ذكرت وكالة "بلومبرج" الأمريكية، أن الأسواق العالمية على موعد مع بيانات اقتصادية أمريكية مهمة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، عاكسة مدى صحة الاقتصاد الأمريكي، الأكبر على مستوى العالم، خلال الفترة المقبلة سواء كانت مبيعات التجزئة الأمريكية أو الناتج الصناعي، بالإضافة إلى بيانات التضخم الاستهلاكي لشهر يوليو الماضي والمرجح أن تنمو بنسبة 1.7%.
جاء ذلك خلال تقرير مطول لوكالة "بلومبرج "، مستعرضة فيه أهم البيانات الاقتصادية العالمية المرتقبة هذا الأسبوع سواء كانت المتعلقة بمعدلات النمو أو تلك التي تتناول مستويات التضخم ومبيعات التجزئة والناتج الصناعي للعديد من الاقتصادات الكبرى حول العالم التي تعد محركا أساسيا لدفة الاقتصاد العالمي.
وفي الوقت الذي تخلو أجندة الفيدرالي الأمريكي "البنك المركزي الأمريكي" هذا الأسبوع من زخم الأحداث بعد تصدره ساحة الاقتصاد العالمي على مدار الأسبوعين الماضيين عبر قراره الأخير بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس للمرة الأولى في 10 أعوام، تتحول الأنظار صوب القارة الأوروبية حيث من المقرر أن تصدر ألمانيا، أكبر اقتصاد على مستوى القارة، بياناتها بشأن النمو في الربع الثاني من العام يوم الأربعاء المقبل، وسط توقعات تشير إلى انكماش بنسبة 0.1% في الربع الثاني مقارنة بالربع الأول.
وأوضحت أن الاقتصاد الألماني -المعتمد إلى حد كبير على عائدات الصادرات- تضرر من جراء تصاعد وتيرة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، ليتجه صوب ركود محتمل لا سيما مع خفض شركات كبرى مثل "دليمار" و"لوفتهانزا" و"باسف" تقديراتها بشأن النمو.. مشيرة إلى أن الناتج الصناعي الألماني سجل أكبر تراجع سنوي له في نحو 10 أعوام خلال يونيو الماضي فيما تراجعت مؤشرات ثقة الأعمال بالإضافة إلى انخفاض الصادرات الألمانية.
ويقول جيمي راس، كبير الخبراء الاقتصاديين في الشأن الأوروبي بوحدة "بلومبرج إيكونوميكس" إن "البيانات الألمانية المخيبة للآمال قد تمنح المركزي الأوروبي حافزا إضافيا لتبني إجراءات تيسير نقدي في سبتمبر المقبل، حيث تشير أحدث المؤشرات إلى نمو- أقل من المرجو- للاقتصاد الألماني في النصف الثاني من العام وتفشي الضعف الذي حل بالقطاع الصناعي، ليشمل قطاع الخدمات وسوق العمل"، وفي أوروبا أيضا، لكن هذه المرة من المملكة المتحدة التي تشهد مرحلة مليئة بالتحديات حيث من المفترض أن تتم إجراءات مغادراتها الاتحاد الأوروبي "بريكست" في 21 أكتوبر المقبل ولكن دون التوصل حتى الآن إلى اتفاق مع الأوروبيين.
ويترقب المستثمرون صدور بيانات تتعلق بسوق العمل إلى جانب بيانات التضخم ومبيعات التجزئة، والتي من المتوقع أن تساعد بنك إنجلترا في حسم أمره بشأن ما إذا يحتاج الاقتصاد البريطاني إجراءات تحفيزية أم سياسات أكثر تشددا.
ولا تقف روسيا بمعزل عن التطورات العالمية المتلاحقة، إذا تشير التوقعات إلى أن معدلات نمو الاقتصاد الروسي في الربع الثاني من العام ستأتي مخيبة للآمال بسبب تداعيات الحرب التجارية والعقوبات المفروضة من قبل واشنطن مما يشكل مزيدا من الضغط على إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التي تعهدت بتحقيق قفزة اقتصادية.
وكذلك الوضع بالنسبة لدول القارة الآسيوية التي تعتبر فاعلا رئيسيا في تحديد بوصلة الاقتصاد العالمي، حيث تتجه الأنظار صوب بيانات الاستثمار وقطاع الوظائف الصيني بالإضافة إلى مبيعات التجزئة الصينية خلال شهر يوليو الماضي المقرر أن تصدر يوم الأربعاء المقبل، لا سيما إنها تأتي في وقت تخوض الصين، أكبر الاقتصادات الآسيوية والثاني على مستوى العالم، حربا تجارية ضروس مع الولايات المتحدة.
وقالت "بلومبرج " أن سعر المرجعي اليومي لليوان أصبح الشغل الشاغل للمستثمرين خلال الوقت الراهن في محاولة لمعرفة إذا ما كان قرار المركزي الصيني تعديل سعر صرف العملة الصينية أدنى من 7 يوانات أمام الدولار الأسبوع الماضي يشكل تحركا متعمدا من قبل المسئولين الصينيين لرد الصفعة إلى الإدارة الأمريكية بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض تعريفات إضافية على الواردات الصينية.
في سياق متصل، يترقب المستثمرون صدور تقرير الوظائف الاسترالي يوم الخميس المقبل، الذي من المتوقع أن يلعب دورا محوريا في تحديد الخطوة التالية للبنك المركزي الاسترالي، حيث سبق وأن أوضح رئيسه فيليب لوي أن معدلا منخفضا للبطالة ضروري من أجل أحداث زيادة في معدلات الأجور والتضخم.
وفي أمريكا اللاتينية، يتوقع صدور بيانات النشاط الصناعي للبرازيل يوم الاثنين المقبل ليلقي الضوء حول إذا ما كان اكبر اقتصاد على مستوى القارة اللاتينية قد ضربه الركود في الربع الثاني من العام، بالإضافة إلى صدور بيانات التضخم الأرجنتينية يوم الثلاثاء اللاحق له، والمرجح أن تأتي منخفضة نسبيا لتساعد الرئيس ميور ماوريسيو ماكري في مسعاه الرامي لإعادة الثقة في الاقتصاد المحلي قبل موعد إجراء الانتخابات الرئاسية المقرر في أكتوبر المقبل.