تقرير إخبارى يكتبه: أحمد أيوب
فى دقائق معدودة فور صدور قرار رئيس الجمهورية بالدفع بعناصر من وحدات التأمين الخاصة بالقوات المسلحة لمعاونة الشرطة تحركت القوات لتتخذ مواقعها فى المحافظات المختلفة، وتبدأ تنفيذ مهامها المكلفة بها من القيادة العامة، فالقوات المسلحة لديها بالفعل خطة موضوعة جاهزة لدعم قوات الشرطة المدنية وفى كل الجيوش والمناطق لديها ما يطلق عليها العناصر المتقدمة والتبادلية للقوات، مهمتها الأساسية التحرك لدعم الشرطة فى الأزمات والطوارئ وحالات الضرورة التى يقررها الرئيس.
هذه القوات تتمتع بخفة الحركة والاستعداد الدائم لتنفيذ المهام فى أى وقت، ولديها خطة انتشار جاهزة، بحيث لا تستغرق وقتا فى تنفيذ القرار الرئاسى عندما يصدر.
ولذلك عندما صدرت الأوامر تطبيقا للقرار الرئاسى لم تمر سوى دقائق، وكانت هذه القوات فى مناطقها وجيوشها جاهزة، وتحركت لتنضم إلى عناصر الشرطة فى السيطرة على المناطق والمنشآت الحيوية والاستراتيجية.
ميزة وجود هذه القوات فى الشارع بجانب دعمها للشرطة، أنها ستزيد القدرات التأمينية لتلك المناطق وترفع مستوى اليقظة والانضباط، وتسد الثغرات، التى يمكن أن ينفذ منها من يريدون تنفيذ عمليات إجرامية ضد الوطن.
الأصل أن مهمة هذه القوات مؤقتة ويقدرها رئيس الجمهورية بعد التشاور، وتحديد الفترة المطلوب تواجد هذا الدعم للشرطة من عناصر القوات المسلحة خلالها.
. ووفقًا لقرار مجلس الوزراء، الذى تضمن أن يبدأ إعلان حالة الطوارئ من الواحدة ظهر الاثنين الماضى لمدة ثلاثة أشهر، فسوف تتولى عناصر القوات المسلحة بالتنسيق مع الشرطة اتخاذ ما يلزم لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن بجميع أنحاء البلاد، وحماية الممتلكات العامة والخاصة، وحفظ أرواح المواطنين. لكن هذه الفترة المحدودة للطواريء لا علاقة لها بتواجد عناصر القوات المسلحة التي صدر قرار الاستعانة بها منفردا وقبل إعلان حالة الطوارىء وهو ما يعنى أن تواجدها ليس مرتبطا بحالة الطوارىء او الغائها .
فالهدف الرئيسى لتواجد هذه القوات بعيدا عن الطوارئ هو تحقيق الردع الكامل للإرهابيين ورسالة طمأنة للمواطنين، وشد أزر رجال الشرطة..
فعناصر القوات المسلحة الداعمة للشرطة، ستكون لها مهام واضحة وصلاحيات كاملة فى الشارع، لكنها لن تكون بديلة للشرطة، فمديريات الأمن وأقسام الشرطة، كما يقول اللواء سمير فرج مدير إدارة الشؤون المعنوية الأسبق، ستعمل بشكل عادى وخطط حفظ الأمن العام ستنفذها الداخلية، كما هو منوط بها، لكن عناصر القوات المسلحة يمكن أن تتواجد فى تمركزات قريبة للتدخل عند الحاجة.
هذا النزول الداعم من عناصر التأمين التابعة للقوات المسلحة ليس الأول من نوعه، فقد حدث كثيرًا قبل ذلك سواء فى ثورتى يناير و٣٠ يونيه على نطاق واسع لتأمين البلاد، وبعد ذلك كان يتم فى ظروف وأحداث معينة، منها إجراء الانتخابات والاستفتاءات، كما حدث فى بعض الأعياد، التى أشارت المعلومات الأمنية إلى توقع وجود تهديدات خلالها، وكان نزول عناصر القوات المسلحة فى هذه الظروف محددًا بمهام واضحة وخلال أيام قليلة، واختلفت أعداد العناصر المشاركة من مرة إلى الأخرى حسب الخطة التأمينية المطلوبة.
لكن النزول هذه المرة مرتبط بمهام أخرى وهى الحماية والتصدى للإرهاب الذى يستهدف الدولة بأى شكل ، كما أن إعلان حالة الطوارئ سيعطى صلاحيات إضافية للقوات المتواجدة لاتخاذ ما تراه من إجراءات أكثر شدة لحماية الأمن والتصدى لأى خروج عن القانون، فعناصر القوات المسلحة بالتنسيق مع الشرطة لن تنتظر وقوع أى تصرفات أو استهداف، وإنما ستلجأ إلى المباغتة والمبادرة والضربات الاستباقية لإجهاض أى محاولات إرهابية، وسيساعد على هذا الأمر قدر الخبرة، التى اكتسبتها عناصر القوات المسلحة فى مواجهة الإرهاب خلال السنوات الماضية، وهو ما سيجعل تواجدها مؤثرا خاصة فى التصدى للتنظيمات الإرهابية ومهاجمة الأوكار والبؤر، التى تتخذها الخلايا الإرهابية كمناطق تمركز وانطلاق.
عدد عناصر القوات المسلحة لن يكون ثابتًا، بل ستحدده الظروف ومتطلبات التأمين، كما سيختلف من منطقة لأخرى، وستكون على قدر كبير من المرونة فى التحرك والتسليح حسب خطة التأمين، وما يتم التنسيق حوله بين القوات المسلحة والشرطة.
الأمر المؤكد نزول الجيش ليس رفاهية ولا تزايدًا وإنما فرضته الضرورة، فالأوضاع الأمنية تتطلب دعمًا سريعًا لقوات الشرطة تحقيقًا لما تعهد به الرئيس السيسى من أنه لن يسمح لأحد بإسقاط مصر، وأنه لن يستطيع أحد أن يمس الدولة المصرية، ولن يسمح أن تضيع مصر، فالمخططات الدولية، التى أشار إليها الرئيس السيسى واضحة وتزايدت بعد ان بدأت الدولة تسترد عافيتها ومكانتها وتستقر اوضاعها السياسية والأمنية واشتعلت بعد زيارة الرئيس أمريكا، ولم يعد هناك شك فى أن الدولة مستهدفة بقوة، وعناصر الشرطة وحدها لن تستطيع مواجهة هذه المخططات، التى تدعمها دول وقوى إقليمية ودولية وتخطط لها وتديرها أجهزة مخابرات ، ولهذا فالمواجهة تتطلب تضافر الجهود وشدة أمنية قوية من أجل فرض السيطرة الكاملة بكل السبل لتوجيه رسالة طمأنينة للداخل حتى يستشعر المواطنون الأمان، وللخارج حتى يعلم العالم أن مصر ليست سهلة الاختراق أو الاستهداف كما أنها منطقة خطر يخشاها الأجانب، وحتى يتحقق كل هذا لم يكن هناك سوى قرار نزول عناصر التأمين من القوات المسلحة.
ولن تكون مهام عناصر القوات المسلحة و الشرطة متداخلة فى كل الأحوال، وإنما كما يتوقع اللواء نصر سالم رئيس جهاز الاستطلاع الأسبق بالقوات المسلحة سيتم تقسيم نطاقات المسئولية بين قوات الشرطة والجيش، بحيث يكون لكل قوات نطاق تعمل على تأمينه بما يتضمنه من أهداف ومنشآت حيوية، وكما يرى اللواء سمير فرج، فستكون مهمة عناصر القوات المسلحة الدعم وتقوية عناصر التأمين من الشرطة المدنية، وشكل الدعم سيختلف من منطقة لأخرى، ففى بعض المناطق سيكون التواجد لعناصر القوات المسلحة أشبه بالاحتياطى، الذى يتدخل وقت الحاجة، لكن فى مناطق أخرى ستكون العناصر لها أدوار متقدمة، وهذه المناطق والمهام سيتم تحديدها بالتنسيق بين القوات المسلحة والشرطة حسب خطط التأمين والاحتياجات التأمينية والتهديدات الموجودة، ويمكن أن تتغير الخطة من وقت إلى آخر.
يكشف اللواء نصر سالم أن نزول القوات المسلحة ليس بدعة مصرية، وإنما لجأت إليه الكثير من الدول، ففرنسا الآن تقوم عناصر الجيش بمهام تأمين المناطق الحيوية مثل برج إيفل والإليزيه والمطارات، وفى بلجيكا تتولى القوات المسلحة تأمين المطارات، وكثير من مناطق العاصمة، إضافة إلى تمركزها فى أماكن حيوية.
وفى مصر الأوضاع أصبحت تتطلب اتخاذ هذا القرار لان الخطر يتزايد والانتظار أكثر من هذا لم يعد مفيداً بل مضيعة للوقت وفرصة للإرهاب لينفذ جرائمه ولهذا جاءت قرارات الرئيس السيسى ومجلس الدفاع الوطنى الحاسمة لصالح أمن الوطن سواء إعلان الطوارئ أو الدفع بعناصر القوات المسلحة فالأمر يحتاج إجراءات استثنائيه لحماية مصر.