أعلنت مبادرة "أمان" لمناهضة التحرش الجنسي عن احتجابها وتجميد أي أنشطة توعوية لها ميدانياً من الأن وحتي إشعار أخر، بسبب التعامل غير اللائق وغير المفهوم من قبل السلطات المصرية مع المبادرات والمنظمات غير الحكومية المعنية بمناهضة جرائم التحرش والعنف الجنسي تجاه النساء والفتيات في مصر.
وأضافت المبادرة في تقريرها، اليوم الأحد، :”فمنذ نهاية عام 2014والمجموعات والمبادرات المناهضة للتحرش الجنسي تتعرض للضغوط والتضييق الأمني علي تواجدها الميداني أثناء مباشرة أعمال التوعية والتدخل والرصد لتلك الجرائم ، وشهد عام 2015 منع غالبية المبادرات عن العمل الميداني خلال عطلات عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد الربيع ، وجاء عام 2016 لنشهد منع وتضييق علي جميع المبادرات التي تعمل ميدانيا في العطلات والمناسبات الدينية والاجتماعية للتصدي لمرتكبي جرائم التحرش الجنسي ، وتوفير الدعم القانوني والنفسي للمتعرضات للعنف الجنسي ، ما يؤكد علي أن الأجهزة الأمنية والسلطات التنفيذية لا ترغب في بقاء تلك المبادرات المدنية التي أخذت علي عاتقها الحد من جرائم التحرش الجنسي وقامت بممارسة الضغط السلمي علي الحكومات المتعاقبة من بعد ثورة يناير 2011 ، ما اسفر عن إنشاء شرطة نسائية ، ومن ثم قوات نظامية تتبع وزارة الداخلية لمكافحة العنف ضد المرأة ، وإقرار تعديلات بقانون العقوبات ليتضمن لأول مرة في البنية التشريعية الوطنية مصطلح (التحرش الجنسي) في عهد الرئيس السابق المستشار عدلي منصور ، ولا يمكن أن ننكر الأدوار الهامة التي لعبتها تلك المبادرات والمنظمات غير الحكومية في الضغط علي رؤسات الجامعات الحكومية ما دفع البعض لتبني سياسات دائمة علي مستوي جامعات كثر من شأنها مكافحة التحرش ومناهضة العنف ضد المرأة ، ونظراً لما شهدته البلاد مؤخراً في نهاية شهر مارس الماضي من واقعة اعتداء جنسي جماعي بمحافظة الشرقية شمال مصر ، هذه الحادثة التي أعادت إلي الأذهان مشاهد الاعتداءات الجنسية الجماعية التي شهدتها ميادين التحرير من أكتوبر 2012 وحتي يونيه2014التي بلغت قرابه 500 واقعة دون محاسبة أو معاقبة لأحد الجناة أو المحرضين أو المتورطين بل لم تقم السلطات بإجراء أي تحقيقات جادة في هذا السياق ما حقق الأمان للمجرمين ، وأسقط القانون والعدل في أعين الناجيات من العنف وذويهم”.
وأوضحت المبادرة:”أمام كل ما سبق نجد أنفسنا أمام ممثلين للشرطة المصرية يعبرون عن كل المعاني الرجعية ويجسدون بشكل واقعي السلطة الأبوية والذكورية في أغلظ صورها حين صرح اللواء إيهاب مخلوف مدير إدارة مكافحة جرائم العنف ضد المرأة في عام 2015 حيث دعا النساء والفتيات إلي " الابتعاد عن الملابس الصارخة التي تثير حماس الشباب " ، تلك التصريحات التي أسقطت ورقة التوت عن عقلية وعقيدة قائد القوات الشرطية المنوط به مناهضة التحرش والعنف ضد المرأة حيث يري أن وقائع التحرش والاعتداءات الجنسية ماهي إلا " حماس شباب " ليس إلا ، ولعل هذه التصريحات لم تكن كاشفة عقيدة وفكرة هذا القائد الشرطي فحسب ، بل جاءت أخواتها لتكمل وتؤكد وتشدد علي أن وزارة الداخلية تحمل في وجدانها النظرة الدونية للنساء بلا أي مزايدة أو ادعاءات ، حيث أصدرت مديرية أمن الشرقية بياناً في مارس الماضي تعقيباً علي تعرض إحدى الفتيات لواقعة اعتداء جنسي جماعي بمدينة الزقازيق حيث جاء في البيان الرسمي أن " الفتاة كانت ترتدي ملابس قصيرة جداً أمام أحد المقاهي فتجمع عليها الشباب محاولين التحرش " في تبرير سافر للمتحرشين ، وتحميل الناجية من الاعتداء المسؤولية ، متخذين من حريتها الشخصية وحقها في الحياة الآمنة مدخلاً للنيل من حقوقها المشروعة ، وإعادة إنتاج الأفكار الرجعية والظلامية المحطة من قدر وشأن النساء”.
وتضيف المبادرة:” لا نجد متسعاً للعمل ولا مجالاً ملائماً لنشر التوعية ، بل إننا أمام مواقف خطابات رسمية تحرض ضد النساء والفتيات ، وتخلق المبررات للمتحرشين ، وتعيق أعمال المبادرات والمنظمات غير الحكومية المناهضة للعنف الجنسي”
لذا تطالب مبادرة " أمان " لمناهضة التحرش الجنسي، بعدة توصيات بما يلى :
1-تدعو مبادرة " أمان " جميع النساء والفتيات للتمسك بحقوقهن المشروعة والإنسانية ، وأن الأمان لهن حق ، وحرية أجسادهن حق ، والتمتع بالمجال العام حق ، والحياة الأمنه في المجال الخاص حق ، وأن النضال للتمتع بحياتهن حق.
2-ندعوا جميع أفراد المجتمع إلي دعم الناجيات من العنف الجنسي ، والتصدي لمرتكبي جرائم التحرش والاعتداءات الجنسية ، وضرورة تغليب دولة القانون في جميع الوقائع ، وعدم التعاطف مع مرتكبي تلك الجرائم أو إيجاد مبررات لهم.
3-ندعوا جميع المبادرات والمنظمات المعنية بمناهضة العنف الجنسي عن الاحتجاب عن الأعمال الميدانية ، والاكتفاء بتقديم وتوفير الدعم النفسي والقانوني للمتعرضات للعنف الجنسي.
4-نطالب وزارة الداخلية المصرية في إعادة النظر بشكل جدي في ماهي وتشكيل وجدوي إدارة متابعة جرائم العنف ضد المرأة بقطاع حقوق الإنسان بوزارة الداخلية ، وكذلك شرطة مكافحة العنف ضد المرأة ، والعمل علي تأهيل جميع من في هذه الإدارات وفقاً للأدبيات الأممية والمواثيق والاتفاقات الخاصة بحقوق المرأة ، وإعادة هيكلة تلك القطاعات لما يتناسب مع تحقيق معايير المساواة بين الجنسين.
5-ندعوا وسائل الإعلام علي اختلاف تنوعها وتوجهاتها إلي التناول اللائق لقضايا العنف الجنسي بشكل خاص والعنف ضد المرأة بشكل عام طوال الوقت ، وليس موسمياً وفقاً لميثاق الشرف الصحفي والإعلامي ، والالتزام الكامل بحق الناجيات من العنف في الحفاظ علي سرية بياناتهن ، وعدم اقتحام حياتهن الشخصية أو تعريضهن للتشهير ، واحترام رغباتهن وحقوقهن في الظهور الإعلامي من عدمه.