الخميس 16 مايو 2024

«المعاش المبكر» طوق النجاة للإصلاح الإداري.. «نواب»: رؤية صائبة.. ونحذر من تعارض القوانين.. وخبراء: ضرورة لإصلاح ميزان العدالة ودفع عجلة المشروعات الصغيرة والمتوسطة

تحقيقات1-3-2020 | 22:17

مازالت تصريحات المهندس هاني محمود مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإدارى، بشأن "المعاش المبكر"، تلقي بظلالها؛ حيث اعتبرها البعض اتجاه صائب لتصحيح المسار، وخطوة على طريق الإصلاح الإداري للجهاز الإداري للدولة، الذي ظل يرزح تحت وطأة الترهل والتشوه على مدى عقود خلت.

ويتم العمل حاليًا على إيجاد أفضل جهاز إداري على مستوى العالم، فلن يضار أي موظف يعمل في الحكومة من عملية الإصلاح الإداري؛ حيث سيكون الإصلاح الإداري على أعلى المستويات التكنولوجية العالمية من خلال استخدام تكنولوجيا المعلومات؛ لتبسيط الإجراءات، والتحول نحو الرقمنة؛ فمن المقرر أن يتم تبسيط الإجراءات مع تنمية محور العنصر البشري؛ طبقًا لتصريحات مستشار رئيس مجلس الوزراء للإصلاح الإداري.

تصحيح للمسار

وأوضح مستشار رئيس الوزراء للإصلاح الإداري، أنه مع فتح باب المعاش المبكر بشكل اختياري، هناك ميزتان يحصل عليها المتقدم للحصول على المعاش،؛ لكن بشرط تجاوز الخمسين عامًا؛ وهما الحصول على ترقية استثنائية، ومعاش كامل كأنه وصل للستين عاما؛ وعلى من يرغب في الحصول على معاش مبكر عليه أن يتقدم بطلب، وسيتم الموافقة عليه مع ضمان حصوله على الامتيازات التي تم ذكرها.

النائبة مايسة عطوة، وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، قالت: إن قرار المستشار هاني محمود مستشار رئيس مجلس الوزراء صائب وفي موضعه؛ وفقًا لقانون الخدمة المدنية؛ حيث يحصل العامل على معاش كامل، ويتمتع بترقية استثانية؛ وفقًا لقانون الخدمة المدنية.

وأوضحت وكيل لجنة القوى العاملة بمجلس النواب، أنه ينبغي تعريف العاملين الذين يرغبون في المعاش المبكر، بقانون التأمينات الجديد الذي صدر منذ عدة أشهر، وهو القانون رقم 148 لسنة 2019 بشأن التأمينات الاجتماعية الجديد، خاصة فيما يتعلق بسن الخروج للمعاش، والخروج المبكر، لافتة إلى أن القانون حدد عدة شروط، لهذا الأمر تتمثل في توفر مدد محددة للاشتراك، للحصول على معاش متوازن ومرضي.

وأضافت عطوة، أن رؤية مستشار رئيس الوزراء، قد تناسب من لديهم مصادر أخرى للدخل؛ تدفعهم للرغبة في المعاش المبكر حتى يتفرغوا لها؛ لافتة إلى كارثية إطلاق الفكرة دون الوقوف على التشريعات الأخرى التي تخرج من البرلمان من أجل المصلحة العامة؛ حتى لا يحدث تعارض بين القوانين.

وأكدت وكيل لجنة القوى العاملة، أن المعاش المبكر؛ طبقًا لقانون التأمينات الجديد سيحرم العاملين من العديد من الامتيازات حال عدم توافر الشروط المنصوص عليها بالقانون، مشددة على ضرورة إلقاء مزيد من الضوء على قانون التأمينات الجديد؛ لمعرفة موقف العامل التأميني.

وتابعت عطوة، أنه نسبة الخصم من االعامل زادت من  11 إلى 17 لتقليل الفجوة بين المعاش والراتب الذي كان يحصل عليه العامل أثناء خدمته، لافتة إلى أن المادة 24 من القانون تشير إلى أنه يجب ألا يقل إجمالي المعاش المستحق عن 65% من الحد الأدنى لأجر الاشتراك في تاريخ استحقاق المعاش، ولن يسمح بخروج أي عامل للمعاش المبكر إذا لم تتوفر له مدة اشتراك تأميني تقل عن 20 عامًا، وسترتفع إلى 25 عامًا بعد 5 سنوات بعد تطبيق القانون الجديد.  

خطوة على الطريق

فيما وصفت النائبة ماجريت عازر وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، رؤية المهندس هاني محمود مستشار رئيس مجلس الوزراء بشأن "المعاش المبكر" بأنها جزء من الحل، وليس كل الحل.

وأضافت وكيل لجنة حقوق الإنسان، أن مشكلة الإصلاح الإداري في الدولة تحتاج إلى نظرة شاملة تراعي عدالة التوزيع وعدالة الحوافز؛ موضحة أن بعض الوزارات والمؤسسات في الدولة تعاني من تكدس العاملين؛ بسبب ارتفاع نسبة الحوافز بها مقارنة بغيرها؛ فيما تعاني مؤسسات ووزارات حيوية مثل التربية والتعليم، والصحة من عجز شديد في القوة العاملة؛ التي تؤثر على أداء الخدمة المميزة للمواطنين.

وأوضحت عازر، أن الإصلاح الإداري للدولة، يحتاج إلى إعادة توزيع؛ طبقًا لاحتياجات كل مؤسسة؛ والاتجاه نحو الرقمنة؛ لإصلاح التشوه الذي يعاني منه؛ بجانب خروج العاملين للمعاش المبكر مع حصولهم على حقوقهم كاملة؛ ما يستطيع معه الجهاز الإداري التعافي، وتصحيح المسار؛ وتخفيف العبء على الدولة.

واعتبر شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، قرار فتح المعاش المبكر في الدولة بأنه جيد، رغم أنه فكرة قديمة وتخطت أكثر من عشرين عاماً و فعلتها الدولة من قبل، مشيرا إلى أنها خطوة اختيارية لتقليل حجم العمالة الزائدة.

وداعًا للبطالة المقنعة

وأضاف "الدمرداش" في تصريح خاص لــ"الهلال اليوم" أنه يجب وضع عدد من الجهات التي تعاني من البطالة المقنعة وليس كل الجهات، مشيرًا إلى أنه يجب دراسة الجهات التي تعاني من الزيادة أولاً قبل اتخاذ أي قرار وتقديم عدد من الميزات الأخرى لتحفيز التقديم.

وأوضح الخبير الاقتصادي، أنه يجب عمل دراسة إدارية لكافة الوحدات وتضم كفاءة العمل وعدد الجمهور والكثافة لتقديم الخدمة بطريقة مشرفة، مشيرا إلى أنه يجب وضع آليات حتى لا تكون بابًا لمشاكل أخرى بعد هجرة بعض الكفاءات.

وتابع: "الدولة تحتاج إلى خروج العديد من الموظفين إلى المعاش لأنهم يشكلون عبئا على ميزانية الدولة وإفساد للعمل، خاصة أن هناك 6 ملايين عامل في الدولة في الوقت الذي تحتاج إلى 2.5 مليون فقط"، موضحا أن وجود التكدس الوظيفي إخلال بميزان العدالة لوجود أصحاب البطالة المقنعة داخل المؤسسات.

زيادة للدخل

وأشار الدكتور علي عبدالرؤوف الإدريسي، الخبير الاقتصادي نائب المدير التنفيذي لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، إلى أن فكرة المعاش المبكر متعارف عليها في مصر منذ أكثر من 20 عاما، مشيرا إلى أن إعادة العمل بالقرار تساند في زيادة المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.

وأضاف: "الإدريسي" في تصريح خاص لــ"الهلال اليوم" أن الفكرة جيدة للعاملين الباحثين علي زيادة الدخل، مشيرًا إلى أنها ستشجع بعض موظفي الدولة ممن تخطوا الخمسين على فتح عدد من المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر.

وتابع: "الدولة تبحث عن زيادة المشاريع الخاصة الصغيرة والمتوسطة وانهاء فكرة العمل الحكومي"، مشيرا إلى أن تقديم الامتيازات وفرت اختيارا جيدا لعدد من الموظفين.

وأكد نائب المدير التنفيذي لمركز مصر للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية أن الدولة تعمل على الإصلاح الإداري للدولة منذ خمس سنوات، مشيرا إلى أن الدولة تسير في طريق التحول الرقمي والشمول المالي تجبر الدولة علي تقليل الموظفين وتحجيم العمالة.

وأشار إلى أن الدولة تضطر إلى إجراء الانتدابات بين مؤسسات الدولة لعمل التوازنات بين العجز والفائض بين الأجهزة.