بقلم : ماجدة محمود
عندما هاتفتني الصديقة العزيزة د. رانيا يحيى الأستاذة بأكاديمية الفنون لتخبرنى باختيار الأكاديمية تكريم شخصى الضعيف لما تقدمة مجلة «حواء» من رسالة ثقافية هامة للنساء والفتيات على صفحاتها، وتقديرا لحرص المجلة على متابعة أنشطة الأكاديمية التى هى قلعة من قلاع الفنون والتنوير فى مصر، لم أكن أتوقع ان أقضى ليلة من ألف ليلة وليلة .
الاحتفالية التى دعيت إليها والتى شرُفت بالتكريم فيها مع مجموعة من الإعلاميين كانت على شرف الفنانة العظيمة، فؤادة السينما المصرية العظيمة شادية، المسرح الكبير بقاعة الفنون يضج بالحضور من جميع الأعمار، الصمت يلف المكان وكأنك فى محراب للعبادة، الكل مترقب لحظة رفع الستار وبدء مراسم الاحتفال، ووسط هذا الهدوء وتلك السكينة تعزف الموسيقى أغنية «إن راح منك يا عين» وتطل علينا الباليرينة زينب جمال الأستاذ المساعد بالمعهد العالى للباليه لتؤدى تابلوها راقصا غاية فى الروعة والرقى بصحبة زميلها، ويصفق الحضور إعجابا وانبهارا بالأداء الرائع للغة الجسد التى استطاعت أن تعبر عن كل المشاعر والأحاسيس التى تضمنتها الكلمات خاصة الجملة التى تقول: «إياه يقسى على، إياه ينسى اللى كان لسه الليالى جايه وأكتر من زمان، ومهما بعدت عنه نسيانه أقوى منه ولا يهمك يا عين هيروح من قلبى فين ده القلب يحب مره ما يحبش مرتين». وبمجرد انتهاء الفقرة الراقصة تتصدر الشاشة صورة وصوت الفنانة شادية التى تقدم الشكر للأكاديمية التى منحتها العام الماضى درجة الدكتوراه الفخرية تقديرا وعرفانا بدورها فى إعلاء قيمة الفن ورسالته السامية، وتدعو لمصر بدوام الاستقرار والأمان وأن يحفظها الله من شر العابثين بأمنها، مرددة فى نهاية كلمتها «تحيا مصر» وبدوره يردد الحضور يا حبيبتى يا مصر يا مصر. وبمناسبة حديث الفنانة شادية عن أكاديمية الفنون أضيف إلى ما قالته أنها أول مؤسسة فى الوطن العربى تختص بتعليم الفنون والبحوث العلمية التى تقوم بها معاهدها فى سبيل خدمة المجتمع والاتجاه بالفنون اتجاها قومياً يرعى تراث البلاد وأصالتها، والبداية كانت بإنشاء المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1930 من أجل إعداد فنان مسرحى دارس وقادر على تفهم طبيعة ما حوله من فنون وثقافات بهدف المشاركة الإيجابية فى ثقافات المجتمع ومع نجاح التجربة كان الحافز قويا لمزيد من الإنجازات فتم إنشاء المعهد العالى للباليه عام 1958 لخلق جيل من الشباب يمارس هذا الفن الرفيع وتكوين فرقة باليه مصرية ثم عام 1959 أنشئ المعهد العالى للسينما بهدف إعداد وتأهيل الكوادر الفنية الدارسة للعلوم السينمائية والتليفزيونية وفى نفس العام أنشئ أيضا كل من المعهد العالى للموسيقى «الكونسرفتوار» لإعداد موسيقيين متخصصين فى العزف على مختلف الآلات الموسيقية، والمعهد العالى للموسيقى العربية لتأهيل فنانين متخصصين فى علوم الموسيقى العربية وفى عام 1970 أنشئ المعهد العالى للنقد الفنى فى مختلف تخصصاته وفى الثمانينات وتحديدا عام 1981 خرج للنور المعهد العالى للفنون الشعبية لتوثيق ونقل الثقافة الشعبية داخل البلاد وخارجها. وأعود إلى فقرات الحفل التى استُأنفت بعد استراحة قصيرة استعد فيها المسرح لاستقبال فرقة الموسيقى العربية بقيادة المايسترو د. ماجد سرور والبداية بـ «يا حبيبتى يامصر» ويصفق الحاضرون حبا فى مصر ويتغنون مع الفرقة «ما شفش الأمل فى عيون الولاد وصبايا البلد، ولا شاف العمل سهران فى البلاد والعزم اتولد، ولا شاف النيل فى أحضان الشجر ولا سمع مواويل فى ليالى القمر، اصله ما عداش على مصر» كلمات الأغنية لوحة فنية لجمال أرضنا وأصالة شعبنا، الشعب اللى قلبه دايما مع وعلى مصر ولهذا كانت الأغنية التالية التى تغنت بها فرقة الموسيقى العربية «القلب معاك»، وأغنية «حاجة غربية» و«آه يااسمرانى»، و«انا عندى مشكلة» و«احتار خيالى»، و«مين قالك تسكن فى حارتنا»، و«شباكنا ستايره حرير»، «قولوا لعين الشمس ما تحماشى»، «غاب القمر»، «يا أم الصابرين» وبالفعل مصر صابرة وعلى الألم معدية من نيلك سقاني الشهد حبيبي، من قمحك وكلني اللقمة حبيبي، من خيرك ميّل و اداني حبيبي، من حبك علمني إيماني حبيبي، وأتذكر كلمات د. أحلام يونس رئيسة أكاديمية الفنون التى قالت عن صوت شادية «إنه يجمع فى نغماته صوت الجرس والآذان، إنه خرير المياه فى النهر، وحفيف الأشجار وتغريد الطيور على شاطئ النيل، والفرحة بيوم النصر» فعلا من يستمع لصوت شادية يتأكد أنه صوت مصر.