أكد وزير الاوقاف الدكتور محمد مختار جمعة أن التجربة المصرية الناجحة استطاعت ان تتجاوز اشياء كثيرة على صعيد تعزيز التسامح الدينى والانسانى ومثلت رسالة للعالم ونموذجا يحتذى ليتوجه العالم الى فقه العيش المشترك بين الاديان والمجتمعات والحضارات وتحقيق السلام العالمى .
جاء ذلك خلال الفعالية التي نظمتها بعثة مصر لدى المقر الاوروبى للامم المتحدة فى جنيف اليوم الاثنين والتي شارك فيها وزير الاوقاف الدكتور محمد مختار جمعة ومفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام إضافة إلى المطران روبير فيتلو الأمين العام لمجلس الكنائس العالمى وغيرهم، حيث أدار الفعالية التى تناولت موضوع القواسم الانسانية فى الشرائع السماوية سفير مصر لدى الامم المتحدة فى جنيف علاء يوسف.
وقال وزير الأوقاف - في كلمته أمام الفعالية التى حضرها ممثلو البعثات الأوروبية والغربية والعربية والآسيوية لدى الامم المتحدة فى جنيف وكذلك ممثلو منظمات المجتمع المدنى وعدد من القيادات الدينية للاديان المختلفة - إن التجربة المصرية انتقلت بنجاح من (دولة الأغلبية والأقلية) إلى دولة المواطنة دون تمييز على أساس الدين أو اللون أو العرق أو اللغة وأصبح مصطلح ( مصرى ) هو الوصف الوحيد لكل مواطن.
وشدد وزير الاوقاف على أن هدف مصر هو الانتقال بالتجربة من المواطنة الى الانسانية وبرسالة تؤكد على أن الإنسان هو أخو الإنسان فى كل مكان.
وأشار وزير الأوقاف إلى أن القيادات الدينية الإسلامية والمسيحية فى مصر عملوا معا بكل صدق لتعزيز التسامح الدينى فى المسجد والكنيسة وقدموا نموذجا يؤكد للعالم أن أصل الاديان هو التسامح.
ولفت وزير الأوقاف إلى أن من أول الكتب التى أخرجتها الوزارة كان ( حماية الكنائس) وذلك بإحدى عشرة لغة ثم تطورت الفكرة الى حماية دور العبادة، مؤكدا أن عهد الرئيس السيسى شهد تقنين أوضاع الكنائس فى مصر فى نفس الوقت الذى أصدر القضاء المصرى من خلال المحكمة الادارية حكما تاريخيا، حيث حكمت بأن من استخدم مكانا ككنيسة فليس من حق أحد بيعه حتى ولو كان مسيحيا وذلك للحفاظ على دور العبادة سواء مسيحية أو إسلامية أو يهودية.
ونوه وزير الاوقاف الى ان مصر ومنذ شهرين قامت وعلى نفقة الدولة باعادة ترميم المعبد اليهودى فى الاسكندرية وذلك رغم عدم استخدامه فى العبادة، كما أن تعليمات الرئيس السيسى شددت عند بناء العاصمة الادارية على انه حين يبنى المسجد تبنى الكنيسة وكذلك فى كل المجتمعات الجديدة.
وأشار وزير الاوقاف أمام الحضور إلى أن كل تلك الرسائل ليست عملا سياسيا وانما تفسير لصحيح الاديان، مشيرا إلى أن دور العلماء هو رفع الجهل عن الجهلاء ورفع الغطاء السياسى عن المتاجرين بالاديان، وأكد أن الاستخدام السياسى للدين أضر بصورة الدين وأن بعض الناس ربطوا بين التدين والتطرف، وشدد على أن التدين الحقيقى هو جزء من الحل وليس جزءا من المشكلة، كما شدد أيضا على أنه لا يوجد دين يبيح قتل النفس وان الاسلام حرم الاعتداء عليها وأن مواجهة الارهاب عسكريا أو فكريا أو سياسيا هو دفع للهلاك عن النفس البشرية وإحياء لها .
في السياق، قال مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام - فى كلمة له أمام الفعالية - إن القرآن ركز على المشترك الانسانى فى آياته، وأشار إلى أن وثيقة الاخوة الانسانية التى وقعت فى ابو ظبى هى نقطة على الطريق تعيد المجتمع العالمى إلى الاصل الواحد وهو الاخوة الانسانية وحب الله تعالى الذى هو منطلق كل الاديان السماوية.
ولفت مفتى الجمهورية الى ان الثقافة المصرية الفريدة من نوعها بين الدول جعلت علاقات المصريين بعضهم ببعض لا تفرق بين انسان وانسان وأن المسلمين والمسيحيين فى مصر بينهم ترابط واضح بفضل الشخصية المصرية التي احتوت كل الافكار، مشيرا إلى أنه على المستوى التشريعى والقانونى فإن مصر فى إعداد وثيقتها الدستورية عام 1923 التى شارك فيها 6 من القساوسة ترجمت هذا الواقع المصرى الفريد إلى وثيقة دستورية تقول إن المصريين جميعا سواء أمام القانون.
من جانبه أكد المطران روبير فيتلو الامين العام لمجلس الكنائس على الاهمية الكبيرة لدور القادة الدينيين فى التأثير على كل من ينتمى لدياناتهم، كما أن وثيقة الفاتيكان فى عام 1960 أكدت كذلك على الأصل المشترك للأسرة البشرية، إضافة إلى التركيز على المشتركات الانسانية فى وثيقة ( الاخوة الانسانية).
ولفت فيتلو الى ان البابا فرانسيس شدد على ضرورة وضع حد للفردية التى تتحول إلى رغبة فى إلغاء الآخرين وأن يكون الايمان بالأسرة البشرية وحمايتها لأنه إما أن يبنى الجميع المستقبل معا او لامستقبل على الاطلاق .
من ناحيته أشاد الدكتور ديفيد مارشال المسؤول عن العلاقات المسيحية اليهودية والمسيحيىة الاسلامية بمجلس الكنائس العالمى فى كلمته بالجهود التى قامت بها مصر فى مواجهة المجموعات التى تستخدم الدين لتبرير العنف، وقال انه يصلى لمصر وهى تبنى مجتمعا متسامحا مسالما ينعم بالحرية والمساواة لكل المواطنين.