بقلم : سحر الجعارة
فوضى الإعلانات لا تقتصر على الفضائيات العشوائية، التى تبث من خارج مصر، ولا تخضع لأى رقابة على المحتوى الإعلانى والإعلامى، إنها بكل أسف تتم بشكل منظم فى معظم البرامج ذات الجماهيرية الواسعة خصوصا "برامج المرأة" .. فتخدع الجمهور بشكل أو بآخر وتروج لطبيب أو سلعة لا أحد يعلم عنهما شيئا!.
فى الفضائيات العشوائية ستجد أبرز الإعلانات هى التى تروج لما يسمى "مشايخ" جاءوا من المغرب خصيصا، لجلب الحبيب وعلاج المس الشيطانى والقلق والإنجاب وعلاج الأمراض المستعصية والاكتئاب وزيادة الرزق .. وربما كانت أشهرهم الشيخة "خديجة المغربية" ، التى بحثت عنها الإعلامية "لميس الحديدى" ، فى برنامج "هنا العاصمة" ، وكشفت نشرها للدجل والشعوذة والخرافة بين الناس!.
وبما أنها فضائيات "غير مرخصة" فالإعلان عليها لا يتكلف الا مبالغ بسيطة ، قياسا على الفضائيات الشهيرة، ربما لهذا إنتشر عليها إعلانات لما يسمى "الطب البديل" والتداوى بالأعشاب، الذى ثبت أنه "خرافة" أيضا.
وتركز إعلانات الطب البديل على زيادة "القدرة الجنسية" أولا ثم "إنقاص الوزن" .. فقد رأينا إعلانات شهيرة عن "قوة الحصان" ، وكريمات تغير من تركيبة الذكر البيولوجية أيضا .. وكل هذا تم نفيه فى توصيات هيئة مفوضى الدولة للقضاء الإدارى باعتبار الطب البديل وعلاج الأعشاب.. إلخ من العلوم الزائفة وسبل الغش والتدليس والدجل الطبى، وقالت الهيئة فى التوصية: (المقصود بكل من مصطلحات الطب البديل ،أو الطب التكميلى ، أو الطب الشعبى التقليدى أو التداوى بالأعشاب، أو الطب الصينى أو الآسيوى ،أو الوخز بالإبر الصينية، أو العلاج بالطاقة أو العلاج الروحى .. هى ممارسات يزعم ممارسوها أن لها آثار شفاء الطب الحديث، على الرغم من عدم ثبوت صحتها، أو أن لها ضرراً معروفاً، أو أن هناك اتفاقاً علمياً عاماً على أن هذه الممارسات ليس لها أثر شفائى ملموس.
وأشار التقرير إلى أن هذه الممارسات تقوم على وسائل لا تعتمد على المنهج العلمى الصارم المتبع فى كليات ومدارس الطب والصيدلة الحديثة المعترف بها ، وغالباً ما تكون هذه الممارسات قائمة على التقاليد والموروثات والثقافات الشعبية، أو الخرافات والمعتقدات المحلية أو العقائد أو الأديان أو قوى خارقة للطبيعة.
المؤسف فى التعامل مع هذه الظاهر أن بعض البرامج المعروفة، وبعض الوجوه الإعلامية البارزة، تخصص حلقات كاملة من برامجها للحديث عن العلاج بالطاقة أو الطب الصينى .. دون أن ينتبه صاحب البرنامج الى أنه وقع فى الفخ الذى خرجت منه دعاوى تسفيه العلم ونشر الخرافة، على الفضائيات العشوائية.
الأدهى من ذلك أن برامج المرأة فى معظم الفضائيات تقدم لنا أطباء فى مختلف التخصصات، فى فقرات شبه ثابتة، وتعطيهم الشهرة والمصداقية، دون أن تنوه الى أنها تقدم فقرة إعلانية!.
وفى بعض الأحيان تصل "البجاحة" بالبعض الى كتابة اسم الطبيب ومكان عيادته وأرقام الهواتف الخاصة به.. هذا بخلاف الفضائيات التى تبث برامج طبية ، وفى معظم الأحوال تستعين بأطباء مجهولين ، وجميعنا نعلم أن الأطباء يدفعون للقناة مقابل ظهورهم .. وتكرر نفس اللعبة ولكن بإتقان أكثر!.
هذا بخلاف برنامج مثل "صبايا الخير" ، الذى يعتمد "الرقية الشرعية" وسيلة للتداوى، وسبق أن قدم حلقات "شيقة" عن العفاريت التى أشعلت قرية .. ثم جاءت الإعلامية "ريهام سعيد" بعضو مجلس الشعب الأسبق "علاء حساسين" ، الشهير بلقب "قاهر العفاريت" لطرد الجن ومعالجة المسّ الشيطاني أيضا .. وهو الأمر الذى شرحه "حساسين" بالتفصيل فى برنامج "أسرار من تحت الكوبري" على قناة "القاهرة والناس"!!.
لست ضد أن تربح الفضائيات، لكننى ضد استغلال فقر الناس، وعجزهم أحيانا عن التداوى بالطرق العلمية الصحيحة، استغلالا سيئا لنشر الخرافة والنصب عليهم لشراء سلع غير مشروعة تحت اسم العلاج .. ضد أن يتورط "زعماء الإعلام" فى تلك الجريمة بحثا عن الشهرة أو طمعا فى "سبق إعلامى"!.
ضد تركيز الرقابة على الفضائيات على "السياسة" فقط ، وترك المواطن فريسة لكل من يقتحم بيته بالصوت والصورة والسم !.