أكد وكيل أول الهيئة الوطنية للصحافة الأستاذ عبد الله حسن أن حرب السادس من أكتوبر عام 1973، وانتصار الجيش المصري على إسرائيل، وتحطيم أسطورة الجيش الإسرائيلي في هذه الحرب المجيدة، ستظل نقطة مهمة وفاصلة في تاريخ الجيش المصري العظيم، ومصدر فخر للعسكرية المصرية.
وقال حسن - في مقاله الذي جاء بعنوان (الخداع الاستراتيجي في حرب أكتوبر) بمجلة (الأهرام العربي) - إنه على الرغم من مرور 46 عاما على هذه الحرب، وما شهدته من بطولات وانتصارات غيرت الكثير من المفاهيم العسكرية التي كانت سائدة في ذلك الوقت، فإنها ما زالت حتى اليوم تدرس في جميع المعاهد، والكليات العسكرية، والمعاهد الاستراتيجية على مستوى العالم.
وأكد وكيل الهيئة الوطنية للصحافة أن الكليات والمعاهد العسكرية ما زالت تطرح سؤال كيف استطاع الجيش المصري بما لديه من أسلحة ومعدات وطائرات- تقل في كفاءتها كثيرا عن الأسلحة والمعدات والطائرات التي تمتلكها إسرائيل، التي تصل أحيانا إلى أحدث ما أنتجته الترسانة الأمريكية- أن يحقق النصر الكاسح على الجيش الإسرائيلي، ويخترق مانع قناة السويس المائي، ويحطم خط بارليف الذي أقامته إسرائيل على الضفة الشرقية لقناة السويس، وزودته بخراطيم النابالم الحارقة؛ لتدمير كل من تسول له نفسه مجرد عبور القناة، أو اقتحام هذا الخط، الذي اعتقدوا أنه منيع لا يمكن اختراقه".
وأوضح أنه كان معروف عن مصر بأنها كانت تعتمد في تسليحها خلال تلك الفترة على الأسلحة الروسية التي تحصل عليها من الاتحاد السوفيتي، في ظل العلاقات الوثيقة التي كانت تربط بين الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، والرئيس الروسي نيكيتا خروتشوف الذى وقف إلى جانب مصر في بناء السد العالي، بعد أن تخلت الولايات المتحدة في عهد الرئيس ليندون جونسون عن مصر، مضيفا أنها حاولت فرض شروطها المجحفة عليها لتمويل بناء هذا المشروع الضخم الذي كان يحقق فائدة اقتصادية مهمة لمصر، سواء من حي توليد الطاقة الكهربائية اللازمة للتنمية في مصر، أم تحويل آلاف الأفدنة من نظام ري الحياض إلى الري الدائم، ويوفر المياه اللازمة لزراعة المحاصيل المختلفة في مصر.
ولفت حسن إلى أن هذا الموقف الأمريكي دفع بمصر إلى الاعتماد على القوة العالمية الثانية في العالم في ذلك الوقت، وهي الاتحاد السوفيتي المنافس التقليدي للولايات المتحدة، مؤكدا أن مصر استعانت بالخبرات الروسية في مختلف المجالات، وكان من بينها بطبيعة الحال المجال العسكري، حيث تم إيفاد الكثير من الضباط المصريين المتميزين من مختلف الرتب في بعثات تدريبية في روسيا، وأصبحت معظم الأسلحة الثقيلة مثل الطائرات والمدرعات والمدفعية روسية الصنع، فكانت طائرات السوخوي والميج والتوبولوف والإليوشن هي عماد سلاح الطيران المصري، بينما كانت إسرائيل تمتلك طائرات الفانتوم الأمريكي بعيدة المدى، والصواريخ الموجهة بالليزر، وأجهزة الرؤية الليلية، وغيرها من الأسلحة المتطورة.
وأشار -خلال مقاله- إلى نكسة الخامس من يونيو عام 1967، واصفا إياها بأنها كانت ضربة قاصمة لمصر ظلمت فيها القوات المسلحة التي لم تكن مستعدة للمواجهة مع إسرائيل تدريبا أو تسليحا، وكانت المؤامرة إسرائيلية برعاية أمريكية؛ لتحطيم مصر عسكريا ومعنويا، حيث كانت الهزيمة قاسية، خاصة وأن إسرائيل احتلت شبه جزيرة سيناء بالكامل، ووصلت قواتها حتى الضفة الشرقية لقناة السويس، وأصبحت سماوات مصر مباحة أمام الطيران الإسرائيلي ؛ ليقصف مدن القناة، ويصل إلى العمق المصري في بحر البقر، ومسطرد، والبحر الأحمر، والمنصورة وغيرها من المدن المصرية.
ونوه إلى أن مصر كانت في سباق مع الزمن لتحرير الأرض، وإزالة آثار العدوان، والثأر للهزيمة، واستعادة الكرامة العربية، مشيرا إلى أنه تم تعبئة الدولة للحرب، وجميع المصريين يعلمون أنها قادمة المحال، ولا بديل عن النصر ومحو عار الهزيمة، في الوقت الذي كانت الاستعدادات تجرى على قدم وساق؛ لخوض حرب التحرير، كانت هناك حرب خفية من نوع آخر حول كيفية خداع إسرائيل، وأجهزة المخابرات الأمريكية بأن مصر لا تنوي الحرب، وأنها غير مستعدة، وأن إمكانياتها العسكرية والاقتصادية غير مؤهلة للحرب، ولا تتحمل هزيمة عسكرية أخرى.
واستطرد حسن قائلا "إن الرئيس السادات -رحمه الله- قاد بنفسه هذه الحرب، بينما كان القادة العسكريون ينفذون المشروعات التدريبية الشاقة؛ لاقتحام القناة وتدمير خط بارليف، مؤكدا أن عملية الخداع الاستراتيجي كانت تسير في سرية تام، حتى لا يتسرب موعد الحرب، وتتحقق المفاجأة الكاملة التي تعتبر أحد العناصر الرئيسية للانتصار في الحرب، حيث معروف عسكريا أن أفضل موعد لبدء العمليات العسكرية في الحروب إما مع أول ضوء أو في آخر ضوء، أما أن تبدأ حرب في عز الظهيرة فهذا ما لم يحدث من قبل.
وتابع أن القيادة العسكرية للقوات المسلحة أعلنت تسريح المجندين الذين تم تجنيدهم منذ عام 66، واستمروا في الخدمة بعد النكسة، مضيفا أنه تم الإعلان عن سفر بعثة ضباط القوات المسلحة الراغبين في أداء عمرة رمضان في بداية شهر رمضان الموافق أوائل أكتوبر، وتم إيفاد السيد محمد حافظ إسماعيل مستشار الرئيس السادات للأمن القومي إلى الأمم المتحدة؛ للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وإلقاء كلمة مصر أمامها.