الجمعة 29 نوفمبر 2024

النقاد فى وداع سمير فريد : الأكثر إخلاصاً للمهنة واعتزازاً بقلمه ودعماً للشباب

  • 16-4-2017 | 10:58

طباعة

كتب : عمرو محيى الدين

رحل عميد النقاد العرب ورائد النقد السينمائي سمير فريد بعد صراع مع المرض، تاركا أكثر من 50 كتابا عن السينما، وواضعاً أسساً للمهرجانات الرسمية فى مصر، ولجان التحكيم التى شارك فيها، كان خبر وفاته بمثابة صدمة للكثير من تلاميذه وزملائه من النقاد الذين تأثروا به وبكتبه.. سألنا النقاد عن سمير فريد مهنيا وإنسانيا فأجمعوا علي أنه ما زال حيا ولم يغب عن عالمنا وذلك بأعماله التى أثرت الحياة الثقافية والنقدية.

رائد النقد الفنى

تقول الناقدة والكاتبة ماجدة خير الله: سمير فريد تاريخ طويل أثر فى أجيال كثيرة من النقاد، فهو رائد من رواد النقد ومن العلامات البارزة فى هذا المجال، وكان يقدم للقراء آخر إنتاجات السينما من خلال مقالاته ومتابعته للمهرجانات، إضافة إلي كونه عضو لجنة تحكيم للمهرجانات ووضع أسسا لكثير منها ولم يبخل بالدعم علي الكثير من السيناريوهات الجيدة التى تحمل فى طياتها ثقافة ووعياً، وكان مؤيدا للحركات السينمائية الجديدة، وداعماً لكل صاحب مشروع فني هادف، فلم يكن مجرد كاتب مقال، بل إنه مؤسس جمعية نقاد السينما التى تضم عددا كبيرا من شباب النقاد حتي صار منارة للكثير من الناس ودوره لم ينته بوفاته.

كثافة سينمائية واسعة

وعن كتبه تقول ماجدة خيرالله : كتب سمير فريد ما يقرب من 50 كتابا، وأتذكر كتاباته عن الواقعية فى السينما المصرية، كما كان له دور ملموس ووضع أسسا فى اختيار الأفلام المشاركة فى المهرجانات سواء فى مسابقات رسمية او غيرها، كما كان له دور مؤثر عند إدارته لمهرجان سينما الأطفال، فكان حريصاً علي اختيار الأفلام التى تغرس قيمة ثقافية، وتتعامل مع الطفل على أنه ناضج، وهو ما نفتقده الآن.

مختتمة: كل الكلام لن يفي سمير فريد حقه ولن ينساه الجمهور والنقاد.

أما الناقدة ماجدة موريس فتقول: عندما عملنا معاًَ، أسس وقتها سمير فريد جريدة السينما، التي عمل بها عدد كبير من النقاد السينمائيين وأذكر أن سمير فريد عند توجهه لمهرجان كان أو برلين كان يستقى خبرات كبيرة، عن كل ما يدور هناك ليقدمها لنا وينقلها إلى قرائه. وتضيف: اتسم بثقافة سينمائية واسعة، وفى إدارته لمهرجانات القاهرة والاسماعيلية وسينما الطفل، كانت له بصمة فريدة فى الاستعانة بالشباب إيماناً منه بقدراتهم المختلفة، كان يكتب كتابا دوريا عن اهم الافلام فى العالم ، كما كتب كتابا مهما عن شكسبير فى السينما.. رحل سمير فريد لكن انتاجه لا يمكن أن يرحل وسيبقى دائما لان الجهد الذى قدمه وحبه السينما ترجمها لتعليم وبرامج وكتب وهذه الأشياء لا ترحل برحيل صاحبها.

لا يدخل في صراعات صغيرة

فيما يتحدث الناقد هاشم النحاس عن صديقه سمير فريد ويقول: عندما تولى رئاسة مهرجان القاهرة الدولى منذ عامين استطاع ان يحوله الى مهرجان دولى بحق، سواء من ناحية اختار لجنة تحكيم او اختيار الافلام، واضاف أوجهاً جديدة من النشاط الثقافى وخلق تعاونا بين المهرجان والنشاط الاهلي وأسند لجمعية النقاد تنظيم اسبوع خاص بهم داخل المهرجان العام، يمنحون فيه جائزة لأفضل الافلام التى تم اختيارها ونظرا لتشعب علاقاته بالنقاد العرب دعا مجموعة منهم الى المهرجان، فقام بتوسيع دعواته للنقاد العرب. وقد ترك كتابا جمع فيه اوراقاً بحثية عن السينما بشكل عام اسمه «تاريخ السينما».

وتحدث النحاس عن سمير فريد الإنسان فقال: كان انيقا فى ملبسه وفى اخلاقه كذلك، لا يدخل فى صراعات صغيرة أبدا، يعتز بقلمه بشكل كبير، كان يحترم نفسه ويحترم الآخرين واذكر اننى اختلفت معه كثيرا لكن هذا الاختلاف لم يؤد أبدا الى انقطاع العلاقة بيننا لأن كل منا كان يحترم رأى الاخر وان جاء مخالفا وهذا لا يمنع انه كان يغضب احيانا.

الكتابة عن المرأة في السينما

والدكتورة ماجدة واصف مديرة مهرجان القاهرة السينمائي أكدت مدى الحزن الذى انتابها أثناء توديعه فى جنازته إلى مثواه الأخير بعد أن جمعتهما صداقة كبيرة ، وعلاقة طيبة على المستوىين الإنساني والمهني. وأضافت: كانت نسبة كبيرة من كتب سمير فريد عبارة عن تجميع مقالاته عن السينما، وأكثر ما استهواني هو تطرقه فى كتبه للمرأة فى السينما، وكذلك ربطه بين الربيع العربي والسينما فى كتاب استعرضه فى مهرجان القاهرة السينمائي أثناء رئاستي له، فقد جاء إلى المهرجان وحرص على التواجد رغم مرضه، فهو تاريخ طويل من العطاء ما يقرب من نصف قرن، ورصد تاريخ السينما فى كل حقبة وكتب عنها، كان يشجع التجارب الجديدة، وله تأثير ليس فى مصر فقط بل في العالم العربي كله.

اسمه مرادف للمهنة

الناقد طارق الشناوي يرى أن اسمه عند كثيرين ممن يمارسون النقد السينمائى فى العالم العربى أصبح مرادفاً للمهنة، فهو أحد أهم النقاد فى الساحة ممن يتعاطون مع الكلمة المطبوعة على مدار خمسة عقود من الزمان وبغزارة ودأب وإصرار وتحد، كان أحد أهم الفاعلين فى الحياة السينمائية، من خلال مشاركته فى اللجان ورئاسته لبعضها وإقامته عدداً من المهرجانات، كان مدافعا شرسا عن الحرية والتى يراها حقاً للجميع، وليس فقط ممن يتوافقون معه فكريا أو سياسيا، لم أضبطه يوما صامتا أمام أى اعتداء لكبت الآراء يمارس على الفنانين أو الكتاب والصحفيين. ولكن لم يحدث أن امتد الاختلاف فى وجهات النظر إلى خلاف شخصى، على العكس تماما عندما نلتقى، خاصة خارج مصر لا يتبقى سوى الدفء.

ويضيف: سمير بين النقاد هو الأكثر إخلاصا للمهنة، ولم يضبط يوما متوجها نحو الشاشة الصغيرة فى رمضان، مثل أغلب النقاد، وأنا منهم، نهجر السينما تماشيا مع رغبات القراء فى هذا الشهر الكريم، وهكذا نتحول إلى كائنات تليفزيونية نتابع الدراما ونملأ المساحات المتاحة بتلك المادة التليفزيونية المطلوبة صحفيا. لكنه يعتبر هذا الشهر فرصة لكى يلتقط أنفاسه ويعيد شحن بطارية أفكاره، ليظل محتفظا بإيقاعه السينمائى، ولا يمارس فعل الخيانة مع التليفزيون.

تقابلنا أكثر من مرة لمتابعة الرسائل من المهرجانات معا مثل (برلين) و(كان)، أتذكر الفيلم اللبنانى (ربيع)، كان معروضا فى (كان) مايو الماضى بقسم (أسبوع النقاد)، كان سمير قد سبقنى فى الدخول لدار العرض، كما أنه يحمل الكارنيه (الأبيض)، وهو الناقد العربى الوحيد الذى يحمله، والذى يوفر له التواجد فى كل الأفلام، مهما كانت موجات الازدحام، رغم ذلك وجدته ينتظرنى على الباب، حتى نشاهد الفيلم معاً، وهذه الدورة فى برلين التقينا، فى الفيلم البلجيكى (انسرياتيد) الذى كان معروضا فى سينما (ماكس7)، وقبلته مهنئاً بالجائزة، ويقينى أن (كاميرا البرينالى) فى مهرجان برلين، التى حصل عليها، بداية لرحلة عطاء قادمة رائعة يملؤها بقلمه إبداعاً.

    الاكثر قراءة