمرد،
وسكينة فؤاد الكاتبة الصحفية، وجلال مره، الأمين العام لحزب النور، بجانب شيخ الأزهر
الدكتور أحمد الطيب، والبابا تواضروس ، بالإضافة إلى قيادات القوات المسلحة وعلى رأسهم
وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسى.
انتهى الاجتماع الذى استمر
لساعات، مساء 3 يوليو بكلمة المشير عبد الفتاح السيسى، التى قال فيها نصا:"بسم
الله الرحمن الرحيم ... شعب مصر العظيم"، إن القوات المسلحة لم يكن فى مقدورها
أن تصم آذانها أو تغض بصرها عن حركة ونداء جماهير الشعب التى استدعت دورها الوطنى،
وليس دورها السياسى على أن القوات المسلحة كانت هى بنفسها أول من أعلن ولا تزال وسوف
تظل بعيدة عن العمل السياسى.
ولقد استشعرت القوات المسلحة
- انطلاقا من رؤيتها الثاقبة - أن الشعب الذى يدعوها لنصرته لا يدعوها لسلطة أو حكم
وإنما يدعوها للخدمة العامة والحماية الضرورية لمطالب ثورته.. وتلك هى الرسالة التى
تلقتها القوات المسلحة من كل حواضر مصر ومدنها وقراها وقد استوعبت بدورها هذه الدعوة
وفهمت مقصدها وقدرت ضرورتها واقتربت من المشهد السياسى آملة وراغبة وملتزمة بكل حدود
الواجب والمسؤولية والأمانة.
لقد بذلت القوات المسلحة خلال
الأشهر الماضية جهودا مضنية بصورة مباشرة وغير مباشرة لاحتواء الموقف الداخلى وإجراء
مصالحة وطنية بين كل القوى السياسية بما فيها مؤسسة الرئاسة منذ شهر نوفمبر (تشرين
الثانى) 2012.. بدأت بالدعوة لحوار وطنى استجابت له كل القوى السياسية الوطنية وقوبل
بالرفض من مؤسسة الرئاسة فى اللحظات الأخيرة.. ثم تتابعت وتوالت الدعوات والمبادرات
من ذلك الوقت وحتى تاريخه.
كما تقدمت القوات المسلحة أكثر
من مرة بعرض تقدير موقف استراتيجى على المستوى الداخلى والخارجى تضمن أهم التحديات
والمخاطر التى تواجه الوطن على المستوى الأمنى والاقتصادى والسياسى والاجتماعى، ورؤية
القوات المسلحة بوصفها مؤسسة وطنية لاحتواء أسباب الانقسام المجتمعى وإزالة أسباب الاحتقان
ومجابهة التحديات والمخاطر للخروج من الأزمة الراهنة.
فى إطار متابعة الأزمة الحالية
اجتمعت القيادة العامة للقوات المسلحة رئيس الجمهورية فى قصر القبة يوم 22 / 6 /
2013 حيث عرضت رأى القيادة العامة ورفضها للإساءة لمؤسسات الدولة الوطنية والدينية،
كما أكدت رفضها لترويع وتهديد جموع الشعب المصرى.
ولقد كان الأمل معقودا على
وفاق وطنى يضع خارطة مستقبل، ويوفر أسباب الثقة والطمأنينة والاستقرار لهذا الشعب بما
يحقق طموحه ورجاءه، إلا أن خطاب السيد الرئيس ليلة أمس وقبل انتهاء مهلة الـ48 ساعة
جاء بما لا يلبى ويتوافق مع مطالب جموع الشعب.. الأمر الذى استوجب من القوات المسلحة
استنادا على مسؤوليتها الوطنية والتاريخية التشاور مع بعض رموز القوى الوطنية والسياسية
والشباب ودون استبعاد أو إقصاء لأحد.. حيث اتفق المجتمعون على خارطة مستقبل تتضمن خطوات
أولية تحقق بناء مجتمع مصرى قوى ومتماسك لا يقصى أحدا من أبنائه وتياراته وينهى حالة
الصراع والانقسام وتشتمل هذه الخارطة على الآتى:
- تعطيل العمل بالدستور بشكل مؤقت.
- يؤدى رئيس المحكمة الدستورية العليا اليمين أمام الجمعية العامة
للمحكمة.
- إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يتولى رئيس المحكمة الدستورية
العليا إدارة شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية لحين انتخاب رئيس جديد.
- لرئيس المحكمة الدستورية العليا سلطة إصدار إعلانات دستورية خلال
المرحلة الانتقالية.
- تشكيل حكومة كفاءات وطنية قوية وقادرة تتمتع بجميع الصلاحيات لإدارة
المرحلة الحالية.
- تشكيل لجنة تضم كل الأطياف والخبرات لمراجعة التعديلات الدستورية
المقترحة على الدستور الذى تم تعطيله مؤقتا.
- مناشدة المحكمة الدستورية
العليا لسرعة إقرار مشروع قانون انتخابات مجلس النواب والبدء فى إجراءات الإعداد للانتخابات
البرلمانية.
- وضع ميثاق شرف إعلامى يكفل حرية الإعلام ويحقق القواعد المهنية والمصداقية
والحيدة وإعلاء المصلحة العليا للوطن.
- اتخاذ الإجراءات التنفيذية لتمكين ودمج الشباب فى مؤسسات الدولة
ليكون شريكا فى القرار كمساعدين للوزراء والمحافظين ومواقع السلطة التنفيذية المختلفة.
- تشكيل لجنة عليا للمصالحة الوطنية من شخصيات تتمتع بمصداقية وقبول
لدى جميع النخب الوطنية وتمثل مختلف التوجهات.
تهيب القوات المسلحة بالشعب
المصرى العظيم بكل أطيافه الالتزام بالتظاهر السلمى وتجنب العنف الذى يؤدى إلى مزيد
من الاحتقان وإراقة دم الأبرياء.. وتحذر من أنها ستتصدى بالتعاون مع رجال وزارة الداخلية
بكل قوة وحسم ضد أى خروج عن السلمية طبقا للقانون وذلك من منطلق مسؤوليتها الوطنية
والتاريخية.
كما توجه القوات المسلحة التحية
والتقدير لرجال القوات المسلحة ورجال الشرطة والقضاء الشرفاء المخلصين على دورهم الوطنى
العظيم وتضحياتهم المستمرة للحفاظ على سلامة وأمن مصر وشعبها العظيم.
حفظ الله مصر وشعبها الأبى
العظيم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
وبعد الكلمة مباشرة احتفل المصريون
فى ميدانى التحرير والاتحادية، إلى جانب مختلف محافظات مصر ببيان القوات المسلحة، وعمت
الأفراح فى الشوارع بعد أن سقط حكم الإخوان، وبدأت مرحلة جديدة أنهت مساعى الإخوان
للسيطرة على جميع مفاصل الدولة.