السبت 22 يونيو 2024

عفوًا أيها الآباء.. لن ينفعكم الندم!

8-4-2017 | 09:57

بقلم نبيلة حافظ:

كثيرًا ما أجد نفسي في حيرة من تصرفات وطباع بعض البشر التي يتجسد فيها كل شيء ونقيضه، وقتها تعجز الكلمات عن وصف ما بداخلي من مشاعر وأحاسيس تجاه ما أراه من حولي، ومن أكثر المشاهد التي تحيرني وتؤلم نفسي حال آباء وأمهات الشهداء من رجال الشرطة والقوات المسلحة، الذين أنجبوا أبناءهم وأحسنوا تربيتهم وصنعوا منهم رجالا أقوياء لا يهابون الموت في حربهم ضدد التطرف والإرهاب رافعين شعار إما النصر أو الشهادة، وكلهم يقين بأن الروح رخيصة أمام الدفاع عن الوطن، آباء يضحون بأبنائهم ويقدمونهم ــ بكل حب ورضا وإيمان قوي بقضاء الله ــ قربانا من أجل الحفاظ على الأرض والعرض والعزة والكرامة، آباء لا يحزنهم استشهاد أبنائهم بل يسعدون بنيلهم لشرف الشهادة، وعلى النقيض تماما منهم آباء آخرون لم يحسنوا تربية أبنائهم ليس هذا فحسب بل يدافعون عن تسيبهم وانحرافهم وسلوكهم المعوج داخل مدارسهم.

 الفارق كبير مثل الفارق بين السماء والأرض، فآباء الأبطال هم من أنجبوا خيرة شباب هذا الوطن الذين شبوا على المثل العليا والقيم والأخلاق الحميدة، علموهم معنى الفداء والتضحية والإيثار والجود عن النفس وحب التراب الذي يسيرون عليه، وعلموهم أيضا منذ صغرهم معنى الرجولة والشهامة والشجاعة، غرسوا فيهم الصدق والأمانة وتقوى الله.

أما آباء الطلاب المشاغبين والمنفلتة أخلاقهم نجدهم لم يدركوا بعد قيمة المعلم ولا دور المدرسة التي ينتمي لها أبناؤهم، وهم للأسف الشديد لم يربوا أبناءهم التربية الحسنة التي يجب أن يكونوا عليها، بل بالعكس نجدهم ـ دون أن يدروا ـ يساعدوهم على الانحراف والتسيب والانفلات، وتكون النتيجة عدم تقدير لبيت العلم الذي ينتمون إليه ولا المعلم الذي يجب عليهم إجلاله وتقديره.

أتوقف أمام آخر الوقائع لهؤلاء الآباء الذين يساهمون في إفساد أبنائهم، ففي إحدى المدارس التابعة لإدارة السنبلاوين التعليمية بمحافظة الدقهلية تجمهر بعض أولياء أمور طلاب المدرسة وقاموا بأعمال شغب إعلانا عن رفضهم للتصرف الذي اتخذه أحد مدرسي المدرسة والمسئول عن الانضباط بعقاب بعض الطلاب الذين قاموا بعمل قصات شعر غريبة ــ عرف الديك وكابوريا ــ والتي لا تتناسب مع كونهم طلاب علم، المدرس حاول أن يؤدي واجبه التربوي ويلقن هؤلاء الطلبة درسا في الالتزام فقام بحلق شعرهم حرصا منه على المظهر العام الذي يجب أن يكون عليه الطالب، وبدلا من توجيه الشكر له على الدور الذي أداه كان نصيبه التزمر والشكوى والاحتجاج من جانب أولياء الأمور وإحالته إلى التحقيق من جانب جهة عمله.. عجبي!

وفي واقعة أخرى مماثلة في مدرسة أخرى قام مدير إحدى المدارس بطرد 173 طالبة من المدرسة بسبب ملابسهن غير اللائقة بالعملية التعليمية، وللأسف تصرف هذا المربي الفاضل لم يجد تقديرا من جانب ذويهم، بل علت أصواتهم بالشكوى وعدم الرضا عما حدث لأبنائهم.

وهكذا أصبح آباء هذا العصر عنصرا من عناصر فساد الأبناء وظهير قوي يدفعهم إلى التسيب وعدم الانضباط، وبدا واضحا أنهم تخلوا تماما عن دورهم في التربية وبدلا من أن يتركوا هذا الدور للمدرسة والمعلمين بخلوا به عليهم وكانت النتيجة الحتمية والمؤسفة لهذ الجيل، أبناء منحرفون يفتقدون الأخلاق وبلا تربية.

هؤلاء الآباء أقول لهم لا تنسوا أنفسكم فإن ما تزرعونه اليوم بأبنائكم سوف تحصدونه غدا ووقتها لن ينفع الندم!

    الاكثر قراءة