أكد
دبلوماسيون أن الاجتماع الثلاثي اليوم بالعاصمة الأمريكية واشنطن بين وزراء خارجية
مصر وإثيوبيا والسودان هو خطوة للوصول لحلول تحقق
مصالح كل الأطراف والتفاهم بين الدول الثلاث، موضحين أن الوساطة الأمريكية في ملف سد
النهضة مهمة للتوافق في القضايا الخلافية، وفقا لما نص عليه اتفاق المبادئ الموقع بين
هذه الدول.
ويعقد
اليوم، في العاصمة الأمريكية واشنطن، اجتماعا ثلاثية بين وزير الخارجية سامح شكري ونظيريه
الإثيوبي والسوداني، بحضور مسئولين من البنك الدولي ووزارة الخارجية الأمريكية، لبحث
أزمة سد النهضة الإثيوبي، وذلك بعد دعوة وجهتها الإدارة الأمريكية في ظل حرصها علي
كسر الجمود الذي يكتنف مفاوضات سد النهضة.
وخلال اتصال
هاتفي أول أمس، تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بالشكر والتقدير للرئيس الأمريكي
دونالد ترامب على استضافة ورعاية الولايات المتحدة للمفاوضات الثلاثية الخاصة بسد النهضة،
فيما أكد ترامب اهتمامه الشخصي وحرصه البالغ على نجاح هذه المفاوضات، وأنه شخصيا سيستقبل
وزراء الخارجية الثلاث بالمكتب البيضاوي بالبيت الأبيض، فى مستهل هذه المفاوضات، تأكيدا
لحرصه البالغ على خروج هذه المفاوضات بنتائج إيجابية وعادلة تحفظ حقوق جميع الأطراف.
حلول تحقق
مصالح كل الأطراف
السفير نبيل
بدر، مساعد وزير الخارجية الأسبق، قال إن الاجتماع الذي تستضيفه واشنطن بين وزراء خارجية
مصر وإثيوبيا والسودان بحضور ممثلي البنك الدولي لبحث ملف سد النهضة، هو أول اجتماع
يعقد خارج الدول الثلاث المعنية بهذا الملف، مضيفا إنه يمثل تطورا وسابقة لها أهميتها.
وأوضح بدر، في تصريح لـ"الهلال اليوم"،
أن الاجتماع له دلالة وأهمية كبرى للبحث عن آراء معاونة لوضع حلول عملية للمشكلة القائمة
والتي تتمثل في الاتفاق على أسلوب ملء السد بعد الانتهاء منه في حدود لا يمكن أن تؤدي
إلى وقوع ضرر للدول المعنية وهي مصر والسودان.
وأكد أن إثيوبيا
حتى الآن عبرت عن نوايا في تحقيق عدم الإضرار بمصالح هاتين الدولتين دون التزام مكتوب
بتحديد الوسيلة أو الاتفاق على أسلوب عملي يحقق ذلك الأمر وبالإشراف المناسب، بل كانت
ولا تزال تتجنب ذلك، مضيفا إن الاجتماع اليوم يمثل الاهتمام الدولي بالموضوع والسعي
إلى توصل لحلول عملية تحقق مصالح الأطراف جميعها والالتزام بالحل.
وأشار إلى
أن الالتزام هنا قانوني يتوافق مع استخدام الأنهار الدولية وحقوق الدول المتشاطئة عليها
والتي لا يمكن في القانون الدولي تجاوزها، مضيفا إن هذا يعني تنحية فرض الأمر الواقع
من جانب طرف على مصالح وحقوق الأطراف الأخرى.
وأضاف إن الجميع
يترقب أن يتوصل اجتماع واشنطن عن تأكيد لكل هذه العناصر وهو أمر ثبت وأن أعلن في بيان
البيت الأبيض الخاص بسد النهضة من قبل وكذلك المتابعة ووضع خطة وطريقة للتوصل إلى تحقيق
هذا الهدف.
التوافق
في القضايا الخلافية
ومن
جانبه، قال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشئون الإفريقية، إن اجتماع
واشنطن اليوم بين وزراء خارجية مصر وإثيوبيا والسودان، بشأن سد النهضة، هو أحد أشكال
الوساطة التي نص عليها اتفاق المبادئ الموقع في مارس 2015، كأحد الآليات التي يمكن
اللجوء إليها في حالة وجود خلاف، مضيفا إنها إن كانت وساطة سياسية إلا أنه سيكون لها
مردود على الناحية الفنية.
وأكد حليمة،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن هذه الوساطة تأتي في توقيت مهم تجنبا لأن
تصل الأمور إلى طريق مسدود، فهناك أمل في أن jتوصل الأطراف الثلاثة من خلال هذه الوساطة إلى توافق في الرأي حول النقاط الخلافية،
أو الدفع في اتجاه أن تصل اللجنة الفنية المستقلة إلى توافق بشأن فترة الملء وإدارة
وتشغيل السد، قبل البدء في عملية الملء.
وأضاف إن اتفاق
المبادئ أورد عدة آليات للاتفاق منها المفاوضات والتوفيق والوساطة والقمم الرئاسية
كآليات لتسوية النزاعات أو الخلافات، مشيرا إلى أن القضية الآن أصبحت في الإطار الإقليمي
والدولي لكسر حالة الجمود التي تعتريها، فهناك موقف للجامعة العربية بشأن أزمة سد النهضة،
كما أن الملف محل اهتمام من الدول الكبرى كالولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
وأشار إلى
أهمية أن تتفهم إثيوبيا ضرورة الوصول إلى حل توافقي يراعي مصالح الأطراف الثلاثة، وعدم
فرض واقع أحادي من جانب طرف على الآخرين، مؤكدا أن نهر النيل ليس للتصادم وإنما للتعاون
والتفاهم وتحقيق المصالح المشتركة، فالجميع يجب أن يستفيد دون أن يقع أي ضرر على أي
طرف.
التفاهم
بين الدول الثلاث
فيما قال الدكتور
إكرام بدر الدين، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن اجتماعات وزراء خارجية
مصر وإثيوبيا والسودان اليوم في واشنطن تأتي في إطار دور الولايات المتحدة الأمريكية
للوساطة بين الدول الثلاث في ملف سد النهضة، مضيفا إن ذلك جاء نتيجة لتعثر المفاوضات
في الفترة السابقة.
وأكد بدر الدين،
في تصريح لـ"الهلال اليوم"، أن كل من الولايات المتحدة الأمريكية ومصر تربطهما
علاقات وثيقة وإستراتيجية، مضيفا إنه ليس من صالح أحد أن تتعقد الأمور وتتوتر في منطقة
منابع النيل، فمصر لا تمانع من تنمية إثيوبيا أو أي من دول القارة لكن بشرط ألا يكون
ذلك على حساب الأمن المائي المصري.
وأشار إلى
أن الاجتماع يستهدف الوصول إلى تفاهمات وتوافق بين الدول المعنية في هذا الشأن، مضيفا
إن الولايات المتحدة الأمريكية لها ثقل عالمي ووجودها في الوساطة أمر مهم، كما أن هناك
اتفاقيات ومعاهدات دولية تحكم الأمر تعود لعام 1902 حددت حصة مصر من المياه.
وأضاف أن القانون
الدولي واتفاقيات الأنهار الدولية بشأن الدول المتشاطئة على نفس النهر حددت قواعد حاكمة
لهذا الملف، ومنها ألا تقوم بدول المنبع بمشروعات دون موافقة دول المصب أو تسبب إضرارا
لهذه الدول، مشيرا إلى أنه بناء على ذلك لا ينبغي لإثيوبيا كدولة منبع أن تقوم بمشروعات
تسبب أضرارا لدولتي المصب هما السودان ومصر.
وأوضح أن سد
النهضة لا ينبغي أن يكون على حساب الحصة المائية لمصر، والمقدرة بـ55.5 مليار متر مكعب
سنويا، لأن الزيادة السكانية تجعل هذه الحصة في الأساس غير كافية، كما أن سنوات ملء
السد ينبغي أن تزيد بحيث لا تسبب انتقاصا شديدا لحصة مصر المائية، مضيفا إن هاتين النقطتين
هما ما ستركز عليهما الوساطة إلى جانب التمسك بالمعاهدات القائمة والإجراءات التنظيمية
التي تنظم علاقة الدول الواقعة على نفس النهر في القانون الدولي.