أودعت محكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار محمد شيرين
فهمي رئيس الدائرة الأولى بمجمع المحاكم بطره، حيثيات حكمها على قيادات جماعة الإخوان
في القضية المعروفة إعلاميًا بـ "التخابر مع حماس"، والتي حملت رقم
56458 لسنة 2013 جنايات أول مدينة نصر، والمسجلة برقم 2929 لسنة 2013 كلي شرق القاهرة.
وكانت المحكمة أصدرت حكمها في 11 سبتمبر الماضي، بالسجن المؤبد
ضد 11 متهمًا من قيادات وعناصر جماعة الإخوان الإرهابية على رأسهم (محمد بديع، خيرت
الشاطر، سعد الكتاتني، محمد العريان، محمد البلتاجي)، وذلك لإدانتهم في قضية اتهامهم
بارتكاب جرائم التخابر مع منظمات وجهات أجنبية خارج البلاد، وإفشاء أسرار الأمن القومي،
والتنسيق مع تنظيمات العنف المسلح داخل مصر وخارجها بقصد الإعداد لعمليات إرهابية داخل
الأراضي المصرية، كما قضت بالسجن المشدد 10 سنوات ضد 3 آخرين، والسجن 7 سنوات ضد متهمين
اثنين، وبراءة 6 آخرين، وانقضاء الدعوى ضد محمد مرسي لوفاته.
صدر الحكم برئاسة المستشار محمد شيرين فهمي، وعضوية المستشارين
عصام أبو العلا، وحسن السايس، وسكرتارية حمدي الشناوي.
وأكدت حيثيات قرار المحكمة، أن جماعة الإخوان الإرهابية تسعى
منذ نشأتها إلى الاستيلاء على حكم البلاد وقيام الدولة الإسلامية تحت ستار الدين وزعم
خادع بأنها جماعة دعوية، ومن أجل بلوغ هدفها تتحالف مع من يمكنها مبتغاها، ولو اختلفت
عقائدهم ومعتقداتهم ما دامت اتفقت مصالحهم نحو هدف واحد هو إسقاط الدولة المصرية تمهيدًا
لإقامة "الدولة الإسلامية الراشدة" بحد زعمهم، غير عابئين بما يمكن أن يخلفه
هذا الاتفاق الغادر من أضرار قد تصيب كبد الوطن فيضحى إلى زوال، ولما كان حلم الدولة
الإسلامية الذي ينشدون لا يتحقق إلا بزوال النظام القائم بالبلاد والذي يمثل حجر عثرة
أمامهم، إذ أن إقامتها رهن بفناء الدولة والبناء على أنقاضها، فلا سبيل لذلك إلا بزعزعة
أركان الدولة وأعمدتها الراسخة من خلال إشاعة الفوضى بالبلاد، فكان ذلك عماد خطتهم.
وأشارت المحكمة إلى أن المؤامرة الإخوانية تلاقت رؤاها مع
الإدارة الأمريكية منذ عام 2005 في أعقاب إعلان وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا
رايس عن "الفوضى الخلاقة" و"الشرق الأوسط الجديد"، ما توافق مع
رغبة التنظيم الدولي للإخوان في السيطرة على الحكم بالتنسيق مع حركة حماس وحزب الله
اللبناني ودولتي إيران وقطر بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، وبدأ تنفيذ المخطط
باستثمار حالة السخط والغضب الشعبي على النظام القائم آنذاك، ومراقبة ما تسفر عنه الأحداث
للتدخل في الوقت المناسب لإحداث حالة من الفوضى العارمة من خلال الاستعانة بعناصر حركة
حماس وحزب الله اللبناني، بالإضافة إلى العناصر الإخوانية التي سبق تدريبها بقطاع غزة
بمعرفة حركة حماس.
وأضافت الحيثيات أنهم استعانوا على ذلك بأن تخابر كل من محمد
بديع عبد المجيد سامي (المتهم الأول)، ومحمد خيرت سعد عبد اللطيف الشاطر (المتهم الثاني)،
ومحمد سعد توفيق الكتاتني (المتهم الرابع)، وعصام الدين محمد حسين العريان (المتهم
الخامس)، ومحمد محمد إبراهيم البلتاجي (المتهم السابع)، وسعد عصمت محمد الحسيني (المتهم
الثامن)، وحازم محمد فاروق (المتهم التاسع)، ومحي حامد محمد السيد (المتهم الـ11) مع
من يعملون لمصلحة منظمة مقرها خارج البلاد - التنظيم الدولي الإخواني وجناحه العسكري
حركة المقاومة الإسلامية "حماس" - للقيام بأعمال إرهابية داخل جمهورية مصر
العربية.
كما اتفقوا مع المتهم أحمد محمد محمد عبد العاطي (الـ31)
و3 آخرين سبق الحكم عليهم على التعاون معهم في تنفيذ أعمال إرهابية داخل البلاد وضد
ممتلكاتها ومؤسساتها وموظفيها ومواطنيها، وكان سبيلهم في ذلك أن فتحوا قنوات اتصال
مع جهات أجنبية رسمية وغير رسمية لكسب تأييدهم لذلك من خلال عدة سفريات قام بها أعضاء
الجماعة.
واستعرضت المحكمة في حيثياتها المكاتبات والبريد الإلكتروني
(والتي جرت بإذن من النيابة العامة) بين قيادات الجماعة الإرهابية، وعناصر خارجية وأجنبية،
وتبين الاتفاق على إسقاط نظام الدولة.
وتابعت المحكمة أن حكم البلاد لم يكن هو الأسمى بل خطوة على
طريق جماعة الإخوان الإرهابية هدفها المنشود بإقامة الدولة الإسلامية الموحدة حسب فكرهم
وفهمهم للإسلام، ومن عداهم أو عاداهم يكن من الغزاة والمتسلطين من أعداء الله، لذا
سعوا من خلال ارتباط الجماعة بعلاقات واتصالات بعناصر تابعة للمنظمات الأجنبية الخارجية
والتنظيمات التكفيرية والجهادية بالبلاد وخارجها بانتهاج العنف وإثارة الفوضى بالبلاد
وإرهاب الشعب المصري والمتظاهرين السلميين قبل وأثناء أحداث ثورة 30 يونيو 2013.
واستعرضت حيثيات المحكمة مخطط الجماعة خلال تلك الفترة عبر
تجميع كتائب شعبية ومجموعات والتخفي في بيوت مختارة للإخوان وشراء كميات كبيرة من الخوذ
والمصدات للحجارة وإدارتها من خلال مراكز قيادية لتجميع المعلومات واتخاذ القيادات
بأوامر من قيادة الجماعة وأعضاء مكتب الإرشاد، ومساندة تلك التحركات من خلال قناة
"مصر 25" - الذراع الإعلامي لجماعة الإخوان الإرهابية - واستخدام أكواد مشفرة
عبر برامجها يتم بثها لتحريك مجموعات وكتائب العناصر الإخوانية لمعاونة المناطق المحددة
التي يتجمع بها المتظاهرون المعارضون للإخوان مع تصوير أحداث العنف والبلطجة وبثها
على كافة الأوساط لإثارة وتخويف المواطنين.
وتم تحديد أماكن لإقامة وتسكين العناصر المأجورة من قبل الإخوان
وغير المنتمين لتنظيم الإخوان في شقق وأماكن متفرقة، وتم الاستعانة بهم من خلال إشارات
متفق عليها للبدء في تنفيذ مخططاتهم لإحداث العنف والبلطجة، ودس عدد من شباب الإخوان
وعناصرهم المأجورة لصالحهم مسلحين داخل أوساط المتظاهرين السلميين بغرض الوقوف على
تحركاتهم وإجهاضها وبث بعض الأخبار والشائعات التي تساعد على تخويف وإثارة المواطنين،
وإمدادهم بمجموعات إضافية مسلحة تتدخل في الوقت والمكان المناسب لتنفيذ أعمال العنف
والبلطجة.
كما قامت قيادات جماعة الإخوان بالتنسيق مع قيادات حركة حماس
قبل أحداث ثورة 30 يونيو 2013 من خلال عقد لقاءات سرية واتصالات رصد منها اتصالات بين
المدعو خالد مشعل والمدعو إسماعيل هنية من حركة حماس مع عدد من عناصر قيادات الإخوان
خلال منتصف يونيو 2013 من ضمنهم المدعو خيرت الشاطر، ودخول عدد من عناصر كتائب القسام
(الذراع العسكري لحركة حماس) بطرق غير مشروعة للبلاد ومشاركتهم في إثارة الفوضى والعنف
وإطلاق النيران على المتظاهرين تنفيذًا للمخطط عاليه المتفق عليه من قيادات الإخوان
وحركة حماس والتي تقوم بالتنسيق مع عناصر حزب الله.
وعقب عزل محمد مرسي من منصب رئاسة الجمهورية، وفي إطار مخطط
إجرامي دُفعت عناصر مسلحة تستهدف منشآت وأفراد القوات المسلحة والشرطة لإسقاط الدولة
المصرية وخلق ذريعة للتدخل الأجنبي بالبلاد، فاستعانت قيادات الإخوان الإرهابية بالتنسيق
مع حركة حماس بدفع عدد من عناصر كتيبة المجاهدين والجناح المنفصل لحركة الجهاد الإسلامي
الفلسطينية؛ حيث تسللوا بطرق غير مشروعة بتاريخ 25 يوليو 2013 لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية
في سيناء والقيام بأعمال إرهابية ضد القوات المسلحة والشرطة هناك.
وتطرقت حيثيات المحكمة إلى استعراض عدد من الهجمات الإرهابية
التي نفذتها الجماعة منها استهداف (كمين حي الكوثر، كمين بوابة الشيخ زويد، كمين الضرائب
العقارية، كمين أبو طويلة) التابعة للقوات المسلحة والشرطة، كما قامت عناصر من حركة
حماس وحزب الله بتكوين مجموعات للتنصت على الأجهزة اللاسلكية والاتصالات التابعة للقوات
المسلحة وقوات الشرطة بسيناء وتتواجد تلك المجموعات بقطاع غزة على خط الحدود المصرية
مع قطاع غزة، بغرض إمداد العناصر الجهادية بسيناء بأي معلومات يتحصلوا عليها لخدمة
أهدافهم الإرهابية.
وتضمنت أوراق القضية رصد اتصالات وأحاديث تليفونية والحصول
على تسجيل صوتي لها من خلال المصادر السرية بين عناصر قيادية إخوانية مع عناصر سلفية
وعناصر جهادية، تضمنت التحريض على الاحتشاد بميدان النهضة، والهجوم على مقار أحزاب
(التيار الشعبي، النور، الوسط.. إلخ) بجميع المحافظات وحرقها ومهاجمتها من خلال بلطجية
يتم تأجيرهم بالمال بغرض إثارة الرأي العام والفوضى وهروب المتظاهرين المعارضين وفض
تظاهراتهم، وكذلك الاحتشاد بميدان العباسية واحتلال ميادين (النهضة، رابعة العدوية،
العباسية) والاعتصام بها من خلال الخيام، والتأكيد على حرق المقار الحزبية للمعارضة.
كما تضمنت الاتصالات المرصودة، الاتفاق بغرض إزلال الشرطة
والقوات المسلحة، والقيام بعمليات إرهابية وتأمين المسيرات التابعة لهم عبر حمل السلاح،
والقيام بعمليات إجرامية ضد المعارضة والنشطاء السياسيين من حركة تمرد.
كما قام أعضاء مكتب الإرشاد وعناصر جماعة الإخوان المسلمين
بالاتصال والتراسل باستخدام (التليفونات الثريا "عبر الأقمار الصناعية"،
والتليفونات بشرائح دولية على شبكة المحمول "الفلسطينية واللبنانية"، واستخدام
عناوين بريد إلكتروني ومواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت في الاتصالات فيما بينهم
والاتصال بعناصر أخرى بتلك التنظيمات الأجنبية (التنظيم الدولي للإخوان وحركة حماس،
وحزب الله التابع لإيران) لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية وإثارة الفوضى والعنف بالبلاد.