أكد أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن التحديات العالمية المُتسارعة والتهديدات الإقليمية الخطيرة تفرض على الدولة الوطنية العربية الأخذ باستراتيجيات وسياسات يكون من شأنها تعزيز قوتها، وزيادة منعتها في مواجهة هذه التحديات، مُشيراً إلى أن الدولة الوطنية العربية قد تعرضت لهزة غير مسبوقة في أوائل هذا العقد، وهي هزةٌ لا زلنا نُعاني ارتداداتها إلى اليوم في بعض أركان العالم العربي، كما لا زال النظام العربي ككل -بما في ذلك الجامعة العربية المُعبر عن هذا النظام الجماعي- يُعاني التداعايات السلبية للهزة الكبيرة التي ضربت المنطقة.
جاءت كلمات ابو الغيط خلال محاضرة ألقاها في كلية الدفاع الوطني بسلطنة عمان أمس 26 الجاري، تحت عنوان "تعزيز قوة الدولة الوطنية في العالم العربي" تناول خلالها الركائز الأساسية التي يتعين على الدول العربية جميعاً ترسيخها لكي تزيد من منعتها في مواجهة المتغيرات المتسارعة على الساحة العالمية التي صارت تتسم بقدرٍ غير مسبوق من السيولة وانعدام اليقين، وكذا التهديدات المتعاظمة على المسرح الإقليمي الذي يشهد حالةً من التربُص من جانب بعض القوى الإقليمية التي تسعى لأن "تنشب أظفارها في الجسد العربي".
وأكد أبو الغيط أن الإصلاح يُعد ضرورة بقاء للدول العربية، إذ لا يوجد مجتمعٌ ينشد البقاء والاستمرار والازدهار دون أن يسعى إلى الإصلاح الذي يعني غيابه "التكلس والتدهور والخروج من التاريخ". وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية أن المعضلة الحقيقية تتمثل في طبيعة الإصلاح المطلوب ووتيرته، فهناك نوعٌ من الإصلاح قد يؤدي إلى خرابٍ أشد من الأوضاع الأصلية التي سعى إلى إصلاحها.
وقال مصدر مسئول بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية أن أبو الغيط سلّط الضوء خلال محاضرته على ثلاث ركائز أساسية لا غنى عنها لتحصين الدولة العربية وزيادة قدرتها على التصدي للمخاطر المُستجدة وهي: الركيزة الأمنية، وركيزة الحُكم الرشيد، والركيزة الاقتصادية، كثلاث أضلاع متكاملة، يُعزز بعضها بعضاً، وتُمثِل معاً "مثلث الاستقرار والازدهار" للدولة العربية المعاصرة.
وأكد أبو الغيط أن التهديدات الخارجية للأمن العربي لا يُمكن للدول أن تتعامل معها منفردة، خاصة وأنها تتصاعد في حدتها وتواترها، وتأتي من أكثر من اتجاه، وأن ردع التدخلات الإقليمية لا يكون فعالاً أو مؤثراً إلا في إطار عربي مُشترك وفي منظومة من الأمن الجماعي. مُضيفاً أنه لا ينبغي التعامل مع الأمن، في هذا العصر، باعتباره مسألةً تتعلق بالتصدي للتهديدات الخارجية فحسب، إذ يتضمن الأمن الوطني بمعناه الشامل كل ما له علاقة بالاستقرار والتماسك المجتمعي، كما تُعد الثقة بين المواطن والحكومة حجر الزاوية في تماسك أي مجتمع، كما يُمثل الحكم الرشيد ركناً أساسياً في قوة الدول في العصر الحالي.
وذكر المصدر المسئول أن أبو الغيط فصّل في محاضرته رؤية شاملة حول النهوض الاقتصادي في الدول العربية، تتعلق بتنويع الاقتصادات، والتركيز على الجوانب ذات القيمة المضافة العالية المتصلة بالمعرفة والابتكار، مع إيلاء الأولوية الأولى للنمو المولد للوظائف بالنظر لما تمثله بطالة الشباب من مشكلة كبرى وعامل رئيسي من عوامل الاضطراب المجتمعي في الكثير من الدول العربية