اتسع نطاق أزمة نقص الدولار الأمريكي في لبنان وانعكاساتها السلبية على القطاعات الحيوية والاستراتيجية في الدولة، حيث أعلنت شركة الطيران الوطنية (طيران الشرق الأوسط) أن تذاكر السفر الصادرة عنها وكافة شركات الطيران العاملة في لبنان، ستكون بالدولار الأمريكي حصراً دون الليرة اللبنانية، الأمر الذي أثار انتقادات سياسية كبيرة واستدعى تدخلا من رئاسة الجمهورية.
وكانت شركة طيران الشرق الأوسط قد أعلنت أنه ابتداء من غد الإثنين سيكون سداد قيمة تذاكر الطيران للراغبين في السفر عن متنها بالدولار فقط، على أن يكون سداد رسوم الحمولة الزائدة ورسوم تعديل الحجز بالليرة اللبنانية.
وأثار القرار حفيظة المواطنين وعدد من السياسيين والنواب اللبنانيين، والذين أكدوا أن قرار الشركة يخالف أحكام القانون، لاسيما قانوني النقد والتسليف، وحماية المستهلك، وقرارات وزارة الاقتصاد التي تفرض إلزامية التسعير بالليرة اللبنانية ومعايير سيادة العملة اللبنانية.
في المقابل، رحبت نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة في لبنان، بقرار شركة طيران الشرق الأوسط، مشيرة إلى أنه جاء نتاج جهد واتصالات بذلته النقابة مع الجهات المعنية بالقطاع وممثلي شركات الطيران في لبنان، على نحو يعالج معضلة المنافسة المستجدة وغير المتكافئة بين شركات الطيران ومكاتب السفر والسياحة الأمر الذي كان من شأنه أن يطيح بالقطاع السياحي والعاملين فيه بإعتبار أن النفقات المترتبة على السفر لا تقتصر فقط على التذاكر، وإنما تشمل حجز الفنادق والتنقلات والمطاعم وغيرها وتُسدد جميعها بالدولار من قبل مكاتب السياحة والسفر.
وأوضحت النقابة – في بيان لها – أن الاتصالات أفضت إلى هذا القرار الذي يقضي بـ "توحيد معايير التعامل مع شركات الطيران من جهة، وكل من مكاتب السفر والسياحة والمستهلكين من جهة أخرى"، وفقاً للقوانين وعلى قاعدة المحافظة على قطاع السياحة والسفر وحقوق المستهلك ومصالح شركات الطيران، متوجهة بالشكر لرئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون لمساهمته في التوصل إلى هذا الحل.
من جانبه، عقّبت رئاسة الجمهورية اللبنانية على بيان نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة، مشيرة إلى أن رئيس البلاد ميشال عون، طلب توحيد التسعير لبطاقات السفر من خلال تطبيق القوانين اللبنانية بحيث يكون التسعير بالليرة اللبنانية.
وأضافت الرئاسة اللبنانية – في بيان لها – أن فحوى شكوى وفد نقابة أصحاب مكاتب السفر والسياحة الذي كان قد التقى برئيس الجمهورية، أن شركة طيران الشرق الاوسط تبيع تذاكر السفر للمواطنين بالليرة اللبنانية، في حين تلزم مكاتب السفر أن تدفع بالدولار ثمن البطاقات التي تشتريها لزبائنها، الأمر الذي الحق ضرراً وغبنا بمكاتب السفر والسياحة في ظل أزمة النقص الحاد للدولار.
وأشارت الرئاسة اللبنانية إلى أن رئيس البلاد طلب توحيد التسعير وفق القوانين اللبنانية، وهو ما يعني استخدام الليرة اللبنانية، لافتة إلى أن "عون" سيتابع مع الجهات القضائية المعنية المخالفات التي قد ترتكب في التسعير بغير الليرة اللبنانية لاتخاذ التدابير اللازمة بحق المخالفين.
وتزامن مع اندلاع الانتفاضة اللبنانية في 17 أكتوبر الماضي، حدوث تراجع وتدهور كبيرين في الأوضاع المالية والاقتصادية والنقدية في لبنان، لاسيما في مستوى نقص السيولة بالدولار الأمريكي، الأمر الذي أدى إلى وقوع أزمات متعددة ومتفاقمة في قطاعات حيوية وأساسية في البلاد مثل المحروقات والأدوية والمعدات الطبية والقمح، وتراجع حركة الصناعة والاستيراد والتصدير بصورة لافتة.
وأدى تكالب اللبنانيين على القطاع المصرفي لسحب مدخراتهم وودائعهم في البنوك على مدى الشهور الماضية، إلى اهتزاز الثقة في البنوك التي لجأت إلى فرض سياسة تقييد حركة رؤوس الأموال (كابيتال كنترول) وترتب عليها التضييق بصورة كبيرة على عمليات السحب والتحويلات المصرفية إلى الخارج بالدولار الأمريكي.
وسبق وأعلن مسئولون مصرفيون وبرلمانيون أن الأرقام تُظهر أن اللبنانيين يحتفظون بنحو 6 مليارات دولار أمريكي في منازلهم، وذلك نتيجة حالة القلق وعدم الثقة التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن وانعكاساتها على العلاقة مع البنوك.