كتب جيرالد هوارث عضو سابق في حزب المحافظين البريطاني وشغل منصب وزير استراتيجية الأمن الدولي البريطاني مقالا يشيد بأداء الاقتصاد المصري والذي تستعرض نصه بوابة الهلال اليوم كالتالي:
فى هذا الشهر منذ ست سنوات، تم الإطاحة بنظام مرسي في مصر، هذه الدولة التى تستحق المزيد من الاهتمام. حيث أن عدد سكانها يعد من أكبر عدد سكان دول القارة الأفريقية فيبلغ عددهم ما يقرب من مائة مليون نسمة كما إنه تشهد أثارها الرائعة على حضارة عتيقة متقدمة وذلك بالأضافة إلى أن المجتمع المصري مجتمع تعددي يضم أكثر من عشرة ملايين مسيحي قبطي، ففي الوقت الذي يسود فيه التوتر الديني في جميع أنحاء المنطقة، فإن مصربمساجدها وكنائسها جنبا لجنب لديها فرصة أن تكون قدوة ومثلا أعلى، بالأخص بعد أن أخلى الرئيس التركي أردوغان المجال فعليا من خلال إنشاءه دولة إسلامية.
ومع ذلك، في العقود الأخيرة، تدهور الاقتصاد المصري وأصابته سلسلة من الأزمات السياسية، وبلغت ذروتها بالإطاحة الشعبية في يوليو 2013 بالرئيس محمد مرسي، عضو جماعة الإخوان المسلمين الذي تم انتخابه للسلطة في عام 2OII.
وتماما مثل هتلر في ألمانيا في ثلاثينيات القرن الماضي وأليندي في تشيلي في السبعينيات، شرع مرسي في السيطرة على السلطة الكاملة في خطوة انتقدها محمد البرادعى، المدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والفائز بجائزة نوبل للسلام والذي صرح بأن مرسي "اغتصب جميع الدول القوية وعين نفسه فرعون مصر الجديد."
منذ الانتفاضة الشعبية في عام 2013 (التي أشارت إليها بلا كلل بي بي سي وغيرها بأنها "انقلاب عسكري")، سعت حكومة عبد الفتاح السيسي إلى استعادة النظام والاستقرار.
وبصفتي رئيسا لمجموعة العمل على مصر داخل البرلمان البريطاني من 2015 حتى 2017، قمت بزيارة البلاد حيث عقدت اجتماعات مكثفة مع الرئيس السيسي وعدد من الوزراء، واستضفت عدد من البرلمانيين المصريين فى لندن وعلمت بأن أحد التحديات الرئيسية التى واجتها مصر كانت مسألة الإعانات التى عملت
الحكومة حريصة على محوها، وهي سياسة تتفق مع مبادئ اقتصاد السوق القياسية، والتي تمثل حتما عبئا على أفقر أفراد المجتمع المصري.
ففي الوقت الذي ينتقد فيه وزراء مرسي السابقون حكومة السيسي، ذكر البنك الدولي في تقرير صدر مطلع العام الحالي أن "الحكومة المصرية تنفذ إصلاحات جذرية لمعالجة القضايا الهيكلية العميقة التى تعيق تحقيق الأهداف المزدوجة لمجموعة البنك الدولي المتمثلة في القضاء على الفقر المدقع وتعزيز الرخاء المشترك.
هذه الإصلاحات ساعدت على استقرار الاقتصاد وأدت إلى نتائج واضحة: انتعش النمو ، وتقلص العجز في الميزانية، ولم تعد العملة مقومة بأعلى من قيمتها ، وزادت الاحتياطيات الأجنبي."
في سنوات حكم مرسي، نما الاقتصاد المصري بنسبة 2.1 بالمائة سنويا بينما بلغ معدل النمو اليوم 5.5 بالمائة ويسير على المسار الصحيح ليصل إلى 6 بالمائة (البنك الدولى) ، متفوقا على جميع دول الخليج والمملكة العربية السعودية. كما ارتفع استثمار القطاع الخاص بنسبة 48 بالمائة خلال العامين الماضيين، وذلك على الرغم من تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما جعل مصر الأولى في أفريقيا والثانية فى العالم العربى بعد الإمارات العربية المتحدة.
كما جعلت حكومة السيسي تحسين البنية التحتية أولوية من خلال بناء "العاصمة الإدارية الجديدة" باستثمارات بلغت 58 مليار دولار و 6O مليار دولار أخرى في "العالمين الجديدة" ، بالإضافة إلى اسثمارات أخرى في مناطق صناعية جديدة مثل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. وفيما يخص السياحة فأنها حيوية للغاية للاقتصاد المصري ليس فقط بسبب أنها مصدر للعملة ولكن أيضا لأنها توفر الآلاف من الوظائف.
ففي عام 2010، جذبت مصر14.7 مليون زائر ، ووظف قطاع السياحة حوالي 12 بالمائة من القوى العاملة في البلاد كما شكل IO بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. بحلول عام 2013 ، انخفضت عائدات أهم المواقع السياحية في مصر بالفعل بنسبة 32 بالمائة عن عام 2011. كما أنه في أعقاب تحطم طائرة الركاب الروسية في أكتوبر 2015 وعندما انفجرت قنبلة على متنها بعد وقت قصير من إقلاعها من منتجع شرم الشيخ ، أمرت الحكومة البريطانية بتعليق جميع رحلات شركات الطيران البريطانية إلى شرم الشيخ مما أدى إلى انخفاض عدد السياح البريطانيين من 1.5 مليون في عام 2OIO إلى
000'870 في عام 2015.
وخلال زيارتي إلى مصر في عام 2016 ، أصررت أنا وزملائي على زيارة شرم الشيخ لرؤية المشخد هناك على الواقع. وهناك تم رصدنا للجهد المكثف الذي قامت به السلطات المصرية وفقا لتوجيهات من وزارة النقل البريطانية للتأكيد على أمن المطار قدر الإمكان. كما ذهبنا إلى المدرجات لرؤية الإجراءات الأمنية المطبقة على تداول الأمتعة ، وأكد مسؤول أن المصريين قاموا بالمطلوب منهم فأن السياحة في شرم الشيخ توفر آلاف فرص العمل وتفتح آلاف البيوت وأن تردد بريطانيا في القرار يزيد من خطر أن ينضم للجماعات المتطرفة عناصر جديدة .
ولللأسف، على الرغم من عقد الاجتماعات الفردية مع رئيس الوزراء البريطاني ومستشاره للأمن القومي، لم نتمكن من إقناعهم بإعادة رحلات الطيران البريطاني إلى شرم الشيخ على الرغم من قبول قادة الاتحاد الأوروبي ومن ضمنهم تيريزا ماي حضور القمة العربية الأوربية في شرم الشيخ في فبراير هذا العام فمن الواضح أنه لا يوجد شيء يطلق علية تأمين بنسبة IOO بالمائة من الأر هاب كما أثبتت ذلك الأعمال الوحشية التي حدثت في الداخل ، مثل تفجير حفل المغنية أريانا غراندي في مدينة مانشيستر أرينا في مايو 2017 ، ولكن هذا لم يدفع أحد إلى إقتراح حظر الزيارات إلى مانشستر.
حتى في وقتنا الحالي، أعتقد أنه يتعين على الحكومة البريطانية رفع الحظر ، كما فعلت دول أوروبية أخرى ، وهو رأي يشاركه أيضا خليفتي النائب العمالي ستيفن تيمز. ولكن كما خلصت جهات دولية تحظى باحترام ومصداقية لدى العالم مثل البنك الدولي إن مصر لم تخرج من فأن مصر تسير في الاتجاه الصحيح، وأنه من الواجب على بريطانيا أن تفعل ما بوسها لتعزيز السياسات الاقتصادية السليمة ودعم التبادل التجاري بين البلدين والذي وصل إلى 2 مليار جنية إستراينى.