مع إنطلاق "منتدى السلام والتنمية المستدامة فى إفريقيا " فى وقت لاحق اليوم (الأربعاء) تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسى ، رئيس الإتحاد الإفريقى فى دورته الحالية ، تطبع مصر بصمة جديدة فى تاريخ الإتحاد، ضمن البصمات المصرية التى حفل بها عام رئاستها الذى كان مليئا بالإنجازات والأحداث.
من منطلق إيمانه ، بأن تعزيز السلام كفيل بتغيير الكثير فى حياة الشعوب والأمم ، بادر الرئيس عبدالفتاح السيسي - في كلمته خلال تسلم مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى من الرئيس الرواندي بول كاجامي في فبراير الماضي - إلى إطلاق النسخة الأولى لمنتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة ، ليكون المحفل الأول من نوعه فى افريقيا الذى يتولى مهمة دراسة ومناقشة العلاقة بين السلم والأمن والتنمية المستدامة ، ومنصة قارية للربط بين السلام والتنمية بشكل مستدام ، مشيرا إلى أهمية هذا المنتدى فى العديد من المناسبات والإجتماعات الإقليمية والدولية.
يهدف المنتدى إلى توفير منصة حوارية أفريقية على أرض مصر تسعى إلى خلق التفاعل بين القادة والخبراء من الدول الأفريقية، ووضع الآليات والإجراءات ذات الصلة موضع التنفيذ للوصول إلى الأهداف المنشودة والمرجوة التي حملتها مصر على عاتقها منذ توليها رئاسة الاتحاد الأفريقي في فبراير 2019، فضلا عن كونه محفلا أفريقيا لدراسة العلاقة بين السلم والأمن والتنمية المستدامة، وإيجاد حلول للمشكلات الأفريقية.
تحقيق سلام دائم فى إفريقيا، لا يمكن تصوره دون علاج للمشاكل المعقدة المتعلقة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية التى تعرقل تقدم المجتمعات المعاصرة، ولا يمكن اعتبار السلام مجرد حالة غياب للنزاعات فيما يموت ملايين الآفارقة سنويا من الجوع والمرض والفقر ، ولهذا فإنه من المتوقع أن تسفر أعمال المنتدى ومناقشاته عن واقع متجدد فى اطار من الشواهد الإضافية التى ستمنح التنمية المستدامة فى افريقيا زخما من الإبهار، يثير الإعجاب بجهود لاتنقطع من أجل تحقيقها ٠
ينطلق المنتدى الذى يحظى بحضور قادة ورؤساء دول افريقيا وممثلين للشركاء الدوليين والاقليميين وشباب القارة من مدينة أسوان جوهرة النيل الساحرة ، حاملا شعار "اجندة للسلام والامن والتنمية المستدامة فى افريقيا " ، وفى العنوان والمكان دلالات واضحة.
تتمثل دلالة المكان ، فى اختيار أسوان "عاصمة للشباب الإفريقى" ، كما أعلنها الرئيس السيسى ، نظرا لأنها أيقونة السحر والجمال فى جنوب مصر ، ومن أبرز المدن السياحية فيها ، ومن أجمل مشاتي العالم على وجه الإطلاق ، حيث المناخ الجاف المعتدل، والشمس الدافئة، والهدوء الذي يخيم على كل مكان فيها ، وهى مدينة غنية بالأثار الفرعونية ومظاهر الطبيعة الخلابة، ونقاء وجمال مياه نهر النيل الذى يشقها من الجنوب للشمال ، إضافة إلى الجزر النباتية المتناثرة على ضفتى النهر المترامى الأطراف، التى تتمتع بنباتات مزدهرة ومتنوعة والبعض منها نادر، إلى جانب الجزر الصخرية الصغيرة المتواجدة فى بعض المناطق من ضفاف النهر.
فيما يعكس عنوان المنتدى ، رؤية مصر تجاه قضية التنمية الشاملة في القارة الإفريقية ، والتأكيد على أهمية تنمية القدرات البشرية في العمل المشترك، وإيلاء الاهتمام الكافي بالشباب الأفريقى الذي يشكل ركيزة مستقبل القارة، وتعزيز الاستثمار فيه بزيادة الاهتمام بالتعليم وتطويره على نحو يتيح للشباب اكتساب المهارات اللازمة للانخراط بكفاءة فى سوق العمل ورفع معدلات الإنتاجية والنمو ، التركيز على التحول إلى مجتمعات المعرفة بتطوير مجالات البحث والابتكار.
علاقة وثيقة تربط السلام والتنمية المستدامة ، فالاستقرار والسلام ركيزتان أساسيتان للتنمية المستدامة ، مثلما يعد العنف أحد أكبر عوائقها، والكثير من الأهداف والقيم الواسعة الداعمة للتنمية المستدامة تفترض وجود مجتمعات مستقرة ومسالمة تستطيع معالجة القضايا الملحة للتنمية مثل الصحة والتعليم والمياه.
والسلام الدائم يحتاج إلى تنمية شاملة ، والتنمية المستدامة، إذا أريد لها أن تترسخ وتزدهر، تحتاج إلى سلام وإستقرار وأساس قوي يكفل منع المنازعات والصراعات المسلحة قبل إندلاعها ، لأنها تمحو بشكل عاجل المكاسب التنموية التي حققت بصعوبة على مدى عقود، وتمنع التقدم على مسار الأهداف الإنمائية للألفية.
وربط السلام بتحقيق التنمية المستدامة هو تشجيع وتحفيز مؤسسات التمويل الدولية لمساعدة المشاريع التنموية بأفريقيا وجذب الاستثمارات إليها، الأمر الذي يصب في مصلحة القارة من خلال نفاذ منتجاتها إلى الأسواق الأوروبية والعكس عبر بوابة مصر.
وعندما يعلو صوت السلام من مصر من فوق منبر هذا المنتدى فى ظل الظروف التى تحيط بالمنطقة من صراعات ونزاعات ، فإن الصوت سيكون مؤثرا ومعبرا عن رغبتها فى السلام بمفهومه الواسع والشامل ، بما يجعل صوت إفريقيا هو صوت السلام ، حيث يدعو المنتدى إلى ترسيخ دعائم السلام والأمن الإنسانى من أجل مستقبل أفضل للأجيال القادمة فى ظل التحديات التى تواجه دول القارة فى هذه الفترة الحرجة التى يمر بها العالم.
ولذلك يوفر المنتدى اول منصة من نوعها لمعالجة الروابط بين السلام والتنمية ، والدفاع عن الحلول التى تقودها افريقيا من خلال تعزيز الروابط بين السياسات والممارسة ، حيث أن الحوار هو الوسيلة الأفضل للتواصل وهو السبيل الذى يتعين الأعتماد عليه فى السعى نحو علاج وتقويم المفاهيم الخاطئة واستئصال جذور النزاعات.