قال سامح شكرى وزير الخارجية "إننا نتوقع اتفاقا نهائيا عادلا حول سد النهضة يراعي مصالح مصر ويحمي حقوقها المائية، ويبعث برسالة طمأنة للشعب المصري، كما يراعي مصالح إثيوبيا والسودان، وذلك بعد الجولة الأخيرة من المفاوضات التي عقدت يومي 12 و13 فبراير الجاري بواشنطن.
وأضاف شكرى -في تصريحات له اليوم في واشنطن- أن المفاوضات انتهت وخلال الأسبوع القادم ، حسبما أفاد به الجانب الأمريكي، سيطرح على الدول الثلاث نص نهائي، ليعرض على الحكومات ورؤساء الدول لاستخلاص مدى استعدادها لتوقيعه.
وأردف قائلا: "لدينا كل الثقة في أن علاقات الولايات المتحدة بالدول الثلاث والروابط الاستراتيجية القائمة بينها وبين مصر ستجعل المخرج من الجانب الأمريكي متوازنا وعادلا وموضوعيا، مثمنا اهتمام الجانب الأمريكي وخاصة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بالاضافة إلى من كلف بالمهمة وهو أحد الأقطاب الرئيسية في الإدارة الأمريكية وزير الخزانة ستيفن منوشين، إلى جانب اهتمام وزير الخارجية مايك بومبيو لتأكيد اهتمام الإدارة الأمريكية بالتوصل لاتفاق.
وبشأن الموقف السوداني في هذه الجولة من المفاوضات، قال الوزير إنه كان هناك تطابق في موضوعات كثيرة في الموقف المصري والسوداني وهذا شيء متوقع نظرا للظروف المتماثلة المرتبطة بكونهما دولتي مصب وبالطبع في إطار العلاقة الخاصة التي تربط بين مصر والسودان.
وأفاد الوزير بأن الجولة السابقة من مفاوضات سد النهضة بواشنطن ركزت على الجوانب الفنية المرتبطة بالاتفاق فيما يتعلق بملء وتشغيل سد النهضة والقواعد التي تحكم مجابهة الجفاف والسنين الشحيحة في الماء، وكان هناك اتفاق على أنه تم الانتهاء من هذا الجزء وأصبح مغلقا أمام المفاوضات.
وتابع أن الجولة الحالية انصبت على النواحي القانونية المرتبطة بالاتفاق بما في ذلك التعريفات وآلية فض المنازعات وهيئة التبادل المعلوماتي والتنسيق فيما بين الدول الثلاث اتصالا بتنفيذ الاتفاق وقواعد الملء والتشغيل والقضايا القانونية الأخرى كالتصديق على الاتفاق ودخوله حيز النفاذ وكيفية إجراء التعديل عليه.
ونوه شكري إلى أن الأسبوع الذي سبق الجولة التي ضمت الوزراء كان هناك الفنيون والقانونيون من الجانبين لطرح رؤيتهم إزاء هذه الموضوعات وبلورة الصيغ المضمنة في الاتفاق، ومنها أمور تم التوافق بشأنها بين الدول الثلاث ولكن بقيت مجموعة من القضايا الهامة محل اختلاف في الرؤى بين الدول الثلاث.
وأشار إلى أنه بعد التوصل إلى الاتفاق الفني، بدا جليا أن هناك نظاما محكما في إطار ملء وتشغيل سد النهضة يأخذ في الاعتبار مصلحة مصر ويحمي مصالحها المائية وفي نفس الوقت يتيح لإثيوبيا الاستفادة الكاملة الاقتصادية من هذا المشروع الضخم.
ونبه إلى أن المشاورات التي عقدت بحضور وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين ومسئولي البنك الدولي جاءت في إطار الاستماع لرؤية الدول الثلاث إزاء هذه القضايا ومحاولة تقريب وجهات النظر فيما بينهم للوصول إلى الصيغة النهائية للاتفاق، وتحقق ذلك في بعض النواحي إلا أن هناك مجموعة من القضايا لم يتم الوصول إلى اتفاق بين الدول حولها، ولكن المداولات كانت كثيفة.
وتابع شكري أن الجانب الأمريكي كان متلقيا للآراء من قبل الدول الأطراف وقرر في نهاية الجولة أن بمقدوره أن يطرح على الدول الثلاث صيغة متكاملة تتضمن كافة العناصر وتصل لنقطة من المرونة وتراعي مصالح ورؤى الدول الثلاث بشكل متساو.
ولفت إلى أن موقف الراعي الأمريكي هنا أنه لن يعتد برؤية أي من الدول الثلاث بمفردها ، ولكن سوف يصل إلى صيغة توفيقية تراعي الرؤية التي طرحت والمصلحة بقدر متساو من التنازل والمكاسب، على أن تطرح هذه الرؤية الأمريكية والصيغة النهائية للاتفاق على الدول الثلاث لإبداء مدى موافقتها عليها.
وأشار شكري إلى أن الجانب الأمريكي ترك مجالا لبعض التدقيق البسيط في أمور غير جوهرية قد تؤدي إلى عقد جولة أخرى وفقا للجدول الزمني المحدد للانتهاء من الاتفاقيات لضبط الصيغة النهائية في أمور جزئية، ومن المتوقع أن الصيغة التي ستطرحها الولايات المتحدة ورؤيتها لكيفية التعامل مع القضايا التي لم يصل فيها الأطراف لتوافق ستكون صيغة موضوعية وعادلة ومن وجهة النظر الأمريكية تراعي مصلحة الدول الثلاث بالتساوي وتؤدي للإقدام على التوقيع.
وأوضح أن هذه أمور جوهرية تحتاج إلى تلقي موافقة واضحة من الدول الثلاث على الاستعداد للتوقيع وبالتالي تحديد الموعد والمكان وطبيعة مراسم التوقيع بشكل تتوافق عليه الدول الثلاث.
وذكر شكرى أن هناك نقاطا لها أهميتها لم يتفق حولها الأطراف ولكنهم طرحوا رؤيتهم إزائها واستمع لها الجانب الأمريكي والبنك الدولي ولديهما رؤية في كيفية صياغة هذه العناصر بشكل يؤدي لتحقيق التوازن في المصالح والواجبات بالنسبة للدول الثلاث ويجد الشريك الأمريكي أن هذه الصيغة التي سيقدمها هي الصيغة العادلة التي يجب اعتمادها آخذا في الاعتبار مصالح الدول الأطراف.
وأضاف شكري أن كل الأمور المرتبطة بالنواحي الفنية، مثل ملء وتشغيل السد ، هي من النقاط التي اتفق عليها من الجولة الماضية وأغلق التفاوض حولها ، بينما كافة الأمور العالقة هي أمور قانونية ما يخص فض المنازعات وتشكيل هيئة التنسيق والتعريفات المرتبطة بالمصطلحات الفنية والقانونية والتصديق ودخول الاتفاق حيز النفاذ.
ونبه إلى أنه عندما يطرح الشريك الأمريكي والبنك الدولي الصيغة الكاملة للاتفاق بشقيه الفني والسياسي كمخرج نهائي سيتلقى استعداد الأطراف للتوقيع عليه مع إمكانية أن يكون هناك بعض الأمور الشكلية البسيطة التي تحتاج إلى تدقيق وضبط ، وعلى استعداد في هذه الحالة لاستضافة جولة أخيرة لمراجعة شاملة للنص وليس للدخول في المفاوضات بل لضبط بعض القضايا الهامشية التي تحتاج إلى تناول مجمع بين الدول الثلاث.
وأوضح شكرى أن مفاوضات سد النهضة استغرقت نحو 5 سنوات تقريبا حتى الآن وهي مدة طويلة نظرا لتناول قضية بهذا القدر من الأهمية والتأثير على شعوب الدول الثلاث، لكن في هذه المرحلة نحن بصدد تقييم الاتفاق النهائي، لافتا إلى أنه في إطار صدور هذا الاتفاق على الأطراف أن ينظروا إلى هذا في ضوء المدة الطويلة التي استغرقتها المفاوضات والتي أتيح من خلالها تناول كل القضايا بدقة وتحليل واف.
وأكد أننا وصلنا لنقطة نهائية يجب ألا تضيع من أيدينا لأنها تفتح مجالات ضخمة لتحقيق مصالح الشعوب الثلاثة والتعاون فيما بينها وفتح مجالات الاندماج السياسي والاقتصادي بينها وتضع معايير جديدة في التوصل إلى حلول سلمية تراعي مصالح هذه الدول بصورة متساوية وترسي قواعد قانونية محددة في هذا الصدد".
وأشاد الوزير بما أظهره فريق وزارة الخزانة الأمريكية من قدرة فنية وقانونية وإدراك للأبعاد المختلفة على المستوى الفني والقانوني وفي إطار منظومة المياه العابرة للحدود والأمثلة العديدة للتعامل مع هذه القضية.
ولفت شكري إلى أن انخراط الشريك الأمريكي واهتمامه بهذا الأمر على أعلى مستوى وبالوصول إلى اتفاق والتوقيع عليه يؤدي إلى تحقيق الاستقرار في شرق أفريقيا وفيما بين الدول الثلاث ، مؤكدا أننا مطمئنون وفقا لهذه الرؤية حيث أن الصيغة الأمريكية تحظى بتأييد مصر التي كانت تسعى دائما لاتفاق موضوعي ومنصف يراعي مصالح الأطراف".
وحول توقيع مصر بمفردها على الصيغة الأمريكية المقترحة في ختام الجولة السابقة قال "إن هذا كان تعبيرا عن اتفاقها مع ما تم التوصل إليه بعد التفاوض عليه وإقراره وليس قابلا لإعادة فتح الباب لمناقشته ، وما زال مودعا لدى الطرف الأمريكي اتصالا بالشق الفني من الاتفاق".