الجمعة 27 سبتمبر 2024

في ذكرى رحيل صاحبة العصمة.. ذكريات تحية كاريوكا في السجن

20-9-2019 | 03:37

اتفقت كل الآراء على أن الفنانة تحية كاريوكا إنسانة شديدة الوطنية، وهي من أوائل الفنانات التي دعمت ثورة يوليو عام 1952، فهي من جمعت وفداً من الفنانين وذهب إلى قصر القبة لدعم وتأييد الرئيس جمال عبد الناصر، وهي من شاركت في أول أوبريت وطني عرض يوم الجلاء بنادي الضباط بالزمالك في 18 يونيه 1956 وهو أوبريت الجلاء، وحملت تحية كاريوكا علم مصر وطافت به بين فقرات غناء الموسيقار عبد الوهاب وعبد الغني السيد وعبد المطلب وغيرهم، ولم تكتف بذلك بل نزلت إلى الرئيس عبد الناصر وضيوف مصر، لتهديهم الورود والحلوى هي وفاتن حمامة.

 

كاريوكا ممرضة

لازم الظلم تحية كاريوكا طوال فترة طفولتها وشبابها، فقد قص أخوها شعرها وهي شابة وربطها بالحبال وألقى بها فوق سطح المنزل، لأنه علم أنها رقصت في حفل بعفوية، ولم يشفق عليها إلا إبن أخيها الذي كان يسرب إليها بعض الطعام ، وفك وثاقها لتهرب إلى القاهرة، وبعد كفاح مرير أصبحت كاريوكا نجمة في السينما، وعند العدوان الثلاثي ذهبت إلى مستشفيات مدن القناة لتداوي المرضى، وهناك في الإسماعيلية التقت بأخيها الذي كانت تعمل خادمة في منزله وعذبها، وهو الذي كان يعارض أيضاً عملها بالفن، رأته وهو جريح بعد أن جاهد ضد العدوان، ورآها وهي تترك فنها لتوظف جهودها في خدمة الوطن، فانهمرت الدموع من عيونهما وارتمت في حضن أخيها الذي آمن أن الفن رسالة.

 

صاحبة العصمة في السجن

عرف عن تحية كاريوكا اندفاعها وصوتها العالي، فصوتها دائماً يعلو لنصر الحق، وتندفع لتبعد الظلم عن الآخرين، فهي من ذاقت مرارته ولا تريد لأحد أن يقهر أمامها، ويبدو أن الظلم يستكين لكنه لا يموت، فمهما كبر الإنسان فهو يتعرض أيضا للظلم من جهة أعلى .. فقد تزوجت كاريوكا بأحد الضباط عام 1953وهو مصطفى كمال صدقي، وهو ضمن سلسلة أزواجها الذين تعدوا 14 زوجاً، حرصت تحية أن تكون العصمة في يدها في كل زيجاتها حتى أطلق عليها "صاحبة العصمة" .. وبعد زواجها من الضابط وجهت إليهما تهمة الترويج لمبادئ وأنشطة هدامة، وبمداهمة شقتهما عثر بها على منشورات وألقي بهما في السجن.

 

رئيسة السجينات تتمرد

في حياتها كانت كاريوكا متمردة، فما بالك بحالها وهي مظلومة خلف جدران السجن، فقد أهلتها شخصيتها لأن تكون رئيسة السجينات، فهي من كانت تحميهن وتدافع عنهن وتهتم بالطعام والغذاء للجميع، وكانت متماسكة وقوية طوال فترة سجنها التي دامت مائة يوم ويوم، وكان وجودها يهون العذاب على السجينات، وكن جميعا يلجأن إليها، فقد عملت على محو أميتهن مع المداومة معهن على التمرينات الرياضية ، وتمكنت من تغيير مأمور السجن الذي كان يعامل بعض السجينات بقسوة، من خلال لجنة حقوق الإنسان التي حققت في طلب كاريوكا وشكواها .. واعترف زوجها بأن لا علاقة لها بنشاطه ومنشوراته وبالتالي تم تبرئتها.

 

تحية تعود إلى البيت

كان هذا عنوان التقرير الذي نشرته مجلة الكواكب في عدد 16 فبراير 1954 ، فقد كانت عدسة الكواكب تنتظر لحظة خروج كاريوكا من المعتقل، ورصدت حشود محبيها الذين وقفوا لاستقبالها، وكانت على رأسهم الفنانة زينب صدقي، وهرعت إلى بيتها لتحيي مستقبليها وطبع خادمها قبلة على كتفها فهي التي أنقذته بشهادتها من السجن عندما برأته أمام المحكمة، وراتمت بعد ذلك على سريرها لتصحو في اليوم التالي وتذهب على غير هدى لزيارة الأهرامات وتلامس ماء النيل وهي على صفحته في فلوكة مع صديقتها زينب صدقي.

 

رحلت تحية كاريوكا في 20 سبتمبر 1999 عن عمر يناهز 80 عاماً حققت خلالها مجداً فنياُ في السينما والمسرح والإذاعة.