الخميس 28 نوفمبر 2024

على مواقع التواصل.. من «الوردة الحزينة » إلى «القلب الجريح » .. لماذا يتخفى البعض وراء ستار !

  • 8-4-2017 | 09:56

طباعة

تحقيق : مروة لطفي

ما جدوى التواصل الاجتماعي إذا كان باسم مستعار؟!.. فهذا يضع حصان محل صورته الشخصية ويطلق على نفسه الفارس الحزين.. وتلك تغير كل يوم صورة لفنانة مشهورة وتسمي نفسها الجميلة الحالمة.. وغيرهما الكثيرون.. الأمر الذي جعلني أتسأل لماذا يخفي البعض نفسه وراء ستار طالما قرر الدخول للشبكة العنكبوتية، أليست هوية الطرف الذي نحادثه ضرورة بحد ذاتها لمعرفة مدى مصداقيته؟!.

أسئلة كثيرة طرحتها حين تلقيت طلب صداقة من "مشاعر".. وعندما حذفته فوجئت باتصال هاتفي من صاحبته.. لأكتشف أنها صديقة منذ أيام الدراسة، متعتها الوحيدة مشاركة البوستات الرومانسية للكتاب والشعراء.. ما أدى لاستياء زوجها جراء ظنون المعارف والأهل من وجود خلافات بينهما تدفعها للبحث عن الحب ولو على حائط الفيسبوك.. لذا قررت غلق صفحتها وفتح أخرى باسم مستعار تجنباً "لوجع الدماغ" على حد قولها وحلفتني ألا أخبر أحدا!..

الحب عيب

"الوردة الحزينة" هي الأخرى تتخفى وراء ستار في مجموعات الفيسبوك تقول: أنا طالبة جامعية، نشأت في أسرة محافظة، فلم أعتد البوح بمشاعري خاصة لو تعلقت بمسألة العواطف.. فالتعليق على ستاتس حب عيب.. والإعجاب ببوست رومانسي قلة أدب.. ولأنني أعشق قراءة كل ما يخاطب المشاعر، قررت فتح صفحة باسم مستعار حتى أنضم للمجموعات التي تنشر الأشعار الرومانسية وأشارك أحاسيسي دون قيد.. وللعلم غالبية عضوات هذه المجموعات بنات يعانين خجل الكشف عن حقيقة شخصياتهن.

أما صاحبة صفحة "القلب الجريح" فلها حكاية مختلفة تقول: منذ طلاقي وأنا أعاني المرار كلما صرحت بمشاعري على الفيسبوك.. فهذا الزميل يتوهم أنني أكتب إليه!.. وتلك الجارة تخشى على زوجها المعروف "بزوغان عينيه " مني، فربما يستغل وحدتي التي كثيراً ما أكتب عنها.. فكان الحل في صفحة باسم مستعار أدخل من خلالها على صفحات المشاكل المختلفة وأتبادل معاناتي مع غيري من صاحبات الأزمات المماثلة.

رجال ولكن!

وإذا كانت الظروف تدفع بعض الإناث للتخفي وراء ستار.. فلماذا يلجأ الرجال لاستخدام اسم مستعار؟!. يقول صاحب صفحة عاشق الحياة: أنا أستاذ جامعي تخطيت الخمسين من العمر، ومنذ شبابي وأنا مغرم بالأدب والفنون لكن وضعي مع الطلبة جعل من أي تعليق أكتبه على صفحة أدبية أو فنية مثارا للأحاديث الطلابية.. لذا أغلقت صفحتي وفتحت أخرى باسم مستعار عليها المقربين مني فقط.

أما أسير الهوى فله حكاية مختلفة يقول: أعترف أنني أجد في أحاديث الجنس الآخر سعادة لا توصف ولأنني معروف بالتزمت مع زوجتي وأبنائي فتحت حساب باسم مستعار تجنباً للمشاكل.

إغلاق الحسابات

هذا عن اعترافات بعض المتخفين وراء أسماء مستعارة على الشبكة العنكبوتية لكن يبدو أن هذه الظاهرة ليست قاصرة على مصر فحسب بل كافة بلدان العالم، حتى أن إدارة الفيسبوك أعلنت العام قبل الماضي إغلاق كافة الحسابات بأسماء مستعارة، الأمر الذي رفضه نشطاء الفيسبوك مؤكدين أن أصحاب بعض المهن كالمدرسين، والقضاة، وخبراء الاجتماع فضلاً عن كثير من ضحايا العنف المنزلي يضطرون لفتح صفحات بأسماء مستعارة للتعبير عن مشاعرهم دون قيد، كما عارضت العديد من المنظمات الحقوقية غلق هذه الصفحات بحجة أنها تدخل ضمن الحريات الشخصية طالما أنها لا تستخدم في إضرار الغير.. ما اضطر إدارة الفيسبوك للتراجع عن موقفها بعد أن وضعت القيود التي تضمن عدم استغلال هذه الحسابات في أعمال غير مشروعة.. لكن متى يصبح التخفي وراء اسم مستعار جريمة تستوجب العقاب؟! وإذا كان الحساب المستعار لا يستخدم في أعمال مخالفة فما الدوافع الاجتماعية والنفسية لإخفاء شخصية صاحبه؟!

- يقول اللواء محمود الرشيدي مساعد وزير الداخلية ومدير المعلومات سابقاً: يعتبر الفيسبوك من وسائل الإعلام غير المنضبطة، فيمكن لأي شخص إنشاء صفحة باسم مستعار لكن المشكلة لو كان هذا الاسم مأخوذ من آخر كأحد النجوم أو غيرهم ففي هذه الحالة يعتبر منتحل صفة وهذه جريمة يعاقب عليها القانون.. أما لو كان الحساب باسم الطائر الحزين أو غيره ولا يستخدم في الإضرار بالغير أو نشر أي من الأفكار المتطرفة فهذا يدخل في نطاق الحريات الشخصية خاصة أنه ليس لدينا قانون للجريمة المعلوماتية حتى الآن..                                     

ويحذر اللواء/ الرشيدي من إضافة أي شخص على الفيسبوك دون معرفة صاحبه سواء كان باسم مستعار أو لا تجنباً للتعرض لأي من جرائم الفيسبوك سواء نصب أو ابتزاز وغيرهما فضلاً عن ضرورة التأكد من صاحب الحساب قبل عمل أي شات حتى لو كان من الأصدقاء فقد يكون حسابه تعرض للسرقة وأنت تتكلم مع السارق وليس من تعرفه فعلياً.. ويفضل عدم وضع صور شخصية على مواقع التواصل الاجتماعي حتى لا يتم استخدامها من قبل أي من المغرضين فلا يوجد أمان 100% في عصر اللا أمان التكنولوجي.. وأنصح حال تلقي أي رسالة خارجة عن المألوف بعدم مسحها وإبلاغ إدارة مكافحة جرائم المعلومات على الخط الساخن  108 حتى يمكن الوصول لصاحبها.

متاهة الازدواجية

 ويؤكد الدكتور/ حسن الخولي أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس أن المجتمع قد يدفع البعض للدخول في متاهة الازدواجية حال رفضه الإفصاح بحرية عن المشاعر فيلجأ من يعاني هذا الرفض لفتح حسابات مستعارة يعبر فيها عما يدور داخله.. كذلك تلجأ بعض الشخصيات التي تعاني الخجل والانطواء لهذا التخفي وهو ما يكشف عن خطورة الكذب الاجتماعي الذي تفشى في المجتمع وأصبح بحاجة لمزيد من الدراسات لتجنب تبعاته.

اضطرابات وجدانية

وتكشف الدكتورة/ نادية جريس استشاري الطب النفسي عن الدوافع النفسية وراء تخفي البعض خلف ستار وهمي على الفيسبوك قائلة: هناك عدة أنماط شخصية تلجأ للأسماء المستعارة منها الشخصية السيكوباتية حيث يعاني صاحبها من اضطراب وجداني يدفعه لإيذاء الآخرين ومن ثم يلجأ للاسم المستعار حتى يتجسس على غيره عبر الفيسبوك دون أن يعرفه أحد.. وعادة ما يعاني صاحبها من ضغوط اجتماعية وأسرية أوصلته لهذه الحالة.. كذلك تلجأ الشخصية الانطوائية للتخفي لعدم قدرتها على المواجهة والبوح بمشاعرها وغالباً ما يكون سبب انطوائها راجعا للتربية الخاطئة والنشأة المنغلقة التي أدت لخوفها من التعبير عن آرائها.. أما الأكثر خطورة هو تخفي بعض الرجال في أسماء إناث أو العكس حيث ينم ذلك على خلل في الشخصية الجنسية.. وكل من الأنماط السابق ذكرها بحاجة لتأهيل نفسي.

حساب أسبوعي

أما الدكتور/ أسامة قناوي خبير الموارد البشرية فيرى أن التواصل خلف ستار اسم مستعار لن يحل مشكلة أو يساعد الشخص على إخراج مشاعره لذا ينصح أصحاب الأسماء المستعارة بعمل كشف حساب أسبوعي يعتمد على ثلاثة محاور المعرفة، المهارة، والقدرة.

فالمعرفة هي من تواصلت معهم عبر صفحتك، والمهارة في ما قدمته من أفكار وخبرات تفيد غيرك، أما القدرة فتعتمد على درجة إقناعك للآخرين بما يفيدهم ومجتمعك.. وقتها فقط لن تحتاج للتخفي وراء ستار فهذا الكون مبني على التكامل وليس التفاضل ومن ثم لن يفيد أحدنا الآخر وهو يخشى الإفصاح عن أفكاره.

    الاكثر قراءة