الأحد 24 نوفمبر 2024

ستبقى مصر .. وسيذهب الإرهابيون إلى الجحيم

  • 12-4-2017 | 13:48

طباعة

بقلم –أحمد النجمى
 

يا مصر كيف حالك الآن .. سقط بعض أبنائك المخلصين أمس الأحد.. قتلهم الإرهاب.. ولكنك حتمًا ستقفين على قدميك، حرة، قوية، عفيّة، بهية، صامدة، منتصرة على الإرهاب!

.. شمت بك بعض الشامتين- من الإخوان والتابعين لهم فى الضلال والدموية- لكنك ستمحينهم من صفحات تاريخك العظيم، تاريخك الذى لا يفهمه هؤلاء القتلة..!

.. يامصر.. كيف حالك الآن؟

.. إنك يا مصر لا تعرفين البكاء، ولا تهتزين، ولا تتراجعين، إنك يا مصر فوق ما فى ظنهم وخيالهم المريض.. شعبك المخلص، ورئيسك الوطنى النبيل الشجاع، وجيشك الباسل المنتصر، وشرطتك العظيمة، وقضاؤك عالى الهامة، كلنا أبناؤك، كلنا معًا فى المعركة، كلنا نقاتل وإن كان بعضنا قد غفل، أو نام، أو ألهته حياته قليلًا عن هذه المعركة، فإن الأحداث الدامية التى وقعت صباح الأحد الماضى، قد ردته إلى موقعه فى ميدان الحرب.. الحرب على الإرهاب الدامى غير الإنسانى، سنقاتل جميعًا كالبنيان المرصوص، من أجل اليوم والغد.. يا مصر!

فيا بلدنا الجميل، لا تهتز، ولا تأخذك الدهشة، فنحن فى زمن يقاتل فيه الشر معركته الكبرى، مرت بك أيها البلد الأمين.. معارك أكبر من هذه وانتصرت فيها.. وحتمًا ستنتصر فى معركتك هذه ضد الإرهاب!

اخترق الإرهاب الدلتا.. معروف- منذ فترة- أنه يسعى إلى ذلك، بعد توالى واتصال ضربات قواتنا المسلحة الباسلة ضده فى شمال سيناء، وخصوصًا بعد ضرباتها التاريخية- بلا مبالغة فى الوصف- ضده فى «جبل الحلال» وإنهائها لوجوده فى هذا المعقل القديم له وللخارجين عن القانون، المصريون المسيحيون- لا نقول الأقباط، فالكلمة علميًا تعنى المصريين كلهم.. المسيحيين أو المسلمين على السواء- تلقوا ضربتى غدر إرهابيتين، ضربتين لا يمكن وصفهما إلا بالجبن والخسة والدناءة وانعدام الحس الإنسانى، بل والحس الحيوانى، فحيوانات الغابة لها تقاليدها وأصولها فى الافتراس، أما الإرهابيون فلا تقاليد ولا أصول فى الافتراس لديهم، اختاروا «أحد السعف»- التى تنطق فى العامية بحرف الزاى- لكى يضربوا ضربتهم، فى كنيسة مار جرجس بطنطا فى التاسعة وخمس دقائق بينما المسيحيون من أهل مصر يصلون فى يوم العيد، يفجر انتحارى دموى نفسه فى الكنيسة ليقتل نحو ٣٠ مسيحيًا، ذهبوا جميعًا شهداء للوطن فى معركته التاريخية الدائرة ضد الإرهاب!

وقبل الواحدة ظهرًا.. استهدف إرهابى انتحارى آخر كنيسة بالإسكندرية كان قداسة البابا تواضروس يصلى فيها بالناس.. وبعد خروج قداسته بدقائق حاول الانتحارى تفجير نفسه، لكنه لم ينجح.. احتجزه ضابط عظيم حصل على الشهادة فى أعلى مراتبها (الرائد الشهيد عماد الركايبى).. وذهبت ضحية التفجير العميدة نجوى الحجار التى لم تفصلها سنتميترات معدودة عن التفجيرى الإرهابى.. كذا راح شهيدًا فى نفس الجريمة بالإسكندرية الرائد محمد رفعت وأمين الشرطة أحمد إبراهيم.. تغمدهم الله جميعًا بالرحمة شهداء للوطن فى جنة الخلد.

وأصبح أحد السعف.. أحد الدموع، أحد الإرهاب، أحد الصدمة.. بعد أن كان أحد العيد، والفرحة، والأمان.!

أخذ أهالى طنطا يضربون كفًا بكف من الصدمة والذهول، وعشش الحزن فى نواحى الإسكندرية التى كانت صاحبة تاريخ عظيم فى التسامح والتعايش بين الأجناس والأديان والألوان، وصارت مستودعًا للأفكار السلفية!.

لكن.. بعد ساعات قليلة، خرج علينا الرئيس عبدالفتاح السيسى ليردنا إلى الطريق الجاد، لينبهنا، ليحفزنا، ليشد عزائمنا، ليعيد إلينا صوابنا مرة ثانية.. خرج علينا الرئيس عقب الاجتماع الحاسم للمجلس الأعلى للأمن القومى بخطاب من قلبه غير مكتوب - كعادته حين يريد التحدث إلى المصريين فى القضايا المهمة ليقول لنا: اثبتوا، صابروا وثابروا.. النصر لمصر إن شاء الله، سيسقط الإرهاب وسيولى زمنه.. خرج علينا ليذكرنا بأن المعركة صعبة وطويلة، وأن السلاح الرئيسى فيها هو إيماننا بالله وبالوطن وقوة عزائمنا..!

الخطر الوحيد - الداهم - الذى رأيته بعينى رأسى فى ساعات الأحد الرهيب، كان فى هذا اليأس والحزن والفزع لدى البعض، رأيت هذا فى عيونهم، وبمجرد أن شاهدوا خطاب الرئيس القوى المكثف الذى يؤدى المعنى بدقة ويوصل الرسالة الصحيحة فى وقتها تمامًا، تبدلت حالهم إلى القوة والاطمئنان وتجدد عزمهم على الحياة ودحر الإرهاب!.

هذا هو الرئيس.. القائد فى المواجهة تمامًا، على رأس جيشه، فى صدارة أمته، لا يفقد السيسى البوصلة أبدًا، وإن فقدها آخرون!.

العالم كله وقف إلى جوار مصر فى مشهد ذى دلالة خاصة.. ترامب رئيس الولايات المتحدة، بوتين صديق مصر ورئيس روسيا بابا الفاتيكان، معظم رؤساء وحكام العالم العربى وأوربا وآسيا، الكل تسابق فى استنكار الإرهاب الجبان البربرى، وفى الوقوف إلى جانبنا.. والدلالة الخاصة التى ذكرناها لهذا، هى مكانة مصر التى استردتها فى عصر السيسى ودورها المؤثر والفاعل اقليميًا وعاليمًا، هذا الدور الذى فقدته لما يقارب ٤٠عامًا واستردته مع السيسى.

اشتد أزرنا - نحن المصريين - فى ساعات، بخطاب الرئيس القوى الوطنى عبدالفتاح السيسى، اشتد أزرنا - أكثر وأكثر - حين رأينا قواتنا المسلحة الباسلة، وهى تقوم بتأمين منشآتنا الحيوية بعد دقائق من كلمة السيسى إلى جانب الشرطة بالطبع.. وجاء إعلان حالة الطوارئ من الرئيس ليضع حدا لكثير من الفوضى والترهل، وليشعر الناس بأننا فى حرب حقيقية ضد الإرهاب، لقد قالها الرئيس كثيرًا للمصريين.. لكن المصريين وإن كانوا قد استوعبوها جيدًا لكنهم لم يحولوها إلى ممارسة فى حياتهم، الآن - فقط - صار الدرس مستوعبًا.. نحن فى حالة حرب حقيقية.

ولأننا فى حالة حرب.. فإن لكل دوره.

الإعلام - الذى ننتمى إليه بطبيعة الحال - يجب أن يسهم فى هذه المعركة، أولًا وقبل كل شىء بالابتعاد عن الإثارة، والإيمان فقط بأن رسالتنا هى قول الحقائق لجمهورنا، سواء كنا صحافة أو قنوات خاصة فضائية أو إذاعات أو مواقع إلكترونية، آن الأوان لكى يعود الإعلام إلى دوره.. «إعلام دولة فى حالة حرب» لا فى حالة انقسام على الذات، ولا فى حالة استرخاء، ولا فى حالة إثارة دائمة أو تحريض مستمر.

مجلس أعلى لمكافحة الإرهاب.. نقول مجددًا إنه قرار يستهدف وضع جميع مؤسسات الدولة المصرية أمام مسئولياتها الحقيقة فى الحرب على الإرهاب.. إنه قرار من أهم قرارات ٩ أبريل التاريخية التى أعلنها السيسى، الثقافة.. التربية والتعليم.. المؤسسات الدينية - الأزهر والكنيسة- جميع المؤسسات التى تعنى بالعقل المصرى عليها أن تعمل ضد التطرف والإرهاب، فالحرب على الإرهاب من الآن لم تعد مسئولية جيشنا وحده ولاشرطتنا وحدها، بل مسئولية الجميع.. كل فى موقعه، والهدف واحد: القضاء على الإرهاب والتمسك بمصالح الدولة العليا.

لانقول أن خرق الإجراءات المتخذة ليل الأحد- نزول الجيش، وحالة الطوارئ لثلاثة أشهر والمجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب.. وغيرها - سوف تقضى على الإرهاب بين عشية وضحاها، ولكنها مع سريانها وتحولها إلى واقع معاش، ستقلل كثيرًا من أى نشاط إرهابى محتمل.. وستضعف كثيرًا أى فرص للإرهاب فى اختراق الصف الوطنى.

لقد كانت ضربات قواتنا المسلحة المظفرة ضد العدو الإرهابى فى شمال سيناء قوية وثقيلة وموفقة للغاية، فما كان من هذا العدو إلا أن نقل حراكه إلى قلب الدلتا.. على اعتبار تخفيف الضغط عنه فى سيناء ولم يكن الإرهابيون ينتظرون - على الإطلاق - قرارًا بنزول الجيش فى الشوارع المصرية من السيسى، لقد نقلوا ضرباتهم الغادرة إلى الدلتا أملًا فى أن يقل وجود الجيش فى شمال سيناء، فإذا بالعفريت الذى يخيفهم – الجيش- يظهر لهم فى المكانين وفى ذات التوقيت ليلقى فى قلوبهم الرعب: سيناء والدلتا والوادى كله فى ذات التوقيت..! لسوف تتوالى ساعات الندم وأيامه وأسابيعه وشهوره على هؤلاء الإرهابيين، هذا إن كانوا يشعرون بالندم أصلًا.. فمن يندم هو إنسان بالضرورة، ولا نعتقد أن الإرهابيين ينتمون إلى النوع البشرى بالأساس!

ستبقى مصر وسوف تذهبون إلى الجحيم أيها الإرهابيون.. أعداء مصر دائمًا ما يلفظهم التاريخ، لن تكونوا أقوى من التتار.. الذين اكتسحوا العالم وهدموا حضارات كثيرة وافترسوا شعوبًا والتهما أراضى لا أول لها ولا آخر من شرق آسيا إلى غربها، ثم إذا التقوا الجيش المصرى العظيم فى عين جالوت، كسرهم وقضى عليهم وانتهوا وعادوا أذلاء منكسرين، والتتا-v أيها الإرهابيون- كانوا وثنيين، ولا نحسبكم فى هذا الجانب أفضل منهم! فالإسلام منكم براء، والإنسانية منكم براء، وإذا كان منكم مصريون فنحن منهم براء..!

لم تكن الجبهة الداخلية لمصر على قلب رجل واحد مثلما هى الآن.. ولا كان الإرهاب فى حال أسوأ من حاله الآن، من جانب الدولة المصرية لم يعد ثمة مكان للتقصير أو التراخى فى أى قطاع من قطاعات الدولة، من جانب الدولة لم يعد ثمة مكان لارتكاب أية أخطاء فيما يتعلق بالحرب على الإرهاب.. هذا هو المعنى الأساسى الذى نطق به الرئيس السيسى ليلة الأحد، كان هذا المعنى- الاصطفاف فى المعركة الوطنية الكبرى ضد الإرهاب- هو المعنى المسيطر على كلمة الرئيس..!

إننا نعرف الآن كما لم نعرف من قبل كل شىء عن هذه الخلايا السرطانية الإرهابية، تمويلهم وحجمه ومن أى دول يأتون به (أعتقد أن مصر لن تترفع طويلًا عن ذكر هذه الدول العربية التى تمول داعش وغيرها لدينا ولدى دول أخرى!)، وتعرف مرجعياتهم وكتبهم الأساسية ومشايخهم، وكيف ينتشرون، وكيف يقاتلون وكيف ينفذون عملياتهم الانتحارية، أما هم فلا يعرفون عنا سوى رؤيتهم هم لنا.. وهى رؤية ضالة بعيدة عن النور، الأمر الذى يعنى أننا أقوى منهم آلاف المرات، وعلينا- فقط- ألا نفتح لهم ثغرة فى الجدار..! علينا أيضًا ألا ننسى أو أن نتناسى أن ما يجوز فعله أو قوله فى الأوقات العادية التى ينعم فيها الوطن بشىء من السلام الداخلى التام لا يجوز فعله أو قوله والوطن فى حالة حرب..!

لنتهيأ للحرب- إذن- بل لنبدأ حربًا شاملة على الإرهاب!

«المصور» بدأت من اللحظة الأولى هذه الحرب، قدمنا لعقود متصلة مجلتنا راية ضد الإرهاب وحاربنا كل معارك التمدن والتقدم والاستنارة، لكننا- منذ هذا العدد الفارق فى «المصور»- ننضم- أيضًا- إلى جبهة «القتال المباشر»، بنفس السلاح: الكلمة الحرة، القوية، التى تبعث الأمل فى النفوس، ليتأتى النصر الحاسم والنهائى للوطن كله فى معركته ضد الإرهاب!

وهذا عدد بين أيدى قرائنا لا يحمل لهم الدموع ولا الحزن، يرفع راية الأمل فى الغد.. بوجه طفل مصرى صبوح له إطلالة تتفجر أملًا، وبأغنية عظيمة من أغانى حرب ١٩٧٣ المجيدة: تعيشى يا بلدى.. يا بلدى تعيشى! إيمانًا منا أولًا بأننا فى حالة حرب وإيمانًا منا بأننا سنحقق فى هذه الحرب انتصارًا لا يقل عظمة عن العبور المجيد أو تحطيم خط بارليف الصهيونى!

كثير من كبار كتابنا الوطنيين والمرموقين أسهم ولبى نداءنا للكتابة فور وقوع الحدث وفى أقل من ٢٤ ساعة ازدحمت بين أيدينا مقالات لكبار الكتاب، وتسابق محررونا فى نفس المدة لعمل حوارات صحفية وتقارير وتحقيقات وصور فوتغرافية تجسد فكرة العدد ضد الإرهاب.. ومع الأمل!

وبعد، فهذا عدد للتاريخ- لأنه سيعيش طويلًا- وعدد بالتاريخ.. لأن ما يتصدى له كل سطر من سطور «المصور» وكل صورة من صوره هذه المرة جاء من حصن التاريخ الذى نعيشه هذه الأيام بمره.. وحلوه، ليشبه فى تكوينه النهائى يوميات وتأملات بضعة أيام أولى من الحرب الشاملة ضد الإرهاب..!

 

    الاكثر قراءة