الخميس 27 يونيو 2024

في ذكرى رحيله.. لماذا فكر أحمد صدقي أن يدفن ألحانه في الهرم!

14-1-2020 | 17:17

جرت العادة أن يتواجد بيننا كثير من العباقرة ولا نوليهم حقهم، رغم أن أعمالهم تنساب بين مراحل عمرنا، تشجي قلوبنا وتسعد نفوسنا، ودائما ما نشعر بقيمة العبقري بعد رحيله، ربما لأنه لم يعد بيننا، وربما لأن نتاجه قد انتهى ولن نرى له جديدا، ومنهم على سبيل المثال عبقري النغم الموسيقار أحمد صدقي الذي تمر اليوم 33 عاما على رحيله.

 

في بداية الستينيات وتحديدا في عام 1963 بدأت الأضواء تنحسر عن الموسيقار أحمد صدقي، وقد كان في قمة عطائه الفني في سن 47 عاما، وهو المولود عام 1916، والتحق بمعهد الفنون التطبيقية وتخرج فيه عام 1935، ثم تخرج في معهد الموسيقى أيضا عام 1937، وتم تعيينه رساما في مصلحة الآثار، أي يقوم برسم الآثار التي يعثر عليها، وبالمصادفة كانت أول مقبرة فرعونية يرسمها لمطرب فرعوني إسمه "كا دوا"، حسب ما صرح به أحمد صدقي في حوار له بمجلة الكواكب الصادرة بتاريخ 7 مايو 1963، وأكد صدقي في حواره أن هناك عزوفا من جهات عديدة عن ألحانه ,منها مسرح البالون، حيث رفض فؤاد الجزايلي فكرة تلحين أوبريت عن قناة السويس وطلب من صدقي تلحين أوبريتات شعبية منها "حمدان وبهية"، ورفض صدقي تلك الأعمال التي لا تعيش طويلا، وأكد أن تلحينه أوبريت قناة السويس الذي سيصور معاناة الشعب بين الإقطاع والاستعمار سيصبح خالدا لو تم إنجازه.

 

لحن أحمد صدقي لكبار المطربين، منهم صالح عبد الحي ومطربة القطرين فتحية أحمد، مرورا بجيل الوسط ومنهم محمد عبد المطلب وإبراهيم حمودة ، ومن أشهر ألحانه "يا مسافر وناسي هواك ، رايداك والنبي.. والنبي رايداك" ، و"احب اتنين سوا، يا هنايا في حبهم، المية والهوا"، والتي غنتهما ليلى مراد في فيلم "شاطئ الغرام" ، وهناك أيضا أغان خالدة لحنها صدقي لنجاة علي منها " عش الهوى المهجور"، أما نجاة الصغيرة فكان لها نصيب كبير من ألحان صدقي ومنها "طاير يا حمام، مرسال الغرام" التي لحنها صدقي بأكثر من لحن في الصورة الغنائية "أم شناف"، وبرع صدقي في تلحين الكثير من الصور الغنائية ومنها "عوف الأصيل" وغنى فيها كارم محمود "ياحلو ناديلي"، وقد لحن أيضا له الأغنية الشهيرة "أمجاد يا عرب أمجاد" والتي أصبحت أيقونة إذاعة صوت العرب منذ افتتاحها وحتى الآن.

 

بدأت رحلة أحمد صدقي في التلحين السينمائي مع بداية عام 1948، وقد لحن أغاني فيلم "وردشاه" للمطربة رجاء عبده، ثم لحن لها أيضا في نفس العام أغاني فيلم "ليت الشباب" ووضع الموسيقى التصويرة للفيلم، ومن هنا انطلق صدقي ليصل رصيده السينمائي بين تلحين الأغاني والموسيقى التصويرية إلى 57 فيلما أشهرها " أمير الانتفام" والتي غنت فيه شهرزاد رائعتها "يا ساهي وانت وسط النار، يالله السلامة"، ووضع أيضا الألحان لفيلم "ابن النيل وحبيب الروح ومعلهش يا زهر والأسطى حسن وحميدو  وجعلوني مجرما وغيرها من الأفلام.

 

والباحث في مسيرة أحمد صدقي الفنية يجد إنتاجه غزيرا في 15 عاما بدأت من عام 1948 وحتى عام 1963 ، وقد كان أكثرها في حقبة الخمسينيات التي وضع فيها الألحان لـ 51 فيلما، أما السنوات التي تلت عام 1963 فقد كانت أعوام الكساد حتى رحيله عام 1987 وكانت فقط ستة أفلام، وهو ما جعل صدقي يشعر أن نهايته ستكون مثل نهاية الشيخ زكريا أحمد الذي مكث في بيته 14 عاما بدون عمل حتى وفاته، وقد كان صدقي في ذلك الوقت في قمة النشاط والعطاء، وهو صاحب مدرسة في التلحين استمدها من حياة الفراعنة ومن الواقع المصري الأصيل، حتى فكر صدقي أن يدفن ألحانه بين الآثار في الهرم بسبب تجاهله وهو هرم من أهرامات الموسيقى الشرقية.