الخميس 23 مايو 2024

المجلس الأعلى.. للحكماء

12-4-2017 | 13:11

بقلم –  اكرم السعدنى

.. أتمنى على الله أن تطول فترة الطوارئ، التى أعلنها المجلس الوطنى لمحاربة الإرهاب الذى أقف إلى جانبه وأؤيد كل خطواته وأبارك كل قراراته.. ولكن.. وآه من ولكن هذه قد يتصور أحدهم أننى أمسكت بالطبلة وأصبحت مثل الهبلة أطبل للحاكم وأهلل لكل قرار يتخذه وأعتبر كل خطواته تاريخية غير مسبوقة لمن قبله وغير ممكنة لمن بعده والحق أقول لحضراتكم إننى مع كل ما يصدر عن الحكومة، ولكن بشرط. أن نعود إلى الوراء قليلًا ونأخذ الحكمة والعبرة من أحداث لا تزال الذاكرة تحفظها عندما خرج علينا ولد اسمه «غنيم» يدعونا للتجمع فى ميدان التحرير، وأخذت الدعوة طريقها للملايين، الذين تجمعوا وأسقطوا نظاماً هو بالتأكيد فاسد، له نسب فى الفاسدين عريق.. لقد قام شعب مصر بثورة من أجل استعادة حقوقه وفلوسه المنهوبة والقضاء على عصابة حكمت مصر وتصورت أنها باقية على قمة السلطة إلى الأبد من خلال توريث الأنجال أو الأندال لا فرق وعمليات نهب ثروات هذا البلد ليست فى حاجة إلى إعادة شرحها أو ذكرها، لأننا جميعًا نعلم كيف أثرى كل أركان حكم مبارك وأعوانه وبالطبع ليس هناك مال كنيز.. إلا ووراءه حق مضيع.. بالمناسبة هذه كلمات سيدنا «على» كرم الله وجهه والحق المضيع هنا هو حق البسطاء والمهمشين فى هذا البلد فقد تم عمل مخطط للقضاء على الصناعات الوطنية فى بر مصر وتشريد العاملين والموظفين وإخراجهم من النعيم عن طريق اختراع المعاش المبكر وتم تصفية شركات عملاقة ساهمت فى الارتقاء بالدخل القومى ووفرت على الدولة استيراد سلع بمليارات الدولارات، ولكن العصابة التى حكمت مصر فضلت مصلحتها الخاصة على مصلحة الوطن وتمت تصفية ثروة مصر الصناعية، التى كونها وأنشأها خالد الذكر جمال عبدالناصر، ابن مصر العظيم، الذى جاء من الفقراء وظل إلى جانبهم، حتى توفاه الله، وبالطبع أسود المستقبل فى عيون شباب مصر ولم يعد للأمل أى مكان فى حياتهم وأصبح واقعهم ملطخا بالأسفلت والزفت ومستقبلهم مظلما كما قلب الكفار.. هنا تحول هؤلاء الشباب إلى وقود للإرهاب فإذا كانت الحياة على الأرض مستعصية فأهلا بالجنة فى الدار الآخرة، وهكذا انضم خيرة شباب بلادنا لهؤلاء أصحاب الفكر «الفواحشى».. إن هذا الشاب الذى شاهدنا فيديو مصورا له وهو يضحى بأغلى ما منحه الله للبشر «الحياة».. ياترى لماذا قدم هذا الشاب روحه وعمره وحياته وما هى الأسباب التى دفعته إلى الخلاص من هذه الدنيا.. إذا أردنا أن نواجه الإرهاب أيها السيدات والسادة فعلينا أن نمسك بمثل هؤلاء الشباب وأن نفتح معهم حوارًا صادقًا صريحًا يشترك فيه أصحاب الفكر فى هذا البلد من أمثال رجائى عطية وصبرى الشبراوى والدكتور عكاشة والدكتور غنيم وصلاح منتصر وفاروق جويدة ويوسف القعيد وأحمد الجمال، ومكرم محمد أحمد والدكتور مصطفى الفقى وكل العقول المنيرة فى بلادنا وعلينا الاستعانة بهؤلاء الرجال، الذين أفنوا العمر من ضباط مباحث أمن الدولة لا أقصد منهم بالطبع الذين أصبحوا مادة مقررة فى الفضائيات، ولكن أقصد هؤلاء الرجال الذين يعلمون كل صغيرة وكبيرة ولديهم أفكار ورؤى فى عمليات المراجعة الفكرية واستعادة هؤلاء الشباب ليصبحوا رقما إيجابيا فى المجتمع وليس رقما من أرقام المتفجرين.. وياسيادة الرئيس.. لقد كنت أول من رحب بك مرات قائدًا لجيش مصر العظيم وقلت بك ما لم يستطع أن قوله غيرى.. ولكن اليوم.. نحن على مفترق الطرقات ومن يصارحك بالحقيقة أعتقد أنه سيكون لك أكثر فائدة من الذى سيتولى القيام بدور كبير الرحيمية قبلى الذى كان يدعو اتباعه كلما انتهى من جملة قالها فى خطبة إلى التصفيق.. قائلًا: «سجفوا» .. إن الدماء التى تسيل من قلب المحروسة هى أغلى ما نملك أغلى من الغاز ومن البترول ومن الدولار والريال والدينار ثروة مصر الحقيقية فى هذا الثراء العظيم من البشر، وهذا التنوع الذى خص المولى عز وجل به مصر.. لقد عشنا على هذه الأرض آلاف السنين وسوف نبقى لأننا شعب متحضر لا يتصارع فيه الأبناء، ولكن ينصهر الكل فى واحد حيث تصبح مصر هى الدين وهى الوطن وهى المسكن وهى الملجأ وهى الماضى وهى الحاضر وهى المستقبل.. سيادة الرئيس نريد مجلسًا أعلى للحكماء.. يقرأ معطيات الحاضر ويستخرج منها روشتة العلاج من أجل مصر التى أبهرت العالم وما زالت قادرة على الإدهاش.

أما وضع كل مصائب العصور السابقة وكل أخطاء الماضى والحاضر على رأس الأمن فإننا سوف نصبح كمن يدور فى دائرة لا نهاية لها.. ولهذا يا سيدى الرئيس أتمنى من الله ولا يكتر على الله أن يوفقك فى استعادة الأمل لكل شباب مصر الأمل فى استعادة الثروات المنهوبة الأمل فى أن تأخذ العدالة مجراها من اللصوص والحرامية والقتلة الذين سفكوا دماء الأبرياء والشهداء، وعلى رأسهم النائب العام الأمل فى أن يكون القادم أجمل.

وأنا أعلم تمامًا قدراتكم على صنع المستحيل.. فمن أقدم على حل مشاكل مصر الاقتصادية.. واقتحام جبل الحلال والقضاء على المافيا التى تحكمت فى البلاد وفى العباد.. ومطاردة المرتشين والعابثين بأمن الوطن.. لقد كنتم منذ أول يوم رجل المهام الصعبة، الذى ناشده أهل مصر لكى يكون المخلص من حكم الإخوان بعد أسوأ عام مر على تاريخ هذا الشعب.. نعم كنت أنت ومن خلفك هذه المؤسسة العظيمة جيش مصر ، كنتم لنا الأمل.

واليوم نسألك يا سيادة الرئيس.. مجلسًا أعلى للحكماء يضع يده على نبض المصريين ويشخص الداء.. ويحدد الدواء.