قال الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، إن مستقبل تلك الأمة ودورها الحضاري المقدر لها يصنع وفق إرادة الله تعالى، وأن صناعته تتطلب إيمانا حقيقيا من أفراد تلك الأمة بأنهم يمتلكون القدرة والإبداع الذي يؤهلهم لتلك المهمة الجليلة، مشيرا إلى أن الرسالات السماوية جميعا اهتمت في المقام الأول ببناء الإنسان، وتطويره وتأهيله لخلافة الله في الأرض، وأولت الشريعة عنايتها البالغة ببناء هذا الإنسان، بوصفه ركيزة الحضارة وأساس عملية النهضة والتنمية وسعت إلى تشييد هذا البنيان الإنساني على قواعد ثابتة مستقرة.
وأضاف مفتي الجمهورية - خلال كلمته بمؤتمر كلية أصول الدين، بجامعة الأزهر، اليوم السبت حول "بناء الإنسان في التصور الإسلامي.. بين الواقع والمأمول"، برعاية فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر- أن تحقيق المقاصد التي أسستها الشريعة تتطلب إرادة حقيقية للإصلاح والبناء، وتسخير طاقات الأمة في بناء المجتمع وتتكامل فيها أدوار المؤسسات الرسمية والجهود الفردية لصياغة وبناء إنسان متكامل نفسيا وأخلاقيا وجِسمانيا ودينيا.
وأوضح أنه من شروط بناء الإنسان في الإسلام أن يكون مرتبطا بتراثه العريق الذي يحفظ له هويته الثقافية والحضارية فضلا عن كونه أحد المكونات البنائية للشخصية المسلمة، مؤكدا دور الأزهر الشريف المحوري في حفظ التراث والهوية الإسلامية الخالصة وممارسة دوره التنويري الرائد بذات الكفاءة والفعالية التي يمارس فيها دوره كصمام أمان للأصالة الإسلامية، فهو يضطلع برسالته السامية في بناء إنسان يحمل بين مكوناته الأصالة والتنوير والمعاصرة.
وتابع علام أن الإسلام يسعى إلى بناء إنسان متعلم لأن العلم هو الضامن الحقيقي لإعادة صياغة الشخصية وتطويرها، مؤكدا أن تطوير التعليم الحقيقي الذي نسعى إليه ليس في تلك الإحصائيات أو المعادلات التي تسعى للمقاربة بين سوق العمل واحتياجات ذلك السوق وبين نسب الخريجين وتخصصاتهم، وإنما في وضع البعد التنموي والثقافي واستشراف الحاجات المستقبلية للأمة والعمل على تطوير المنظومة عن طريق مراجعة المناهج الحالية لتلبية الاحتياجات المستقبلية سواء كانت الوطنية أو الدولية، دون إغفال تصميم برامج مخصصة لتلائم احتياجات سوق العمل في المستقبل.
وأشار إلى ضرورة إيجاد صيغ تعاون مشتركة بين القطاعات الصناعية والتجارية المميزة وبين المنظومة التعليمية مما من شأنه أن يعزز من قيمة الابتكار التعليمي ويزيد من فرص وجوده، موضحا أن الشخصية المسلمة التي نستهدف الوصول إليها هي أن تكون قادرة على مواجهة التطور العلمي والمعلوماتي بآلة فكرية قادرة على مراجعة تلك المعارف والمعلومات وتحديد مدى صلاحيتها وصحتها، وإعادة النظر فيها مقارنة بأفكار المسلم وقناعاته.