الثلاثاء 11 يونيو 2024

مآسى جرائم الشعوذة الفضائية

10-4-2017 | 09:37

بقلم : مي محمود

سقوط شبكة الشيخ " حسن الكتاتنى " و " أم خديجة المغربية " فجرت قضية النصب باسم فك السحر والأعمال السفلية والتى أصبحت تجارة مقننة ومشروعة على الفضائيات ومواقع التواصل الإجتماعى ، كما كشفت المستور عن هذا العالم السرى لمافيا الدجل والشعوذة بكل ما يتضمنه من أساليب النصب والخداع والاحتيال بعد أن فتحت الفضائيات أبوابها لهم ليقوموا بالإعلان عن عمليات النصب التى يمارسونها على مرأى ومسمع من الدولة دون قانون صارم يجرم أفعالهم المشينة !

( والظاهرة قديمة لها أصولها التاريخية فى التراث الشعبى والمعتقدات الراسخة فى المكون الوجدانى والشعورى الذى يشكل الشخصية الإنسانية المصرية فهناك آلاف العشاق والمريدين الذين يترددون على مشايخ الدجل والشعوذة من كافة الأعمار والطبقات الإجتماعية .. رجال ونساء .. مثقفين ومتعلمين وجهلة .. فنانين ورجال وسيدات أعمال .. أغنياء وفقراء من أهل القرى والكفور والنجوع المنسية وأيضآ ممن يسكنون القصور والفيلات والمنتجعات فى أرقى أحياء العاصمة والمدن المصرية !

والمؤسف أن يساهم الفن فى تأصيل هذه المعتقدات السلبية ،فالعديد من المسلسلات الدرامية والأفلام السينمائية قدمت لنا قصصاً وحكايات أسطورية عن معجزات وبركات مشايخ فك الأعمال السفلية والسحر الأسود واللبس والمس الشيطانى وتزويج العوانس وجلب الحبيب وفك المربوط ليلة الدخلة وإخراج الجن من الجسد وعلاج الأمراض المزمنة والمستعصية !

وأيضآ الفضائيات قديمآ كان صيت وسمعة وشهرة الدجالين والمشعوذين هى الباب الملكى للثراء الفاحش وبعد تدشين مئات القنوات الفضائية التى تبث من تركيا وفرنسا ومصر تبارت البرامج وتنافس كبار الإعلاميين للترويج لقصص وحكايات المس والجن والسحر الأسود بالصوت والصورة ضاربة عرض الحائط بما تنشره الصحف والمجلات من جرائم مروعة يرتكبها هؤلاء الذين يتاجرون بآلام الضحايا من الضرب المبرح والإعتداءات الجنسية والآثار النفسية المدمرة التى تلاحق الضحايا طوال حياتهم !

والكتاتنى الذى ادعى أنه معالج روحانى وأم خديجة المغربية التى ادعت أنها خرساء وغيرهما من شبكة مروجى العلاج وحل المشاكل العائلية والنفسية والمرضية نجحوا فى إقناع الضحايا بسرد حكاياتهم وقصصهم لحلها مقابل الهدايا الثمينة وتحويل أرصدة على هواتفهم المحمولة حتى وصلت المبالغ إلى الملايين باستخدام أسماء وهمية ومزاولة نشاطهم فى شقق بعيدة بالجيزة والغربية والقاهرة وجنوب سيناء هربآ من الملاحقات الأمنية!

ورغم جهود الإدارة العامة لحماية الآداب بوزارة الداخلية ونجاحها فى القبض على المتهمين وفضح تفاصيل وكواليس وأساليب النصب والخداع والاحتيال التى يمارسها هؤلاء الذين باعوا ضمائرهم للشيطان وكل القيم الدينية والأخلاقية طمعآ فى الثراء السريع يظل السؤال الصعب مطروحآ :أين دور الرقابة والدولة ومباحث الآداب لمواجهة هؤلاء الذين يتاجرون بعقول ومشاعر وآلام وأوجاع الناس ومن يعيد الدور الغائب للثقافة والإعلام والفن والبرامج الدينية الهادفة لتوعية الناس وانتشالهم من الوقوع فريسة فى براثن من ينصبون باسم العلاج الروحانى والقدرة على فك السحر الأسود وإعادة الغائب وتزويج العوانس والوقاية من شرور الحسد والأمراض المستعصية وأيضآ مصادرة الأموال الحرام التى جمعوها من دم وعرق المواطنين !

اللهم إنى بلغت اللهم فاشهد !