تحتفل سلطنة عمان
في الثالث والعشرين من يوليو بيوم النهضة، وتزامنا مع فترة الاستعداد للاحتفالات صدرت
مجموعة من التقارير السياسية والإعلامية التي تثمن مواقف السلطنة بقيادة السلطان قابوس .
وفي أحدثها وصف تقرير أمريكي الدبلوماسية
العمانية بأنها تساعد على إطفاء الحرائق في الشرق الأوسط من خلال نهجها الساعي نحو
إحلال السلام في هذه المنطقة التي لا تخلو من التوترات، مشيرا إلى أن التاريخ العماني
يشهد على العديد من المواقف التي تعكس هذا النهج.
ووفقا للتقرير المطول
الذي نشره موقع (إن بي آر) الأمريكي – موقع الإذاعة الوطنية العامة بالولايات المتحدة
-فإن السلطنة تبذل جهودا عديدة لتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف من أجل الوصول
إلى السلام.
بدأ التقرير حديثه
عن السلطنة قائلا: على أحد شواطئ العاصمة مسقط،
تتجمع العائلات مساء يوم الجمعة للاستمتاع بفترة راحة قصيرة من حرارة الصيف الحارقة،
وترتدي النساء العبايات وتلعبن وسط الأمواج الهادئة مع أطفالهن، فيما تعلو الضحكات
وتملأ الهواء الدافئ، بينما الأطفال يبنون القلاع الرملية على حافة الماء.
ويصف التقرير الصورة
على أنها تعبر عن الهدوء الذي يتنافى مع الأخبار العنيفة القادمة من هذه المنطقة؛ حيث
تشترك السلطنة في حدود مع اليمن، التي تعاني من
الحرب. كما تقع عمان بين السعودية وإيران، وبحر عمان – الذي يشهد تجمعات الأسر
كل أسبوع- هو جزء من طريق رئيسي لشحن النفط في العالم، وموقع تعرضت فيه ناقلات نفطية
لهجوم في الأسابيع الأخيرة.
ومع ذلك، تمكنت عُمان
من البقاء بعيداً عن كل شيء، وفي جزء من العالم المنكوب المشتعل بالحرب، برزت السلطنة، كوسيط للحوار الهادئ وكصديق للعديد من
الأطراف المتعارضة، بدبلوماسية استطاعت أن تخلق لنفسها مساحة بين الصراعات دون أن تغمرها.
ويرى التقرير الأمريكي
أن سياسة السلطنة الخارجية امتداد لنهجها الداخلي، فعلى النقيض من صخب المدن والعواصم
الأخرى في الشرق الأوسط -مثل ازدحام حركة المرور في، وناطحات السحاب – تتميز مسقط بالهدوء؛
حيث تسير المركبات على شوارع واسعة ناعمة تصطف على جانبيها مروج خضراء. ويمكن التعرف
على المدينة من خلال فيلاتها البيضاء الأنيقة واللامعة الواقعة خلف السياج الذي يمتلىء
بالورود. حتى سوق مسقط للأوراق المالية يخلو من الفوضى المعتادة في مثل هذه الأسواق.
ويوضح التقرير أن
السلطنة سعت إلى تهدئة الصراع في اليمن، وساعدت في تأمين إطلاق سراح الرهائن الأمريكيين
في كل من صنعاء وطهران.
كما أنها صديقة لكل من إيران والولايات المتحدة الأمريكية،
وتلك الصداقة سمحت لمسقط بأن تكون المكان المناسب لاستضافة أول اللقاءات السرية بين
المسؤولين الأميركيين والإيرانيين، وهي المناقشات التي أدت في النهاية إلى خطة العمل
الشاملة ، والمعروفة باسم الاتفاق النووي الإيراني ، في عام 2015.
الآن ، ومع انهيار
هذا الاتفاق، يأمل البعض في إيران والولايات المتحدة أن تتدخل مسقط مرة أخرى.
والتقى الدبلوماسيون
العمانيون مع مسؤولين إيرانيين في الأسابيع الأخيرة، كما تم لقاء واتصالات بين السلطان قابوس ووزير الخارجية
مايك بومبيو في يناير الماضي، بعد انسحاب الولايات
المتحدة من الاتفاق الإيراني.
وزار إيبريان هوك،
المبعوث الأمريكي الخاص إلى إيران ، مسقط الشهر الماضي في جولة بالمنطقة ، إثر إسقاط
إيران لطائرة أمريكية بدون طيار في مضيق هرمز.
ويرى التقرير أن
تاريخ عمان التليد يعزز من تميزها مقارنة بالكثير من الدول المحيطة بها؛ حيث لم ولا
تدخل في صراعات، وعلى الرغم من أنها دولة عربية، إلا أنها تتمتع بتأثيرات من الهند
وشرق إفريقيا وأجزاء أخرى من العالم نظرا لكونها دولة تجارية على البحر.
حول الحياة الثقافية والفنية أشاد التقرير الأمريكي بدار الأوبرا السلطانية مسقط، وقال إن عروضها حازت على شهرة دولية؛ حيث
يجمع مشروع الأوبرا بين مختلف الثقافات من جميع أنحاء العالم، كما أن المبنى المعماري
لها مزيج بين الحجر الرملي العماني والرخام الإيطالي وسقوف خشب الساج.
نقل التقرير عن السفير
الدكتور محمد بن عوض الحسان، الممثل الدائم للسلطنة لدى الأمم المتحدة قوله نحن لا نتحدث كثيرا .
وأضاف “إننا نتصرف أكثر ،أحيانًا نلعب دور الوسيط
عندما نعتقد أننا نستطيع المساعدة. لكن بشرط عدم وجود وسائل إعلام ، لأن الهدف هو السلام
وليس الدعاية
“.
في النهاية، يقول
إن الدبلوماسية العمانية تستهدف بناء صداقات وتبني منظور متفائل، مضيفا: “نحن دائمًا
لا نركز على السلبيات، ولكن على الإيجابيات،
وعندما تركز على هذا الأمر، تصبح فرص السلام واضحة تمامًا.”
وينقل التقرير عن
الباحث السياسي زكريا المحرمي قوله: إن تاريخ عمان وثقافتها؛ من العوامل الرئيسية التي
تشكل هوية الشعب العماني وتقاليده”.
كما تحدث الدكتور
ناصر بن حمد الطائي مستشار مجلس إدارة دار الأوبرا السلطانية في مسقط إلى معد التقرير
وقال: “عندما افتتحنا دار الأوبرا في عام 2011 ، قال السلطان قابوس
إن عمان لعبت دائمًا دورًا بناءً في خدمة السلام، لذا أعتقد أن الأوبرا هي المكان
الأكثر حداثة للفن والموسيقى وهي واحدة من أفضل الطرق للترويج لنهج السلام، ولمواصلة
هذه الرسالة. إنها طريقة لجمع الناس ، لأن الموسيقى هي تعبير عن الإنسان والقيم ، والذكريات
العاطفية ، والحنين إلى الماضي ، والحب والعاطفة. سواء إذا كانت موسيقى كلاسيكية أو
موسيقانا التقليدية ، فهي وسيلة لتحقيق التآلف بين البشر.