تميزت الفنانة " الراحلة " نادية لطفي ، التي وافتها المنية صباح اليوم الثلاثاء بعد رحلة صراع مع المرض - من بين نجمات السينما المصرية، التي جمعت بين الجمال والموهبة، ولم تستغل الميزة الأولى ا في مشوارها الفني، بل سعت إلى تخطيها بقدر الإمكان.
ومن هنا حرصت على التنويع في الأدوار بشكل كبير لتبتعد عن استغلال جمالها ، فهي الفتاة المدللة في "النظارة السوداء"، والفارسة في "الناصر صلاح الدين"، والمرأة اللعوب في "قصر الشوق"، و"أبي فوق الشجرة".
وظلت الفنانة "الراحلة " تتنقل بين الأدوار ، فتارة تجدها بنت البلد الشقية، وتارة تجدها الفتاة الأرستقراطية، وتارة أخرى تجدها لا هذا وذاك ، وتفضل المرأة المتمردة الباحثة عن حقوق بني جنسها.
وقدمت "الراحلة الكبيرة " أول أدوارها وهي طفلة لم تكمل العاشرة، على مسرح المدرسة لتواجه الجمهور بثقة ، وبعدها انطلقت في رحلة العطاء الفني التي وصلت إلى 75 فيلما ، بينها أربعة أفلام ضمن أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما المصرية.
وهي أفلام : الخطايا، وأبي فوق الشجرة، والمومياء، والناصر صلاح الدين، كما تعاونت مع أهم مخرجي السينما المصرية ، يوسف شاهين ، وشادي عبدالسلام وحسين كمال ،وحسن الإمام.
ويمكن القول إن أكثر الأدوار جرأة قدمتها الراحلة نادية لطفي - التي غيبها الثرى - في مشوارها الفني ، كان دور الراقصة والذي قدمته في أكثر من عمل بينها : الراقصة اللعوب في فيلم "قصر الشوق".
وجسدت في هذا الفيلم دور "زبيدة أو "زوبة" الراقصة، وهي إحدى شخصيات رواية الأديب نجيب محفوظ، وشاركها البطولة الفنانون : يحيى شاهين ، وماجدة الخطيب وآمال زايد وعبدالمنعم إبراهيم ، ثم انتقلت إلى شخصية أخرى أكثر بعدا عن شخصيتها الحقيقية، وذلك في فيلم "أيام الحب" حيث لعب دور" قشطة " بائعة المياه الغازية.
ويروي فيلم "أيام الحب" عن مخرج سينمائي يبحث عن وجه جديد ليقوم ببطولة فيلمه بعد أن تخلت البطلة الأساسية عن الفيلم،
ويلتقي الفتاة "قشطة" بالصدفة أثناء رحلته إلى الإسكندرية ، حيث يقرر أن تكون هي بطلته القادمة، وسط تمرد الفتاة ومشاكسات دائمة مع المخرج.
وشارك في بطولة الفيلم الفنانون : أحمد مظهر ، وسهير البابلي ، وعبدالمنعم إبراهيم ، ومحمد رضا ، وصلاح منصور ، وعادل أدهم وتوفيق الدقن، وإخراج حلمي حليم.
وخلال التنقل بين الأدوار ، لم تنس الفنانة "الراحلة " تجسيد دور الفتاة الرومانسية .حيث جاء أبرزها في فيلم "الخطايا" ، الذي احتل المركز رقم 93 ضمن أفضل الأفلام بالسينما المصرية.
وتدور أحداثه حول قصة حب بين حسين "عبد الحليم حافظ"، وسهير "نادية لطفي"، ويرفض والده زواجهما، ويقرر زواجها لأخيه، وعندما يعترض يصدمه بأنه "لقيط".
وواصلت الفنانة "الراحلة " أدوارها الجريئة، فكانت عام 1969 على موعد مع "أبي فوق الشجرة"، الذي لعبت فيه دور "فردوس"، وهي راقصة في ملهى ليلي تقع في غرام شاب جامعي رغم فارق السن والطبقة الاجتماعية ، وعندما يأتي الأب لإنقاذ ابنه يقع هو الآخر في غرام الراقصات، وتحدث مواجهة بينهما.
والفيلم بطولة : عبدالحليم حافظ وميرفت أمين وعماد حمدي، وإخراج حسين كمال.
ويبقى دور الفارسة "لويزا" في فيلم "الناصر صلاح الدين" من بين الأهم في مشوار الراحلة الكبيرة نادية لطفي ، وهو بطولة : أحمد مظهر، وصلاح ذو الفقار، وحمدى غيث، وعمر الحريري، وليلى فوزي، تأليف يوسف السباعي، وإخراج يوسف شاهين.
وفي فيلم "السمان والخريف " لعبت الراحلة دور "ريري" فتاة الليل، والتي يقع في طريقها عيسى الدباغ، والذي جسد شخصيته الفنان محمود مرسي، الذي انتهى دوره بعد ثورة يوليو، وتتخلى عنه زوجته وتتعثر خطاه، إلى أن يلتقي مرة أخرى بريري برفقة ابنته، ويحاول عبثا الرجوع إليها، إلا أنها ترفضه في محاولة منها للنيل من كرامته بعد أن طردها من جنته دون أن يدري ماذا سيكون مصيرها.
الفيلم بطولة : إحسان القلعاوي، نعيمة وصفي، عادل أدهم، قصة نجيب محفوظ، إخراج أحمد السبعاوي.
اما فيلم "المومياء " فيبقى علامة في تاريخ السينما المصرية، حيث جسدت فيه الراحلة الكبيرة دور "زينة" فتاة من قبيلة تعيش على سرقة "المومياوات " والآثار الفرعونية، وحينما يموت شيخ القبيلة يرفض الورثة سرقة الآثار، فيقتل الابن الأكبر على يد عمه، أما الثاني فيتمكن من الإبلاغ عن تلك السرقات.
والفيلم بطولة : أحمد مرعي، وأحمد خليل، ومحمد خيري، وشفيق نور الدين، وقصة وسيناريو وحوار شادي عبد السلام ، وعلاء الديب، إخراج شادي عبد السلام.
وحاز الفيلم على عدد كبير من الجوائز العالمية، كما صنف كأفضل فيلم عربي.
ولا يمكن نسيان مواقف الراحلة نادية لطفي السياسية التي كانت أشبه بالفارسة فيها، ولعل أبرزها إبان العدوان الثلاثي عام 1956، حيث تطوعت فى التمريض ، كما نقلت مقر إقامتها إلى مستشفى قصر العيني أثناء حرب أكتوبر لتكون بين الجرحى لرعايتهم ، وفي عام 1982 قررت اختراق الحصار الإسرائيلي لمدينة بيروت ، ولقوات المقاومة الفلسطينية والرئيس ياسر عرفات، وصورت بكاميرتها ما حدث في الحصار ونقلته عنها القنوات العالمية.
كما قامت بتسجيل أربعين ساعة تصوير في القري والنجوع لتجمع شهادات الأسرى إبان حربي: 1956 و1967 حول الجرائم الإسرائيلية.
وكثيرا ما رددت أن الفنان يجب أن يكون له دور وطني ودور فى خدمة المجتمع خاصة في المواقف الصعبة والمحن.