أكد السفير بدر عبد العاطي سفير مصر في ألمانيا، أن العلاقات المصرية الألمانية شهدت زخمًا كبيرًا خلال الأربع سنوات الماضية.
وتقيم السفارة المصرية في برلين اليوم الأربعاء احتفالية توديع بمقرها بمناسبة انتهاء فترة عمل عبد العاطي سفيرًا لمصر في ألمانيا، بعد أن أتم فترة عمله التي استغرقت أربع سنوات شهدت الكثير من التحديات والإنجازات على مختلف الأصعدة.
يحضر الاحتفالية عدد كبير من المسئولين الألمان في مقدمتهم وزير الخارجية السابق زيجمار جابريل وعدد من كبار مسئولي وزارة الخارجية الألمانية وغيرها من الوزارات الفيدرالية، بالإضافة إلى أعضاء البوندستاج ورؤساء اللجان البرلمانية وأبناء الجالية المصرية وأعضاء مجلس أمناء كلية الحقوق بالجامعة الألمانية بالقاهرة، وعدد من رؤساء البعثات الأجنبية المعتمدين في برلين، وعميد السلك الدبلوماسي الأجنبي وعميد السلك الدبلوماسي العربي وعميد السلك الدبلوماسي الأفريقي.
وقال عبدالعاطي -حول الإنجازات التي تحققت على صعيد العلاقات المصرية الألمانية على مدار فترة عمله في برلين- إن العلاقات المصرية الألمانية شهدت زخمًا كبيرًا خلال الأربع سنوات الماضية والفضل يرجع للزيارات المتكررة للرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأضاف قائلًا: "بدون تلك الزيارات ما كان حدث هذا الزخم بدون وجود إرادة سياسية وعلاقات وثيقة بين قيادتي البلدين وهو ما أدى لحدوث طفرة هائلة في العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية والعلمية والسياحية.
وأشار عبد العاطي إلى أن رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي زار ألمانيا مرتين خلال ستة أشهر وأن هذا لم يحدث في تاريخ العلاقات المصرية الألمانية من قبل حيث كانت الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء في يونيو 2019 بمناسبة اختيار مصر ضيف الشرف للملتقى الاقتصادي العربي الألماني في دورته الأخيرة.
وحول العلاقات المصرية الألمانية السياسية، أبرز السفير بدر عبد العاطي أن اللقاء الأول بين الرئيس السيسي والمستشار الألمانية آنجيلا ميركل في مايو 2015 ببرلين أسهم في تحقيق تفاهم وتقارب في الرؤى وتصحيح الفهم المغلوط لدى الجانب الألماني إزاء حقيقة الوضع في مصر.
ومنذ ذلك الحين شهدت العلاقات السياسية بين مصر وألمانيا تطورًا غير مسبوق، وحدث تحول خلال السنوات التالية تحديدًا عامي 2016 و2017 وتفهم الجانب الألماني بشكل كامل أن 30 يونيو هي ثورة شعبية تمثل إرادة شعب رفض أن يعيش تحت حكم ثيوقراطي حاول تغيير الهوية المصرية، بما فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية ووضع حجر الأساس لعلاقات قوية وشراكة حقيقية بين الدولتين الكبيرتين في مختلف الأصعدة الاقتصادية والتجارية والثقافية والتعليمية والعلمية تقوم على الندية والمصالح المتبادلة، ومجالات مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية، وذلك مع تكرار القمم الثنائية بشكل مكثف خلال الأعوام الثلاثة التالية وجهود الترويج السياسي والاقتصادي والسياحي المتواصلة للسفارة المصرية ببرلين.
وأضاف عبد العاطي أن هناك إدراكًا ألمانيًا كاملًا بثقل مصر إقليميًا وأفريقيًا ودوليًا، فألمانيا تنظر لمصر كركيزة وقاعدة أساسية للاستقرار في منطقة مضطربة في الشرق الأوسط، ودورها الريادي في القارة الأفريقية، فضلًا عن وجود مصر في الخط الأمامي في الحرب العالمية ضد الإرهاب، ودور مصر الفعال في مكافحة ظاهرة الهجرة غير الشرعية.
وشدد على أن الجانب الألماني أصبح مقتنعًا بأن أمن واستقرار ألمانيا وأوروبا بشكل عام يرتبط بشكل وثيق بأمن واستقرار مصر، كما يثمن الجانب الألماني عاليًا دور مصر باعتبارها بوابه القارة الأفريقية ورئاستها الحكيمة للاتحاد الأفريقي.
وأضاف السفير عبد العاطي أن من أبرز الإنجازات التي تم تحقيقها على صعيد العلاقات بين البلدين كانت مشاركة الرئيس في مؤتمر ميونخ للأمن في فبراير الماضي وهي الزيارة التي عكست المستوى المتميز الذي وصلت إليه العلاقات المصرية الألمانية، حيث كانت هذه أول مشاركة لرئيس مصري في هذا المؤتمر الذي يعد أهم محفل عالمي لقضايا الأمن وقام الرئيس السيسي بإلقاء الكلمة الرئيسية في الجلسة الرسمية الأولى للمؤتمر في أول سابقة لزعيم غير غربي يقوم بذلك.
وأوضح أن العامين الأخيرين شهدا نقطة تحول أساسية في العلاقات بين البلدين بعد التوقيع على البروتوكول الإضافي لتقنين أوضاع المؤسسات الألمانية العاملة في مصر لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين ليكون هذا البروتوكول مرفقاً لاتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين لعام 1959، الأمر الذي أزال أحد العقبات أمام مزيد من تطوير وتفعيل العلاقات بين البلدين في كافة المجالات.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قال عبد العاطي إن العلاقات الاقتصادية المصرية - الألمانية أصبحت قائمة على الشراكة الحقيقية وليست على علاقة مانح ومتلق، وباتت تستند على المصالح المشتركة ومبدأ تحقيق المكاسب للطرفين، مشيرًا إلى أن هناك تعاونًا وثيقًا مع ألمانيا في مجالات نقل وتوطين التكنولوجيا والتدريب وبناء القدرات، فضلًا عن تعظيم الاستثمارات الألمانية في مصر.
وتابع بالقول إن ألمانيا تستفيد من مصر بصفتها بوابه النفاذ إلى الدول الأفريقية فخلال رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي دخلت أول اتفاقيه قارية للتجارة الحرة في أفريقيا حيّز النفاذ بسوق يصل إلى مليار و200 مليون نسمة في القمة الأفريقية الأخيرة بالنيجر والتي ترأسها الرئيس السيسي في يوليو 2019، وهو ما يُعد أمرًا مهمًا للغاية للشركات الألمانية، خاصة مع الموقع الاستراتيجي لقناة السويس وتطويرها وتوسعتها وإنشاء منطقة اقتصادية على طول القناة، ما يؤكد وضعية مصر كبوابة طبيعية للدخول إلى السوق الأفريقي، حيث يمكن للشركات الألمانية أن تتخذ مصر كقاعدة لوجستية للتصنيع والتخزين والتوزيع إلى باقي الدول الأفريقية وبما يتيح الاستفادة من الإعفاءات التي تتيحها اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية.
كما أوضح السفير بدر عبد العاطي أنه تم تحقيق إنجاز اقتصادي مهم على صعيد العلاقات مع الجانب الألماني خلال العام الحالي من خلال فك التجميد الذي كان مفروضًا منذ عام 2012 على الشريحة الثانية من برنامج مبادلة الديون بإجمالي 170 مليون يورو لإنفاقها على مشروعات تنموية داخل مصر وإقرار برامج التعاون المالي والفني بين البلدين لعامي 2015 و2016 وقرب إقرار برامج التعاون المالي والفني بين البلدين لعامي 2017 و2018 والتي تتضمن تمويلًا جيدًا لتطوير قطاع التعليم الفني والأساسي في مصر.
وقال إنه تم تحقيق طفرة غير مسبوقة في العلاقات التجارية بين البلدين وأيضًا فيما يتعلق بالاستثمارات، فإجمالي حجم التبادل التجاري ارتفع خلال السنوات الأربع الأخيرة وأيضًا فيما يتعلق بزيادة حجم الاستثمارات الألمانية في مصر.
وأضاف قائلًا: "تكفي الإشارة هنا إلى زيادة تواجد الشركات الصغيرة والمتوسطة الألمانية في مصر جنبًا إلى جنب الشركات الألمانية الكبرى، كما تم تحقيق إنجاز ملموس يتمثل في استئناف شركة مرسيدس لنشاطها في مصر بعد توقف دام عدة سنوات لإنتاج سيارات الركوب في مصر، فضلا عن بدء تدشين تعاون مع الشركة في مجالات التنقل الذكية والكهربائية وإنشاء مركز هندسي عالمي للشركة في مصر.
كما نوه بقرار شركة بوش للأجهزة المنزلية إقامة مصنع لأول مرة في أفريقيا والشرق الأوسط لإنتاج الأجهزة المنزلية وذلك بمدينة العاشر من رمضان، منوهاً بالتوقيع على مذكرة تعاون في هذا الشأن خلال زيارة رئيس مجلس الوزراء الأخيرة لبرلين في يونيو 2019.
وأضاف أنه سيكون هناك مركز تدريب وصيانة ملحق بهذا المصنع لتدريب العمالة المصرية، مبرزًا أن وجود شركة كبيرة مثل بوش في مصر والتي ستقوم بدورها بتدريب الشباب المصري على التركيب والصيانة وغيرها من الأعمال يُعد نقله نوعية كبيرة في قطاع الصناعة وخلق عمالة ماهرة ومدربة.
وحول التعاون في مجال التعليم الأساسي والفني والجامعي، أكد السفير بدر عبد العاطي توثيق التعاون في مجال التعليم الفني بما في ذلك التوسع في تطبيق نظام التعليم المزدوج في مصر بالتعاون مع الشركات الألمانية والمصرية، فضلًا عن تمويل الجانب الألماني لإنشاء هيئة لجودة التعليم وأكاديمية لتدريب المعلمين، والتوسع في عدد المدارس الألمانية في مصر بمجال التعليم الأساسي نتيجة الإقبال المتزايد عليه وجودة العملية التعليمية في ألمانيا.
أما على مستوى التعليم العالي، فذكر أنه تم الاتفاق على إنشاء أول جامعة ألمانية للعلوم التطبيقية في العاصمة الإدارية الجديدة لتمثل إضافة للتعليم الجامعي في مصر وتسهم في توفير خريجين يجمعون بين الجانبين النظري والعملي وبما يسهم في رفع مستوى العملية التعليمية في مصر وتوفير الكوادر الماهرة والمدربة.
كما أشار إلى ما تم تحقيقه من تقدم كبير في مجال التعاون المشتركة في مجال التعليم ما بعد الجامعي وذلك من خلال التوسع في البعثات التعليمية لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه للطلبة المصريين من الجامعات الألمانية، وإلى أنه تم مؤخرًا الاتفاق مع الجانب الألماني لأول مرة على تقاسم تكلفة البعثات التعليمية لنيل درجتي الماجستير والدكتوراه من الجامعات الألمانية مناصفة بين ألمانيا ومصر بعد أن كانت مصر تتحمل 70% من هذه النفقات، فضلًا عن الاتفاق على إضافة موضوعات جديدة للدراسات العليا مثل الرقمنة والذكاء الاصطناعي والفضاء وغيرها لاسيما وأن لمصر صرحًا كبيرًا يجرى بناؤه في العاصمة الإدارية الجديدة وهي الجامعة التطبيقية التي ستمثل إضافة للتعليم الجامعي وربطه بالجانب التطبيقي واحتياجات سوق العمل في مصر.
وأوضح السفير المصري أن هناك اهتمامًا مشتركًا في السنوات الأخيرة بمسألة تدريب العمالة المصرية الماهرة لسد احتياجات سوقي العمل المصري والألماني كما يجرى حاليًا النظر في تدشين تعاون بين البلدين في هذا المجال بما يخدم مصالح البلدين.
ونوه السفير بأن الجانب الألماني يدرس جديًا التعاون مع مصر، ضمن 10 دول من العالم، في مجال تدريب الشباب بها وتأهيلهم بدروس في اللغة الألمانية تمهيداً لاستقدام بعض منهم للعمل داخل سوق العمل الألماني في قطاعات الإنتاج والصناعة المختلفة الألمانية بما يحقق مصالح الطرفين، لافتا إلى أن ألمانيا لديها عجز في 400 ألف وظيفة في مجال العمالة الفنية ولهذا يجري دراسة التعاون مع الدول من بينها مصر لتوفير العمالة الماهرة المطلوبة.
وعلى الصعيد الصحي، قال السفير المصري إنه زار أحد الشركات العاملة في إنتاج المواد الفعالة التي تدخل في صناعة الأدوية والتي تعالج الأوبئة، مؤكدًا أهمية تعزيز التعاون بين البلدين في مجال نقل الخبرات وتدريب الكوادر خاصة في مجال التأمين الصحي وإدارة منظومته.
وأضاف السفير أن شركة مصرية خاصة تمتلك 69٪ من أسهم هذه الشركة، وتعد نموذجًا للاستثمارات المصرية في ألمانيا في مجال الصحة، فضلا عن بنك مصر أوروبا في فرانكفورت، وأضاف أن جولته التفقدية للشركة كانت فرصة للاطلاع على احدث التقنيات الحديثة في فصل الخلايا لتوليد المواد الفعالة التي تدخل في صناعات الأدوية لمواجهه الأمراض الوبائية، موضحاً أن هذه الشركة تقوم بدورها بنقل تلك الأبحاث والنتائج إلى فرع الشركة المصرية في مصر.
وأشار إلى أهمية هذه الشركة في ضوء أنها في الوقت الذي تقوم فيه بتوفير الأدوية داخل السوق المحلية دون الحاجة إلى استيرادها من الخارج، فإنها في ذات الوقت تمثل مصدرًا للدخل كون مصر إحدى الدول المهمة المصدرة للأدوية، وأعرب السفير عن سعادته لزيارة مقر شركة مملوكة لشركة مصرية على الأراضي الألمانية، مضيفاً أن تلك الشركة تتوسع حيث كان لديها مصنع واحد وتم افتتاح مصنع ثاني مؤخرًا.
وحول مجال التعاون في تدوير القمامة، قال السفير المصري إنه تم على مدار العامين الأخيرين تدشين نقاش وحوار بين الجانبين المصري والألماني في مجال التعاون في جمع وفرز وتدوير القمامة بما يحقق الاستفادة المثلى منها ويحافظ على البيئة من خلال نظام تمويلي يضمن الاستدامة وإيجاد مصادر لتمويله من خلال إعادة التدوير.
وحظي الاهتمام بشئون الجالية المصرية في برلين بأهمية كبيرة خلال الأعوام الأربعة الماضية في ضوء الاهتمام البالغ من جانب الدولة بشئون أبنائها في الخارج، وأشار السفير الدكتور بدر عبد العاطى إلى حرص السفارة في برلين والقنصليتين العامتين في فرانكفورت وهامبورج بالعمل على مدار الفترة الماضية على تكثيف العلاقة مع أبناء الجالية المصرية في ألمانيا وعقد لقاءات دورية معهم، فضلاً عن دعوتهم لكافة الاستحقاقات والفعاليات والانتخابات في ضوء إدراك السفارة لدور أبناء الجالية في عملية التحديث الجارية في البلاد على مختلف الأصعدة بما في ذلك في المشروعات الاقتصادية والتنموية والاستثمارية.
وحول التطور في مجال السياحة والآثار، نوه السفير عبد العاطي بالطفرة النوعية غير المسبوقة التي يشهدها التعاون في قطاع السياحة بين البلدين خلال الأعوام الأخيرة، حيث أصبحت السياحة الألمانية تحتل المركز الأول بين السياحة الأجنبية الوافدة للمقصد السياحي المصري منذ عام 2016 وحتى عام 2019 على التوالي من حيث عدد السائحين الوافدين إلى مصر.
وأوضح أن عام 2018 حقق رقمًا قياسيًا غير مسبوق في تاريخ العلاقات بين البلدين تخطى بالفعل الرقم الذي سبق تحقيقه في عام الذروة عام 2010 قبل ثورتي 2011 و2013، متوقعًا أن يتم تحقيق رقم قياسي جديد في أعداد السياحة الألمانية الوافدة لمصر بنهاية عام 2019.
وأبرز أن جهود السفارة مع الجهات الألمانية المعنية نجحت في تخفيف إرشادات السفر الألمانية إلى مصر.
وأعرب الدكتور بدر عبد العاطي عن أمله في أن تشهد السياحة الثقافية رواجًا مماثلًا أسوة بالسياحة الترفيهية (الشواطئ والغطس) التي تحتل 95٪ من السياحة الألمانية الوافدة للبلاد وهو ما لا يتناسب مع مكانة مصر التاريخية باعتبارها مهد الحضارات وامتلاكها لأكثر من ثلث آثار العالم، مضيفاً أن السياحة الثقافية والسياحة النيلية سوف تستعيد مكانتها بافتتاح المتحف المصري الكبير ومتحف المنيا والاكتشافات الأثرية الجديدة، فضلاً عن افتتاح المطارات الجديدة مثل مطار سفنكس بجانب المتحف المصري الكبير لتشجيع سياحة اليوم الواحد لزيارة المتحف الكبير.
وأشار السفير إلى عشق المواطن الألماني للمقصد السياحي المصري لجاذبيته وتنافسيته وجودة الخدمة السياحية به.
وكشف السفير عبد العاطي عن دور السفارة في برلين في إقناع البرلمان ووزارة الخارجية الألمانية بتحمل نفقات تأثيث متحف المنيا-أخناتون من الداخل والخارج بتكلفة قد تتجاوز 10 ملايين يورو بما يسهم في الترويج السياحي لصعيد مصر، منوهًا بأن وفدًا ألمانيًا سيتوجه لمصر خلال أسبوع لزيارة متحف المنيا في مدينة ملوي والمخصص لآثار الملك أخناتون.