الأربعاء 29 مايو 2024

أنتم تدعمون الإرهاب وتساعدونه على قتلنا!

12-4-2017 | 13:41

بقلم –  عبدالقادر شهيب

بدون مقدمات أنا لا أخاطب هنا الذين ينشرون ويروجون أفكاراً وفتاوى التطرف الدينى التى تصنع لنا وحوشا آدمية تقتل وتخرب وتدمر وتحرق وتفجر نفسها فى تجمعاتنا ومنشآتنا الدينية.. فهؤلاء يجب أن نحاربهم بقوة مثلما نحارب من يقومون بالعمليات الإرهابية ويمارسون العنف.

 

ولا أخاطب أيضاً من يمولون التنظيمات والجماعات والحركات الإرهابية أو من يقدمون الملاذ الآمن للإرهابيين وممارسى العنف أو من يقدمون لهذه التنظيمات الإرهابية خدماتهم اللوجيستية ويمدونهم بالمتفجرات والأسلحة والوسائل التى تساعدهم على تنفيذ العمليات الإرهابية.. فهؤلاء لابد من اجتثاثهم أيضاً من أرضنا وتصفيتهم والقضاء عليهم من خلال دعم قدرات رجال الأمن بالأسلحة والمعدات التكنولوجية، والتى تساعدهم على توفير قاعدة بيانات شاملة ودقيقة عن هذه الكيانات الإرهابية التى تلوث أرضنا وذئابها المنفردة أو غير المنفردة.

وإنما أنا هنا أخاطب تحديداً بعض السياسيين والكتاب المعارضين لحكم الرئيس السيسى والذين للأسف الشديد يسعون للاستثمار السياسى للحوادث الإرهابية الأخيرة البشعة التى وقعت في طنطا والإسكندرية.. فهم يرون فى هذه الحوادث الإرهابية البشعة فرصة لإضعاف هذا الحكم وهزه تمهيداً للتخلص منه مستقبلاً.

والكارثة أن هذا ما تستهدفه الجماعات والتنظيمات الإرهابية أيضاً وما يسعى لتحقيقه الإرهابيون الذين قاموا بعمليتى طنطا والإسكندرية بينما هؤلاء المعارضون يناهضون العنف والإرهاب ويخاصمون تلك التنظيمات الإرهابية وكل التنظيمات والحركات التى تمارس العنف وتحض عليه، ولا يكفون ليل نهار بالمطالبة بسياسات حازمة وصارمة ضد مروجى أفكار وفتاوى التطرف الدينى.

لكن هؤلاء المعارضين بما يقومون به من محاولات استثمار سياسى للعمليات الإرهابية إنما يختارون لأنفسهم بذلك أن يقفوا مع الإرهابيين فى خندق واحد، وأن يسعوا لتحقيق ذات الهدف الذي يسعى الإرهابيون لتحقيقه.

يا سادة إن من فجر نفسه سواء فى كنيسة طنطا أو أمام كنيسة الإسكندرية ومن ساعدوهم لا يستهدف فقط الانتقام من الأقباط والتنكيد عليهم فى عيدهم عقاباً لهم على وطنيتهم التى تجلت بجلاء فى ٣٠ يونيه وما تلاه من أيام وشهور وسنوات رغم ما عانوه من آلام وأحزان.. ولا يستهدف هؤلاء الإرهابيون فقط أيضاً إثارة فتنة طائفية داخل البلاد وضرب السلام المجتمعى... وإنما يستهدفون قبل ذلك أيضاَ التخلص من الحكم الحالى حتى يتسنى لهم الوثوب مجدداً على السلطة والسيطرة على المجتمع وفرض فاشيتهم واستبدادهم علينا من خلال تقويض كيان دولتنا الوطنية.

ولذلك ينبغى أن نعلو على خلافاتنا السياسية فى هذه المحنة التى نعيشها وهذه الحرب الضارية الشرسة التى نخوضها ضد إرهاب هو الأكثر وحشية من أى إرهاب سبق أن واجهناه من قبل.. والأكثر قدرة مالية وتسليحية، وأيضاً الأكثر استخداماً للتكنولوجيا، والذى يلقى دعما إقليميا ودولياً، من جهات وهيئات وحكومات معروفة وبعضها يجاهر علناً بذلك!.

في مواجهة الإرهاب يجب أن نتحد جميعاً للتصدى وللإجهاز والقضاء عليه والتخلص من شروره.. ويتعين ألا تغيب أو تتشوش البوصلة السياسية فى أيدينا.. وألا نخدم ونساعد وندعم الإرهابيين بمواقف سياسية خاطئة وغير محسوبة.. ولعلنا لا ننسى ما فعلناه فى أنفسنا حينما احتشد نفر من سياسينا مع الإخوان ومرشحهم للرئاسة ليمكنوه من اعتلاء مقعد الحكم ولم يفطنوا أنهم يمكنون الإخوان من السيطرة على المجتمع وفرض فاشيتهم عليها، ويقوضون أركان دولتنا الوطنية ويسلبوننا هويتنا الوطنية.

لا أطالب أحداً أن يتخلى عن مواقفه السياسية أو أن يتوقف عن معارضته للحكم الحالى، بل والمطالبة بحكم بديل وإنما أطالب فقط هؤلاء ألا يتنكروا لمواقفهم السياسية التى تدعو لدولة مدنية تقوم على مبدأ المواطنة والمساواة ويسودها التسامح ويزدهر فيها العيش المشترك ونحتكم فيها جميعاً للقانون.. ولكننى أنبه بعض الغافلين سياسياً لخطر محاولاتهم الاستثمار السياسى لأى عمل إرهابى نتعرض له مثلما هو حادث الآن، بعد العمليتين الإرهابيتين فى طنطا والإسكندرية.. ذلك يدعم أساساً الإرهاب ويتناقض مع كل الأفكار والرؤى التى يتبناها هؤلاء.. إنهم بذلك يصطفون مع الإرهابيين ضدنا.. ضد شعبهم الذى يتبنون الدفاع عن مصالحه، وضد دولتهم التى يستهدف الإرهابيون تقويض كيانها لتحل محلها كيانات قزمية هزيلة يسهل الهيمنة وفرض السيطرة عليها من قبل قوى إقليمية ودولية.

الاستثمار السياسى من قبل أى شخص أو مجموعة أشخاص للعمليات الإرهابية من أجل تحقيق أهداف سياسية صغيرة وضيقة خطيئة كبيرة فادحة ستلحق الأذى بنا جميعاً وبمن يقومون بهذا الاستثمار السياسى.. ولعل هذا ما يتذكره بعض سياسينا الذين دعموا من قبل الإخوان للوصول للحكم.. فعندما تمكن الإخوان انقلبوا عليهم وطردوهم من حظوتهم.

انظروا وتعلموا مما يحدث خارج مصر.. عندما يحدث عمل إرهابى فى دولة أوربية يحتشد الجميع معاً في مواجهة الإرهاب، ولا يسعى أحد لاستثمار هذا العمل الإرهابى سياسياً.. الإرهاب يستهدفنا جميعاً.. مسلمين ومسيحيين.. رجالاً ونساء.. كباراً وصغاراً.. أغنياء وفقراء.. مؤيدين ومعارضين.. وذلك يتعين أن نتصدى له جميعاً معاً حتى نهزمه ونقضى عليه ونتخلص من شروره.