أكد سفير مصر لدى فرنسا ومندوبها الدائم باليونسكو السفير إيهاب بدوي، أهمية الشراكة الاستراتيجية بين مصر وفرنسا وحرص القيادة السياسية لكلا البلدين على تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات والتشاور المنتظم حول أزمات الشرق الأوسط وجهود مكافحة الإرهاب.
وقال السفير إيهاب بدوي- في كلمته خلال الاحتفالية التي أقامتها السفارة المصرية بمناسبة الذكرى الـ 67 لثورة 23 يوليو المجيدة بمشاركة نخبة من كبار المسئولين بالدولة الفرنسية لا سيما وزيرة الجيوش فلورانس بارلي- إن الزيارة الرسمية التي أجراها الرئيس إيمانويل ماكرون لمصر في يناير الماضي عكست رغبة ثابتة لدى قادة البلدين في التشاور بشأن الملفات الإقليمية والثنائية وكذا تطابق وجهات النظر بينهما حول أهمية تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين وهو ما جسده التوقيع على ثلاثين اتفاقية ثنائية لتعزيز التعاون في مجالات القضاء والصحة والنقل والطاقة المتجددة وكذلك الهجرة.
وأبرز السفير إيهاب بدوي التعاون الوثيق بين القاهرة وباريس لمكافحة آفة الإرهاب، مؤكدا أن مصر تواجه، منذ ثورة 30 يونيو ضد جماعة الإخوان، هجمات إرهابيةً دامية تستهدف مكونات الشعب المصري كافة من مدنيين ورجال جيش وشرطة ومسلمين ومسيحيين دون تمييز، مذكرا بأن هذا الإرهاب "الجبان" هو نفسه الذي ضرب قلب فرنسا وغيرها من البلدان.
وأوضح أن مصر تكثف جهودها لتفكيك الشبكات الإرهابية الناشطة على أرضها بشكل تام و نهائي لا سيما من خلال عملية "سيناء 2018" وأنه في هذا السياق يجري الرئيسان السيسي وماكرون حوارا مستمرا بشأن الأوضاع في ليبيا وسوريا ومنطقة الساحل والصحراء.
ولفت بدوي إلى ما تتيحه أيضا الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي من تعزيز للحوار بين بلدان القارة السمراء حول القضايا الأمنية ومكافحة الإرهاب ودعم التعاون والتكامل بينهم، مشيرا إلى اتفاقية التبادل الحر القارية التي تم إطلاقها مؤخرا خلال القمة الأفريقية غير العادية التي انعقدت مؤخرا بنيامي، حتى يكون لأفريقيا صوت واحد يتيح لها إجراء حوار بناء مع كل شركائها ومن بينهم فرنسا.
وأكد سفير مصر على أن 2019 شهدت دفعة غير مسبوقة في العلاقات الثنائية، فضلا عن إعلانها عاما ثقافيا بين مصر و فرنسا، متزامنا مع الاحتفال بمرور 150 عاما على افتتاح قناة السويس عام 1869، ويتخلله العديد من الفعاليات الثقافية والمتنوعة ولعل أبرزها معرض "توت عنخ أمون، كنوز الفرعون المقام بقاعة "جراند هال دو لافيليت" بباريس حتى 22 سبتمبر المقبل والذي تجاوز عدد زائريه المليون شخص، وهو ما يعكس ولع الشعب الفرنسي بتاريخ مصر وحضارتها والذي أصبح من الثوابت الفرنسية أكثر من أي وقت مضى.
وتابع السفير المصري بأن كل الإنسانية سيكون بإمكانها قريبا الاستمتاع بمشاهدة تلك القطع الفريدة التي لا تقدر بثمن بالمتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه في 2020 ليكون الأكبر من نوعه في إفريقيا إذ سيتضمن عرض مئة ألف قطعة أثرية تنتمي للحضارة المصرية على مساحة 500 ألف متر مربع.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال السفير إيهاب بدوي إن مصر بالرغم من البيئة الإقليمية غير المستقرة التي تحيط بها والتحديات الأمنية الناجمة عن ذلك، أطلقت برنامج إصلاح اقتصادي طموح وشجاع لوضع أسس دولة حديثة وعالية الكفاءة توفر لأبنائها البيئة المواتية للنجاح.
وأشار إلى أن هذا البرنامج قد أتى بثماره حيث نما الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 5.6% وانخفضت نسبة التضخم من 14% في نهاية 2017 إلى 8% في يونيو 2018، كما بلغ احتياطي النقد الأجنبي أعلى مستوى حققته مصر في تاريخها.
و أضاف انه في مجال الطاقة، حققت مصر فائضا في إنتاج الكهرباء والغاز الطبيعي بالتوازي مع تنفيذ مشروعات كبرى في التنمية المستدامة.
و أشار إلى إطلاق مصر برنامج لتشييد 13 مدينة جديدة بينها العاصمة الإدارية الجديدة التي ستستقبل مقار كل مؤسسات الدولة وأن الرئيس السيسي افتتح في يناير 2019 رمزين للتعددية الدينية في مصر وهما كاتدرائية ميلاد المسيح، الأكبر في الشرق الأوسط، ومسجد الفتاح العليم.
وأكد أن فرنسا تعد شريكا مميزا لمصر في هذه الطفرة الاقتصادية و تعتبر المستثمر الأجنبي السادس في مصر بأكثر من 5 مليارات يورو منذ مطلع 2019 في مجالات الطاقة و الخدمات المصرفية والبنية التحتية والاتصالات النقل الحضري والخدمات الصحية، مذكرا بأن 160 شركة فرنسية تعمل بمصر وتساهم في استحداث 360 ألف وظيفة غير مباشرة.
وكان السفير إيهاب بدوي قد استهل كلمته، التي ألقاها باللغة الفرنسية، بالتأكيد أن ثورة 23 يوليو 1952 كانت نقطة تحول تاريخية ألهمت العديد من الشعوب العربية والأفريقية الساعية للاستقلال، وبثت روحا جديدا في مصر، معبرة عن الكرامة والفخر والحرية والمساواة، ولكن أيضًا عن التنمية والحداثة.
وأضاف أن تلك الروح هي التي تقود العلاقات العميقة والقديمة والحوار المستمر بين فرنسا ومصر، والتي اتخذت على مر السنين بعداً غير مسبوقا في المجالات الاقتصادية والسياسية والأمنية ، ولكن أيضًا على المستوى الثقافي، الذي لا يزال حجر الأساس لهذه العلاقة التاريخية الاستثنائية.