الخميس 23 مايو 2024

تجديد الخطاب الديني مسئولية من ؟

13-4-2017 | 23:45

كتبت إيمان البصيلي:

"تجديد الخطاب الدينى"، "تنقيح كتب التراث"، "إصلاح مؤسسة الأزهر"، نداءات ومطالب رددها البعض كثيرًا في السنوات الأخيرة باعتبارها الحل لمواجهة الفكر الإرهابي الذي تتبناه الجماعات الإسلامية وتقوم بأعمال انتحارية وتفجير أنفسهم وقتل الأبرياء، ووصل الحال إلى حد قيام بعض المسئولين في الدولة، وكذلك عدد من الإعلاميين بإلقاء اللوم على مؤسسة الأزهر وكتب التراث وتسببهم بشكل مباشر وغير مباشر في الأفكار الهدَّامة التي تحض على التطرف.

ويبقى السؤال: هل هؤلاء الإرهابيون بحثوا بالفعل في كتب التراث؟ هل تخرجوا في مؤسسة الأزهر؟ هل الأزهر وعلومه هم السبب في هذا الفكر التكفيري؟ أم هناك أسباب أخرى يجب البحث عنها ودراستها قبل توجيه الاتهام للأزهر وكتب التراث؟

موضوع غير مفهوم

يقول الدكتور مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الحديث عن تجديد الخطاب الديني موضوع غير مفهوم؛ لأن الذين يقومون بأعمال إرهابية لم يتخرجوا في الأزهر، وأغلبهم مستوى تعليمهم منخفض، من ثم لا يمكن القول إن الخطاب الديني الذي يتردد من خلال المقررات التعليمية التي يدرسها الأزهر هو السبب في جرائم هؤلاء الإرهابيين.

مضيفًا أنه يجب أن تتوافر معلومات كافية عن هؤلاء الأشخاص وتتم دراستها ومعرفه الأسباب الحقيقية وراء ارتكابهم هذه الجرائم، مضيفًا أن الإسلام في مصر ظاهرة متعددة الأوجه، فهناك الإسلام الرسمي، والإسلام الشعبي الذي يجد مصادره في كتاب يمكن وصفها بكتابات صفراء تلقى رواجًا كبيرًا بين قطاعات الشباب من خلال موضوعات لا تناقش صراحة وإنما تتم الإشارة، وهذا الأمر لا علاقة له بالتراث، ولكن يجب رؤية هذه الكتب ومناقشة الأفكار المكتوبة فيها. ولكن على الرغم من ذلك فأنا أشك أنه حتى هذه الكتب الصفراء لها تأثير على الشباب الذي ينخرط في هذه الأعمال الإرهابية، فهم من النوعيات التي لا تعرف حتى قراءة الصحف أو معرفة أصول الأمور والقضايا الفقهية.

وأكد أستاذ العلوم السياسية أن تجديد الخطاب لأي مؤسسة لا يمكن أن يأتي من داخلها، ولكن دائمًا ما يكون من خلال إطلاق حرية التفكير في المجتمع. موضحًا أن التطرف أمر نسبي ولا يمكن محاربته عن طريق إلقاء القبض على المتطرفين، ولكن يجب التحاور معهم، وأن تجديد الخطاب الديني سيكون مهمة المفكرين وعلماء الدين وطوائف المجتمع وليس مجلس النواب كما قال الدكتور علي عبد العال.

بهائم 

في حين وصف الدكتور أشرف سعد الأزهري، أحد علماء الأزهر الشريف، الإرهابيين أصحاب الفكر المتطرف الذين يقومون بتفجير أنفسهم لإيذاء الآخرين وقتل الأبرياء بأنهم “بهائم”، ولا يقرأون أصلاً لا كتب تراث ولا غيره، مضيفًا أنه لا يجب أن يُستغل الإرهاب في تصفية حسابات أو أزمات فكرية مع التراث أو مؤسسة الأزهر ولا يجب أن نحمل الأمور أكثر مما تحتمل، فالتراث عمل كبير وضخم وفيه الصواب والخطأ، خاصة أنه عمل بشري وليس قرآنًا منزلًا.

وأكمل "الأزهري": عندما نقول إن الأزهر يدرس الإرهاب ويقول الكلام الذي يردده الإرهابيون، فهذا خطأ كبير و"شخصنة" للموضوع، وتشخيص خاطئ له، ومحاولة لوضع رءوسنا في الرمال كالنعام كي لا نرى الحقيقة.. مضيفًا أن الشخص الذي يدرس التراث لن يكون إرهابيًا فحتى لو كان التراث به الكثير من القضايا والآراء التي تجاوزها الزمن، لكن يجب دراسته كي نعرف أسس العلم ونطورها بمفاهيمنا الحالية، وهذا الأمر متبع في كل العلوم وليس العلوم الشرعية فقط أو في الأزهر فقط.

الجهلة

وأكد أن هناك الكثير من "الجهلة" الذين لا يعرفون الأزهر وطرق الدراسة به وكيفية تدريسه للتراث، يقحمون أنفسهم في الأمر ويستخرجون بعض الآراء من كتب التراث، والصحيح أن الأزهر يدرس التراث ولا يتوقف عنده بل يدرس الواقع المعاصر أيضًا ويأخذ من التراث ما يناسب زمننا، ولا توجد أي علاقة بين التراث والإرهاب.. مضيفًا: "الربط بين الأزهر والإرهاب كلام سخيف والإرهابي اللي رايح يفجر نفس لا بيقرأ كتب تراث ولا غيره ده رجل مغيب ومعموله غسيل مخ كي يسمع ويطيع فقط".. متابعًا: "أتحدى أي شخص يقول ليّ ما الذي في كتب التراث يقول ضع حزامًا ناسفًا واقتل الأبرياء".. مضيفًا أنه قد يكون في التراث كلام غير مقبول عن التعامل مع غير المسلمين، ولكن ليس في التراث ما يدعو لقتل الناس، ولكن هؤلاء الإرهابيين مغيبون، لا يفكرون إلا بفروجهم وبطونهم ولا صلة لهم بالتراث أو تجديد الخطاب الديني.

دور الأزهر

وفيما يتعلق بتجديد الخطاب الديني ودور الأزهر أوضح "الأزهري" أن الأزهر قام بالفعل بتجديد الخطاب الديني داخله وقام بتشكيل لجان لتطوير مناهجه التي تم تغييرها 4 مرات عقب الثورة، وهُذبت كتب التراث وكل المناهج بما يناسب الواقع الحالي.. مضيفًا أن هناك ملايين الطلاب الذين تخرجوا في الأزهر لم نرَ منهم أيَّ شذوذ فكري أو إرهابي، فما المشكلة إذا كان شخص واحد أو عشرة أشخاص تم عمل غسيل مخ لهم وحادوا عن الطريق الصحيح؟ هل يجوز وقتها أن نعمم الأمر ونقول الأزهر يخرِّج إرهابيين؟ فهذا الأمر وارد أن يحدث في أي مؤسسة، وواصفًا اتهام الأزهر بأنه "ده كلام ميرضيش ربنا، وهذا ظلم وتصفية حسابات مع مؤسسة عريقة بحجم الأزهر".

واختتم بتأكيده أنه لا يصح التعميم أو إلقاء اللوم على الأزهر إلا إذا خرج ودافع عن هؤلاء الإرهابيين وقال إنهم أبناؤه، ولكن هذا لم يحدث، والأزهر دائمًا يتبرأ من أي شخص ينحرف عن المنهج الصحيح.