أكد لي دونغ
الوزير المفوض والمستشار السياسي بالسفارة الصينية بالقاهرة فخر بلاده بالعلاقات القوية التي تجمعها بمصر وأن الصين
ممتنة لما قدمته مصر لها في فترات مهمة من تاريخها، مذكرا بأن مصر كانت أول بلد
عربي وأفريقي يعترف بجمهورية الصين الشعبية ويقيم معها علاقات دبلوماسية، وقال في
الندوة التي دشنت بها مؤسسة بيت الحكمة للاستثمارات الثقافية صالونها الثقافي
الشهري "أن مصر بلد رائد في المجال الثقافي والمعرفي وتملك حضارة عظيمة"
ولفت الوزير الصيني المفوض إلى أن مصر تضم
أكبر عدد طلاب يدرس اللغة الصينية وآدابها، الأمر الذي يعزز التعاون بين البلدين.
وأضاف أن الحب الذي يجمع بين البلدين يتجاوز البرامج التنموية والاقتصادية
والسياسية إلى الجوانب الثقافية والفكرية.. إننا نهتم ونعتز بصداقتنا التي شهدت في
السنوات الأخيرة تقاربا متميزا بين الزعيمين شي جين بينغ وعبد الفتاح السيسي الذي خص
الصين بست زيارات، وكانت من نتائجها مشاريع ضخم في التشييد والبناء والبنى التحتية
والسكك الحديدية وتوسيع الاستثمارات".
وقال لي دونغ أن
بلاده ضد التدخل في شئون الدول سواء سياسيا أو عسكريا وأن سياستها واضحة في هذا
الشأن وقال "نحن ندعم الحوار بين الحضارات والأديان وأن نستفيد من بعضنا
البعض.. إننا نثق أنه حان الوقت للاتحاد والتركيز على التنمية والاصلاح التدريجي
ورفض أسلوب خلقالصراع والنزاع بين الدول والمجتمعات، ومبادرة الحزام والطريق
مبادرة من شأنها أن تسعى للترابط بين الدول فكريا وثقافيا وسياسيا وليس اقتصاديا
وتنمويا فقط؟
ورأى أن أفريقيا اليوم في أمس الحاجة إلى
التنمية والأمن، لكن للأسف هناك قوى عالمية لا تريد لها ذلك ولا تؤمن بالتعاون
والمساوة والتنمية.. إننا ندعو للحوار وتبادل الآراء والتعامل السلمي ونتطلع إلى
أن يكون هناك عالم بدون هيمنة أحادية.. لقد دعمنا الشعب العربي والفلسطيني ولنا
الآن علاقات قوية بدول المنطقة العربية ونبذل أقصى جهدنا لتعزيزها.
ويعد صالون بيت الحكمة أول صالون مصري يهتم
بالشأن الصيني في مختلف المجالات، وقد تم تدشينه ليكون منصة معرفية ونافذة جيدية
للباحثين والدارسين المهتمين بالشأن الصيني للتعرف عليه والغوص في تفاصيله
السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتكنولوجية والحياتية، وقد أكد
الباحث عماد الأزرق أن الصالون لا يتبنى بالضرورة وجهة النظر الصينية ولكنه يقدم
الرؤية المصرية للشأن الصيني للوقوف على نقاط القوة في التجارب الصينية وكيفية
الاستفادة منها في مصر والمنطقة العربية.
وكشف الأزرق أن مؤسسة بيت الحكمة ستدشن قريبا
منصة معرفية هامة من خلال إطلاق مكتبة رقمية تضم 48 ألف كتاب يمكن لدراسي اللغة
الصينية الاطلاع عليها مجانا، وآملين أن تضم هذه المكتبة الرقمية في مرحلة لاحقة
الكتب المتعلقة بالشأن الصيني باللغتين العربية والانجليزية حتى تتاح لكل الباحثين
والمهتمين بالاطلاع على الشأن الصيني في مختلف المجالات العلمية والمعرفية
والاستفادة.
وقد ناقش الصالون في ندوته هذه الأولى كتاب
"طريق الصين.. سر المعجزة" للدكتور أحمد السعيد رئيس مؤسسة بيت الحكمة للصناعات الثقافية
والباحث الصيني ولي هونغ جيه، حيث تحدث كل من السعيد ود.ناصر عبد العال وكيل كلية الألسن
بجامعة عين شمس وأستاذ اللغة الصينية ود.محمد فايز فرحات رئيس وحدة الدراسات
الصينية بمؤسسة الاهرام.
لفت السعيد إلى أن الكتاب تمحور حول 25 سؤالا
تشكل كل المجالات والنواحي التي يمكن أن يتساءلها المواطن العربي سواء كان مثقفا
أو مواطنا عاديا، وأجابة عليها عشرة من كبار الباحثين الصينيين في كافة المجالات،
من بين هذه الأسئلة: كيف فعلتها الصين؟ كيف تطورت الصين التي كان معدل نموها
الاقتصادي متأخرا عنا كدول عربية قبل ثلاثين عاما فقط؟ ما طبيعة المجتمع الصيني؟
هل فعلا لا توجد حرية وحقوق إنسان كما تخبرنا وسائل الاعلام الغربية كل يوم؟ ما سر
تماسك الثقافة الصينية كل هذه السنوات الطويلة؟ ماذا تريد الصين من العرب والوطن
العربي وهل يمكن أن نتحد معا ككتلة شرقية ضد التكتل الغربي؟ كيف ترى الصين الربيع
العربي؟ وما دورها السياسي في العالم العربي؟ وغيرها.
وقال إن الكتاب تحدث لأول مرة عن الديمقراطية
في الصين، وحقوق الانسان، وأوضاع الأقليات وخاصة المسلمين والعلاقات الصينية
العربية وأن الاجابات جاءت عبر نقاشات موسعة استمرت لأشهر مع باحثين مؤثرين سواء
كانوا مسئولين حكوميين أو خبراء أكاديميين.
وتناول د.ناصر عبد العال وكيل كلية الألسن
بجامعة عين شمس وأستاذ اللغة الصينية المراحل التي قطعتها الصين في صعودها حيث
توقف عند الاصلاح التدريجي وأولوية الاقتصاد على السيلسي والتنمية على الديمقراطية
بالمفهوم الغربي، وقال إن الرئيس شي جين بينغقدم أفكارا كبرى وهو الآن يدفع بالمرحلة الثالثة للصعود الصيني
والمتمثلة في الانفتاح.
وطرح د.محمد فايز
فرحات عددا من التساؤلات المهمة على السياسة الصينية سواء الاقتصادية أو السياسية
في إطار تحليله لكتاب السعيد، لافتا إلى أهمية أن تأخذها الحكومة الصينية بعين
الاعتبار ومن بينها ما يتعلق بمفهوم المسئولية الدولية ومبادرة الحزام والطريق
التي أطلقها قبل خمس سنوات الرئيس شي جين بينغ، ومبدأ عدم التدخل في الشئون
الداخلية للدول، وزيادة حجم الطبقة الوسطى في الصين وتأثيراتها على المجتمع الصين.
وقال "إن الصعود السلمي للصين سياسيا واقتصاديا وتنمويا لم يرتب أي صدام أو
نشاط توسعي، لكنه سيظل معرضا للصدام مع أمريكا والغرب، فالصدام الآن مركز على
المجال التجاري وهو صدام يلحق الضرر بكثير من الدول النامية، وإذا استمر الرئيس
دونالد ترامب فقد ينتقل الصدام إلى مواجهة. لذا نرجو أن تستمر الصين قادرة على
تجاوز ذلك وأن تنتقل بالعالم من أحادي القضبية إلى ثنائي أو متعدد القضبية".