الإثنين 20 مايو 2024

«ثورة يوليو» تواجه الأفكار الظلامية والمتطرفة بـ 6 مؤسسات ثقافية كبرى.. وتخلق أكبر طفرة ثقافية في الوطن العربي.. إنشاء أول وزارة وهيئتان عامتان للثقافة والكتاب.. مصر تقود الوطن العربي بأكاديمية الفنون

تحقيقات18-7-2019 | 17:56

كانت ثورة 23 يوليو من عام 1952 قبلة الحياة للثقافة في الوطن العربي وليس مصر فقط، وحققت نهضة ثقافية تعليمية في مختلف الفنون في الوطن العربي وظلت قائمة ومزدهرة حتى وقتنا هذا.

وحركت ثورة يوليو مياه الثقافة الراكدة ورسمت ملامح الحياة علي وجه الوطن العربي لتبشر بانتهاء حكم المستعمر، وإعلان الحريات في مختلف أوجه الحياة والتي كان من أبرزها فنون الإبداع في الرواية والشعر والأدب والقصة القصيرة والعديد من المقالات التي امتلأت بها معظم الصحف.

وتم إرساء دعائم البنية التحتية للمؤسسات الثقافية التي تعمل على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى يومنا هذا، ووصلت الثقافة بمفهومها الواسع إلى قلب الشارع المصري والعربي، واسترجعت مصر بهاءها ورونقها الثقافي لتصبح بحق منارة لأمتها العربية.

الهيئة المصرية العامة للكتاب

منذ قيام ثورة يوليو 1952، كان من مهامها التنمية الثقافية حتى تسير جنبا إلى جنب مع الخطة العامة للدولة، فكان التخطيط لإنشاء هيئة ثقافية حكومية تضطلع بمسئوليات وزارة الثقافة في مجال التأليف والترجمة والنشر.

ومنذ عام 1961 تفتقت الأذهان عن عدة أفكار لكيفية إقامة هذه الهيئة ، فمرت بعدة أشكال تحت مسميات عديدة من خلال القرارات الجمهورية التي صدرت منذ 1961 حتى 1994 إلى أن أصبحت الهيئة المصرية العامة للكتاب على شكلها الحالي .. فكان قرار رئيس الجمهورية العربية المتحدة رقم 1813 لسـنة 1961 بإنشاء “الهيئة العامة للأنباء والنشر والتوزيع والطباعة ” ذات طابع اقتصادي وتلحق برئاسة الجمهورية ، وكان الهدف الرئيسي من إنشاء هيئة ثقافية كبرى في حجم هيئة الكتاب تضييق الفجوة الثقافية بين مصر وبين شعوب العالم المتقدم من خلال تكاتف الجهود التي تبذلها قطاعات وزارة الثقافة تحقيقاً لمزيد من الرقى والتقدم وبما يليق باسم مصر وحضارتها.

إنشاء أول وزارة للثقافة بعد الثورة

بدأت القصة عام 1958 عندما قرر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر إنشاء وزارة تعنى بشئون الثقافة ، كان على رأسها الراحل ثروت عكاشة ، أول وزير للثقافة والإرشاد القومي ويعد أشهر من تولوا حقيبة الثقافة في تاريخ مصر.

تولى هذه المسئولية لفترتين تعتبران من أهم فترات النهضة الثقافية ، الأولى من عام 1958 إلى عام 1962 ، والثانية من عام 1966 حتى عام 1970 ، وفي هاتين الفترتين استطاع ثروت عكاشة أن يحدث تغييرا جذريا في المشهد الثقافي في مصر ، أدى إلى نهضة ثقافية حقيقية سواء على المستوى الفكري أو على مستوى البناء ، حيث يراه الكثيرون ، الشخصية الثقافية الأولى في مصر ، وكان اسمه يتردد صداه على امتداد الوطن العربي ، وفي عواصم الثقافة في أوروبا ، وفي أروقة اليونسكو.

شهدت هذه الفترة إرساء البنية التحتية للثقافة وإنشاء كثيرمن الهيئات التي عملت على إثراء الحياة الثقافية والفنية إلى يومنا هذا مثل المجلس الأعلى للثقافة ، وهو المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب آنذاك ، والهيئة العامة للكتاب ، ودار الكتب والوثائق القومية ، والتي كانت تحوي في ذاك الوقت نحو نصف مليون مجلد من الكتب والمخطوطات القيمة ، للمحافظة على التراث المصري بداخله ، وتأسيس فرق دار الأوبرا المختلفة مثل أوركسترا القاهرة السيمفوني وفرق الموسيقي العربية ، والسيرك القومي ومسرح العرائس ، والاهتمام بدور النشر ، حيث تم تأسيس المكتبة الثقافية ، والتي كانت النبتة الأساسية لمشروع مكتبة الأسرة ، حيث تقدم الكتب بأثمان زهيدة لتصبح في متناول الجميع.

الهيئة العامة لقصور الثقافة

من إنجازات الثورة التي أعطتها للثقافة المصرية، إنشاء الهيئة العامة لقصور الثقافة والمراكز الثقافية لتحقيق توزيع ديمقراطي للثقافة ، وتعويض مناطق طال حرمانها من ثمرات الإبداع الذي احتكرته مدينة القاهرة ، وهو ما يعد من أهم وأبرز إنجازاتها الثقافية.

كما تم إنشاء أكاديمية الفنون التي تضم المعاهد العليا للمسرح والسينما والنقد والبالية والموسيقى والفنون الشعبية ، بالإضافة إلى إنشاء دار الأوبرا ، كما تمت رعاية الآثار والمتاحف ودعم المؤسسات الثقافية ، والسماح بإنتاج أفلام من قصص الأدب المصري الأصيل بعد أن كانت تعتمد على الاقتباس من القصص والأفلام الأجنبية.

تعد الهيئة العامة لقصور الثقافة إحدى المؤسسات الثقافية ذات الدور البارز في تقديم الخدمات الثقافية والفنية . وهي هيئة مصرية تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والآداب والفنون الشعبية والتشكيلية وفي نشاط الطفل والمرأة والشباب وخدمات المكتبات في المحافظات .

وقد أنشئت في بادئ الأمر تحت مسمي الجامعة الشعبية عام 1945 ، ثم تغير اسمها في سنة 1965 إلي الثقافة الجماهيرية.

والثقافة الجماهيرية فى منتصف الستينات كانت تطرح مشروع الكتاب الأول لتشجيع الكتاب المبتدئين على النشر على حساب الثقافة الجماهيرية ، وفى تلك الفترة عملت الهيئة على نشر الاستنارة الفكرية ، وتحقيق وعي ثقافي شامل لكل طبقات المجتمع ، وتحويل مسار الفنون للشارع المصري ، بدلا من اقتصارها على الطبقة الأرستقراطية المثقفة ، في جميع أقاليم القطر المصري ، لكي تؤدي دورها الفعال تجاه جموع الشعب في كل مكان حتى للبسطاء منه.

وفي عام 1989 صدر القرار الجمهوري لتتحول إلي هيئة عامة ذات طبيعة خاصة وأصبح اسمها الهيئة العامة لقصور الثقافة، وتقوم حاليا بالعمل على نشر الثقافة والتنوير فى ربوع الوطن بإعمال آليات العدالة الثقافية من خلال قصور الثقافة المنتشرة فى ربوع مصر (580 موقعا ثقافيا) ، والنزول بالثقافة الجماهيرية إلى الشارع المصرى ، حتى تصل لكل فئات الشعب لزيادة التوعية وتنمية المجتمع.

دار الكتب والوثائق القومية

تمتلك دار الوثائق القومية العديد من الوثائق الهامة المتعلقة بالثورة ومنها : تنازل الملك فاروق عن العرش عقب إعلان الثورة ، وكذلك الوثائق المتعلقة بالإنذار الموجه للملك السابق 26/7/1952 ‏، وقرارات مجلس الثورة بإلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهورية فى 18/6/1953 ‏، قرارات مجلس الثورة بمصادرة أموال الملك السابق فاروق ، وإلغاء الحراسة 27|9|1953‏ ، قرارات مجلس الثورة بتأليف الوزارة ( 17|4|1954 ) ، وأيضا قرارات مجلس الثوة بتخلي اللواء أركان حرب محمد نجيب عن رئاسة الوزراء ، وتكليف البكباشي جمال عبد الناصر بتأليف الوزارة ‏17|4|1954‏ ، قرارات مجلس الثورة باسترداد أموال الشعب وممتلكاته من أسرة محمد علي ، ووثيقة خاصة بالإسراع بعمل مشروع إنشاء التليفزيون.

أكاديمية الفنون.. أول جامعة لتعليم الفنون في الوطن العربي

كان من أهم انجازات ثورة 23 يوليو 1952 إنشاء أكاديمية الفنون عام 1969 وهى أول جامعة لتعليم الفنون ذات طبيعة منفردة في الوطن العربي وهذه الأعوام تعنى الكثير بمقياس العطاء والإسهام الحقيقي في البناء الحضاري ولأهمية الفنون كأحد مقومات الحضارة أولت الدولة لها كل رعاية وعناية وتشجيع ، لذا أنشأت الدولة عدداً من المعاهد العليا للفنون كان أولها معهد الفنون المسرحية عام 1935 ثم توالى إنشاء معاهد أخرى ، وبعد فترة من إنشاء هذه المعاهد تكشفت الحاجة إلى ضرورة وجود هيئة تنظمها جميعا وتنسق فيما بينها وتساعدها على أداء وظيفتها ومباشرة أعمالها.

ولم تكن هناك مؤسسات حكومية تقوم بنشر الفنون، ولذا أنشأ ثروت عكاشة أكاديمية الفنون بمعاهدها الفنية المتخصصة المختلفة ، وذلك بعد توليه مسئولية وزارة الإرشاد القومي بسنة واحدة ، ومن خلال تلك المؤسسة استطاع الانطلاق بمصر من المحلية إلى العالمية ، فقد كانت هي إشارة البدء لتعليم الفنون العالمية ، والانفتاح عليها ، وتأهيل الكوادر الفنية المصرية في كثير من المجالات ، حيث بدأ التعاون مع بعض الدول الأجنبية لاستقدام أساتذة أجانب لتولي عملية الدراسة للطلاب المصريين في أكاديمية الفنون من خلال دراسة أكاديمية متخصصة ، والذين أصبحوا يقودون العملية التعليمية والثقافية ، فيما بعد ، ووصولا بتمثيل مصر في المهرجانات والمسابقات الدولية والعالمية ووضع فنون مصر على الخريطة العالمية ، ولم يكتف باستقدام الأساتذة من الخارج بل أرسل بعثات خارجية ، واستحضر آلات ومعدات للمعاهد.

تتكون الأكاديمية من المعاهد التالية: المعهد العالي للفنون المسرحية - المعهد العالي للسينما- المعهد العالي للباليه -  المعهد العالي للفنون الشعبية - المعهد العالي للكونسرفتوار - المعهد العالي للموسيقى العربية - المعهد العالي للنقد الفني.

المجلس الأعلى للثقافة

يعد المجلس مركز إشعاع للثقافة والفكر على المستوى المصري والعربي وقلعة من قلاع التنوير والاستنارة، ففي عام 1956 صدر قرار إنشاء المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب ، كهيئة مستقلة ملحقة بمجلس الوزراء ، تسعى إلى تنسيق الجهود الحكومية والأهلية فى ميادين الفنون والآداب ، وكان المجلس بهذه الصورة هو الأول من نوعه على المستوى العربي الأمر الذي دفع العديد من الأقطار العربية إلى أن تحذو حذو مصر وتشكل مجالس مشابهة.

وبعد عامين أصبح المجلس مختصاً كذلك برعاية العلوم الاجتماعية، وطوال ما يقرب من ربع قرن ظل المجلس الأعلى للفنون والآداب والعلوم الاجتماعية يمارس دوره في الحياة الثقافية والفكرية في مصر ، وفى عام 1980 تحول إلى مسماه الجديد «المجلس الأعلى للثقافة بصدور القانون رقم 150 لسنة 1980.